ديترويت – «صدى الوطن»
تواصلت ردود الفعل المستنكرة لاغتيال الكاتب الأردني ناهض حتّر الأحد الماضي عندما كان يهم بدخول قصر العدل في عمان لحضور جلسة محاكمته بسبب رسم كاريكاتوري أعاد نشره عبر مواقع التواصل الاجتماعي واعتبر انه «يمس الذات الالهية».
حتّر جثة هامدة أمام قصر العدل في عمان |
وكان حتّر قد حذف المنشور من صفحته بعد أن أكد أن الرسم «يسخر من الإرهابيين وتصوّرهم للرب والجنة، ولا يمسّ الذات الإلهية من قريب أو بعيد، بل هو تنزيه لمفهوم الألوهة عما يروّجه الإرهابيون».
ووسط تواجد أمني كثيف شيّع الآلاف في بلدة الفحيص (شمال غرب عمان) الأربعاء الماضي، جثمان حتّر ملفوفاً بالعلم الأردني، ونقل بسيارة سوداء مليئة بالورود تحمل صورته أولاً الى منزله في منطقة جبل اللويبدة وسط عمان ثم الى كنيسة اللاتين في الفحيص مسقط رأسه، حيث أقيمت صلاة الجنازة.
محتجون يرفعون صور حتّر في عمان |
وكانت عائلة حتّر قد رفضت استلام جثمانه خلال الأيام الثلاثة الماضية، وطالبت باستقالة رئيس الوزراء ووزير الداخلية، وهو مطلب لم يتم الاستجابة له.
وباسم الجالية الأردنية في ولاية ميشيغن، أصدرت «الجمعية الأردنية الأميركية» بيانا يدين بأقسى العبارات اغتيال حتر.
واستنكر البيان جريمة القتل النكراء «التي تعد الأولى من نوعها منذ العام 1971» معتبراً إياها «استهدافاً للأردن ووحدته الوطنية وتضرب بعرض الحائط سلطة الدولة والقضاء».
وقال البيان: بقلوب يعتصرها الألم، استقبل أبناء الوطن صبيحة هذا اليوم خبر العمل الإرهابي الجبان الذي اغتال صوتاً حراً وقلماً حاداً من أقلام وطننا الحبيب، وإننا إذ يعتصرنا الألم فإننا نستنكر بشدة وحزم هذه الجريمة النكراء التي استهدفت الكاتب الصحفي ناهض حتر وأودت بحياته أمام قصر العدل، رصاصات غدرٍ أودت بحياة ناهض وأصابت العدل بمقتل أمام قصره المشيد.
وأضاف أن «الأردن أكبر وأقوى من كل محاولات القوى الظلامية والتكفيرية لإثارة النعرات الطائفية والدينية، وإننا لنؤكد اليوم أن ناهض يسير مرفوع الرأس والقامة مع كواكب من قدموا للوطن دماءهم كوصفي وهزاع ومعاذ وغيرهم، وعلى النقيض، فيسير خصومه السياسيون وحلفاؤهم التكفيريون إلى مزابل التاريخ».
وشدد البيان على أن «الأردن، دولةً ومؤسساتٍ وأفراداً، بكافة قواه الوطنية الشريفة، ليقف عند المحك، فإما أن نكون مع الحق أو مع الظلام والإرهاب، لا توجد منطقة وسطى كما أكد ويُؤكد سيد البلاد، جلالة الملك المفدى».
كما دعا البيان السلطات الأردنية إلى الضرب بيد من حديد «لقصم ظهر الإرهاب وتجفيف منابعه»، مؤكداً في الوقت نفسه على ضمان الحريات الشخصية وحرية المعتقد.
وختم البيان بالقول «نعم لأجهزتنا الأمنية وغربلة مناهج التعليم من شوائب التعصب والتطرف».
وقد طالب محتجون أردنيون باستقالة الحكومة الأردنية لفشلها في حماية حتر الذي قتل في وضح النهار في عاصمة تحظى بمرتبة عالية من حيث نسبة الأمن وكفاءة أفراده.
عائلة حتر اتهمت الحكومة بالتقاعس عن توفير الحماية له بعد خروجه من السجن بكفالة على ذمّة القضية، وقال شقيقه خالد حتر إن رئيس الوزراء هاني الملقي على الأقل يجب أن تتم إقالته.
ولكن دعوات عائلة الفقيد لم تلق أذاناً صاغية، حيث أدّت الحكومة الأردنية الجديدة، التي تضم 29 وزيراً برئاسة هاني الملقي، اليمين الدستورية، أمام الملك الأردني عبد الله الثاني، فيما لم يتغير وزير الداخلية سلامة حماد، الذي طالبت عائلة المغدور ناهض حتر بإقالته.
وأعاد ملك الأردن في يوم الاغتيال، تكليف الملقي (64 عاماً) بتشكيل حكومة جديدة، خلفاً للحكومة التي استقالت في أعقاب الانتخابات النيابية التي جرت الثلاثاء الماضي، وهو التكليف الذي أشعل غضب عائلة حتر والمتضامنين معها، الذين حمّلوا في اليوم التالي، خلال اعتصام أمام دار رئاسة الوزراء في عمّان، الملقي، المسؤولية المباشرة عن اغتيال حتر، وطالبوا بإقالة حكومته. وقالت منظمة العفو الدولية من جانبها إن القتل «هجوم مؤسف على حرية التعبير» وطالبت الأردن بتغيير القوانين التي تحد من حرية الرأي والتعبير.
وفي مصر، دان الأزهر الشريف مقتل الكاتب الأردني في بيان رسمي صدر الاثنين الماضي.
وقال الأزهر في بيانه «إن إقدام البعض على القتل وإزهاق النفس خارج إطار القضاء وحكم القانون مرفوض تمامًا وغير مُجاز في شريعة الإسلام التي تنص على أن الحاكم أو مَن يُنيبه هو المنوط بتطبيق الأحكام التي تصدر من المؤسسات القضائية».
نبذة
ولد ناهض حتّر في الأردن عام 1960. لعائلة مسيحيّة، وأصبح أحد ناشطي الحزب الشيوعي الأردني، ثم ناشطاً في التيار اليساري عموماً، قبل أن يُصبح أحد الكتّاب العرب المشهورين.
درس في الجامعة الأردنية، قسم الاجتماع والفلسفة، وحصل على شهادة الماجستير في فلسفة الفكر السلفي المعاصر.
أوقف عن الكتابة في الصحافة الأردنية عام 2008. كتب لاحقاً في «الأخبار» اللبنانية إلى عام 2015 وعرف بمواقفه الداعمة للدولة السورية وانتقاده لما أطلق عليه «الربيع العربي».
سجن أكثر من مرة، أطولها كان في الأعوام 77 و79 و96، إلى أن غادر بلاده وأقام مدة في لبنان.
له مؤلفات أبرزها «دراسات في فلسفة حركة التحرر الوطني»، و«في نقد الليبرالية الجديدة، الليبرالية ضد الديمقراطية»، و«المقاومة اللبنانية تقرع أبواب التاريخ»، و«الملك حسين بقلم يساري أردني»، و«العراق ومأزق المشروع الإمبراطوري الأميركي».
Leave a Reply