المنامة – بعد 13 شهراً على انطلاقها لا يبدو أن “الثورة البحرينية” تتجه الى التخلي عن حراكها السلمي رغم التغطية الإعلامية الخجولة والقمع الأمني المجهز بأحدث وسائل السيطرة على التظاهرات. فالأسبوع الماضي غصت شوارع العاصمة البحرينية بالمتظاهرين، تلبية للنداء الذي أطلقه المرجع الشيعي الأعلى في البحرين، الشيخ عيسى قاسم، للرد على ملك البحرين، الذي وصف المعارضة بأنها “شرذمة قليلة”.
وتفاوتت تقديرات التظاهرة بين 100 وأكثر من300 ألف وهو ما يشكل نسبة قياسية مقارنة مع التظاهرات التي تعم البلدان العربية في إطار ما يسمى ”الربيع العربي”. ولكن ما أجمع المراقبون عليه هو أنها التظاهرة الأضخم في تاريخ البلاد وقد شاركت بها مختلف القوى المعارضة الإسلامية والقومية واليسارية، ورفعت شعارات تراوحت بين المطالبة بالإصلاحات والملكية الدستورية والدعوة لإسقاط النظام و”رفض الحوار مع القتلة”.
وقال الناشط نبيل رجب الذي يرأس مركز البحرين لحقوق الإنسان ان تظاهرة الجمعة الماضي، “هي إحدى أكبر التظاهرات في السنوات الأخيرة” في المملكة. وأضاف ان المتظاهرين الذين تظاهروا استجابة لدعوات عيسى قاسم إضافة إلى الجمعيات السياسية وبينها بالخصوص جمعية “الوفاق”، جابوا جادة كبيرة في العاصمة بلا حوادث. وتابع قائلا “إن قسما من المتظاهرين حاول الوصول الى دوار اللؤلؤة لكن الشرطة فرقتهم مستخدمة قنابل الغاز المسيل للدموع”. وكانت السلطات أزالت منحوتة من دوار اللؤلؤة الذي كان شكل قلب الاحتجاجات الربيع الماضي وذلك بعيد قمع التحرك الشعبي بمساعدة الجيش السعودي. وبحسب رجب فإن المتظاهرين أعادوا ترديد المطالب التقليدية للمعارضة وبينها حكومة منتخبة علاوة على مطالب إصلاحية اخرى. كما قال ناشط إن العديد من الشعارات التي رفعت خلال المسيرة مثل “لا حوار مع القتلة” رفعها ناشطون من “ائتلاف شباب 14 فبراير”، المنفصل عن المعارضة السياسية والذي حدّد أهدافه في وثيقة عرفت بـ”ميثاق اللؤلؤة” الذي يدعو إلى إسقاط النظام.
وقال مصور من وكالة “رويترز” إن الطريق السريع في منطقة الدراز وسار غربي المنامة اكتظ بالناس قبل ساعة من الموعد المقرر لبدء الاحتجاج. وأضاف “إنها أكبر تظاهرة على مدى العام الماضي… أقول إن العدد قد يكون أكبر من 100 ألف”.
وأصدرت القوى المعارضة في ختام المسيرة عند دوار الحرية في قرية المقشع بيانا توجهت فيه أولا إلى “شركائنا في الوطن” بالقول “أحبتنا في الوطن… في الوقت الذي نرفض أن تكون الدكتاتورية نظام حكم لبلادنا، فإننا نفتح قلوبنا وعقولنا ونمد أيدينا لكم من أجل التلاقي على ما يحفظ مصلحة بلدنا ويرسم الأمل لمستقبل أبنائنا”. وتوجهت المعارضة إلى السلطة بالقول “إن هذا الحضور التاريخي يبعث برسالة واضحة وهي أن الشعب لن يتراجع عن الحراك المطلبي والتواجد في الساحات والميادين حتى تحقيق هذا الحق الطبيعي والثابت في أن تكون إرادة الشعب البحريني بأكمله، وليس القبيلة أو الطائفة أو العرق، هي مركز النظام السياسي ومرجعيته”، وأضافت “إننا ندعو السلطة إلى الاستماع إلى صوت الشعب والاستجابة الفورية له، وتوفير المعاناة غير اللازمة على نفسها وعلى الوطن والمواطنين، وإقرار حل سياسي شامل ينبع من الشعب ويوافق عليه الشعب بصورة ديموقراطية حقيقية، يخلق الاستقرار الدائم ويطلق عجلة التنمية المستدامة”.
أما من المجتمع الدولي فطلبت المعارضة “أن ينظر المجتمع الدولي والدول النافذة فيه إلى مطالب شعب البحرين العادلة بالنظرة نفسها التي نظر فيها إلى ثورات الربيع العربي الأخرى، وأن يكيل بالمكاييل نفسها التي كال بها مطالب الشعوب العربية الشقيقة الأخرى، والتي وقف المجتمع الدولي فيها موقفاً واضحاً، كان مركزه ومرجعيته في أن الشعب مصدر الشرعية وأن الحكومات التي تقمع شعوبها تفقد شرعية استمرارها، وهذا ما ينظر به معظم البحرينيين إلى الحكومة القائمة، فهي حكومة قهر وتسلط ودكتاتورية ولا تملك أي شرعية شعبية..”.
أما السلطات الملكية فأصدرت بيانا أشادت فيه بمسيرة المعارضة وبتجمع صغير ضم مئات الموالين للسلطة تحت عنوان “تجمع الفاتح”، على أنهما “إشارتان إلى نضج الديموقراطية”!، وقالت “أحداث تجمع الفاتح وتجمع المحافظة الشمالية هما مصدر لفخر البحرينيين كنموذج للتصرف الديموقراطي الصحيح”.
Leave a Reply