طرابلس الغرب – في ليبيا، حدث ما لم يكن يتوقعه المراقبون، فرغم حالة التعتيم الإعلامي والاعتقالات وتعليقات رأس النظام السلبية على الثورتين المصرية والتونسية واستبعاد وصولها الى ”الجماهيرية”، اتسع خلال الأسبوع الماضي نطاق الاحتجاجات الشعبية في ليبيا التي دعت لها قوى معارضة ونشطاء عبر الإنترنت لما سموه “يوم الغضب” أو “انتفاضة 17 فبراير” من مدينة البيضاء شرقا وحتى مدينة الزنتان غربا، حيث اندلعت اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن مما أوقع ضحايا في كل من البيضاء وبنغازي بعد تشييع قتلى، ورغم أن العاصمة طرابلس الغرب لم تشهد تحركات احتجاجية إلا أن نظام معمر القذافي الذي يحكم البلاد منذ ٤١ عاماً، لم يجد غير القمع للحد من الحركة الثورية في بلد محاصر من ثورتين (تونس ومصر).
ووقعت اشتباكات واسعة الخميس الماضي في البيضاء شرقي بنغازي بين قوات الأمن ومتظاهرين عقب تشييع جنازتي قتيلين سقطوا في المدينة الأربعاء الماضي مما أوقع ثلاثة قتلى جدد وأربعة جرحى وفق ما ذكر شهود عيان في ظل تعتيم إعلامي بعدما اعتقلت السلطات عددا من الصحفيين والكتاب والأدباء يمنع من تحديد أعداد الضحايا الذين يتساقطون يومياً.
وشارك في مسيرة الخميس الماضي نحو عشرة آلاف شخص يرددون هتافات تطالب بإسقاط النظام الليبي، مشيرا إلى أن الجموع خرجت في مسيرة عقب التشييع من المقبرة رغم منع قوات الأمن لها.
من جانبه قال الداعية أحمد الدايخ من مدينة البيضاء إن قوات الأمن أطلقت الرصاص الحي على مسيرة شارك فيها أكثر من أربعة آلاف شخص وانطلقت عقب التشييع من مسجد عثمان بن عفان بالمدينة مما أوقع سبع إصابات جديدة لا يعرف ما إن كان بعضها فارق الحياة، مشيرا إلى أن المواجهات ما زالت مستمرة.
وفي مدينة بنغازي، مهد الثورة الشعبية الليبية، أفادت مصادر لوكالات الأنباء بأن مظاهرات كبيرة بالآلاف انطلقت بعد في ميدان سوق الحوت بالقرب من ميدان البلدية وسط بنغازي القديمة، موضحة أن المتظاهرين سيتجهون إلى ميدان الشجرة الذي يعد من أهم ميادين المدينة ويتفرع عنه عدد من الشوارع المهمة.
وأشارت تلك المصادر إلى وجود أنباء عن سقوط ستة قتلى في مواجهات بنغازي حيث أطلق مؤيدو النظام الليبي بلباس مدني (البلطجية) الرصاص الحي على المتظاهرين في شارع جمال عبد الناصر وكذلك في شارع عمرو بن العاص وسط المدينة.
وفي مدينة أجدابيا بضواحي غرب بنغازي قال الصحفي منصور عاطي “للجزيرة” إن أربعة قتلى وجريح سقطوا في اشتباكات بين المتظاهرين ورجال الحرس الثوري بعدما تمكن المحتجون من إحراق مبان حكومية هي مبنى أمانة المؤتمر الشعبي والأمن الداخلي والمثابة الثورية ومقر التوجيه الثوري.
وأشار إلى أن قوات الحرس الثوري أطلقت الرصاص الحي على المحتجين، وفي السياق ذكرت مصادر لموقع “الجزيرة نت” أن المتظاهرين قاموا بتمزيق الصورة الكبيرة للزعيم الليبي معمر القذافي وسط المدينة. كما خرجت أعداد كبيرة من المتظاهرين في مدينة درنة شرقي بنغازي تخللها أعمال حرق لمقار ومطالبة بإسقاط النظام الليبي. واحتجاجات مماثلة في مدينة شحات.
وخرجت مظاهرات في مدينة الزنتان جنوب طرابلس العاصمة وأحرق المتظاهرون مقر اللجان الثورية، ومركزا للشرطة ومقرا للأمن الداخلي.
وفي بداية المظاهرات ردد المتظاهرون شعارات للمطالبة بمزيد من الحريات والحقوق، غير أن سقف مطالبهم ارتفع لاحقا إلى المطالبة بإسقاط النظام، وذلك في أعقاب القسوة التي قابلت بها الشرطة المتظاهرين، وتغاضيها عن تهجم عناصر اللجان الثورية المسلحين بالسلاح الأبيض و”البلطات” على المتظاهرين. وتخلل أعمال العنف قيام المتظاهرين بإحراق مركز للشرطة وسيارات تابعة لها، عدا عن إحراق صور القذافي.
اعتقالات بالجملة
وقد عمدت السلطات الليبية، منذ عدة أيام، ومنذ دعوة نشطاء الإنترنت للتظاهر بمناسبة الذكرى السادسة لانتفاضة بنغازي 2005، إلى اعتقال عشرات النشطاء المعارضين والأدباء والصحفيين، والشباب لمنعهم من المشاركة في التظاهرات، كما لجأت إلى قطع خدمة الإنترنت عن أجزاء في المنطقة الغربية من البلاد منعاً لوصول أخبار الثورة المشتعلة في الشرق.
وقد نددت منظمات حقوقية بحملة الاعتقالات، ودعت السلطات الليبية للإفراج عن المعتقلين، وتجنب اللجوء للعنف معهم.
كما أدان الداعية الإسلامي الليبي علي الصلابي استعمال العنف مع المتظاهرين وقال “أحمّل الدولة المسؤولية الكاملة عن الحفاظ على دماء وأموال وأعراض مواطنيها، وأحذرهم من غضب الله تعالى من قتل النفوس بغير حق مع الإصرار والتعمد”.
وفي الوقت الذي واصل فيه التلفزيون الليبي الرسمي بث صور مظاهرات مؤيدة للقذافي ومنددة بقناة “الجزيرة”، وزعت شركة الهواتف الخلوية “ليبيانا” على المشتركين رسائل تهديد “لكل من تسول له نفسه المساس بالخطوط الحمر الأربعة” -التي تحدث عنها سيف الإسلام نجل الزعيم الليبي معمر القذافي في آب (أغسطس) 2007- “وهي: القذافي الأب، والدين الإسلامي، وأمن الدولة، والوحدة الوطنية”.
Leave a Reply