ديربورن – عِشْتَ الأَمَرَّيْنِ مَظْلومَاً وَمُضْطَّهَدا
شَعْبَ العِراق، وَمَنْ ذا غَيْرَكَ اضْطُهِدا؟!
بهذه المقدمة الشعرية التي القاها الدكتور محمد حسين الطريحي، مدير «المركز الثقافي العراقي»، التابع للسفارة العراقية بواشنطن العاصمة، تم الأسبوع الماضي افتتاح الإحتفال الخاص بإحياء الذكرى الثانية والعشرين لانطلاقة «الانتفاضة الشعبانية» ضد النظام الديكتاتوري السابق في آذار (مارس) 1991.
وقد حضر الحفل الذي اقيم في قاعة «هنري فورد للفنون» السبت الماضي قرابة ٢٠٠ شخص من ابناء الجالية، بينهم القنصل العراقي العام في ديترويت، منهل الصافي، وبعض من أفراد السلك الديبلوماسي العراقي وممثل المرجع الديني الاعلى السيد على السيستاني، ونشطاء آخرون.
وفي سياق كلمته، أشار الدكتور الطريحي الى مأساة الشعب العراقي إبان الانتفاضة، حيث حاصرت قوات النظام القرى والمدن ومنعت من وصول المواد التموينية والمحروقات للمدنيين مما حدا بالبعض الى «حرق مئات مجلدات الكتب من المكتبات القيمة التي تمتد لألف عام في عمق التاريخ من اجل ايقاد النار لطبخ الطعام واتقاء برد الشتاء القارس».
وقال: «ان ثورة العشرين والانتفاضة الشعبانية المباركة، المتزامنة مع مذابح حلبجة الوحشية، شكلت اللبنة الاولى لبناء الدولة العراقية الحديثة». وقد كشف الطريحي النقاب عن مشروع يجري العمل به على قدم وساق لانشاء سلسلة متاحف «صدّام هولوكوست» ضد الشعب العراقي تكشف عن «وحشية وجرائم نظام البعث ضد الشعب العراقي على مدى أربعين عاماً»، حيث يتم السعي الى افتتاح متحف في كل محافظة من محافظات العراق الثمانية عشر اضافة الى أهم العواصم الدولية كلندن وباريس وواشنطن العاصمة.
بعد ذلك اعتلى المنصة السيّد وائل الزاملي احد القياديين المشاركين في الانتفاضة، حيث اكد في معرض كلمته، على خلو «الانتفاضة الشعبانية» من أي اجندات خارجية على عكس ثورات ما يسمى بـ«الربيع العربي» اليوم وهو ما «قصّر» عُمر الانتفاضة، على حد قوله.
كما شنَّ الزاملي هجوما عنيفا على كل مُدَّعٍ ينتسب للانتفاضة «للركوب على دماء الشهداء وتضحيات الابرياء لأجل منافع ذاتية ومصالح شخصية».
وفي حديثه عن معاناة اللاجئين العراقيين في السعودية بعد قمع الإنتفاضة، قال الزاملي «نحن نشكر الكرم السعودي، غير أننا ندين بعبارات شديدة اللهجة على الطريقة البدوية الجلفاء التي عوملنا بها من قبل قوات حرس الحدود السعودي، والطائفية المقيتة التي لا تفصح الا عن العقلية المتحجرة لدى هؤلاء، فلم يرحمونا على قساوة العيش في البيئة الصحراوية على الاراضي الممتدة بين العراق والسعودية» ولاسيما في مخيمات رفحاء.
وكان من ضمن الضيوف المتحدثين، الاستاذ مايكل فايي، البروفسور في دراسات الشرق الاوسط بـ«جامعة ميشيغن-آناربر»
حيث دعا فايي، الى انشاء عمل درامي ضخم لتوثيق احداث قمع الانتفاضة، باعتبارها «جريمة ضد الانسانية، لا فرق بينها وبين جرائم الهولوكوست اطلاقا». وقد تحدث فايي، عن علاقته الحميمة والوطيدة مع طلاب عراقيين كُثُر يدرسون في جامعة «ميشيغن- آناربر» وعن ابحاثه التي اجراها عن اسباب ومجريات انطلاق الانتفاضة ومن ثم قمعها.
بدورها، انتقدت السيدة زينب السويش، مسؤولة «المركز الاسلامي بواشنطن»، «الحضور النسوي الهزيل والمتواضع على الرغم من التضحيات الجسام التي بذلتها الام والزوجة العراقية لإنجاح الانتفاضة»، وشددت السويش على ضرورة نشر ثقافة التسامح وتقبل الآخر ونبذ الفكر التهميشي والإقصائي والإلغائي، «فقوة العراق تكمن في تنوع أطيافه» على حد تعبيرها.
وقد تضمن الحفل بعض المشاركات الشعرية بالفصحى والشعر الشعبي الدارج من شعراء عراقيين محليين. وقد اختتم الحفل برسالة موجهة من رئيس هيئة السجناء السياسيين في مجلس النواب العراقي الشيخ محمد الهنداوي، الذي أكد على ضرورة تعويض ضحايا الإنتفاضة جاء فيها: «ان المطالبة بالغاء قانون المُساءلة والعدالة والمادة الرابعة من قانون مكافحة الارهاب ماهو الا جريمة وخيانة عظمى بحق العراقيين جميعا، ونحن كممثلين عنكم، إذ نعدكم باستصدار قانون من مجلس النواب يضمن حقوقكم كسجناء ومتضررين من سياسات النظام البائد، لكن التاخير الذي طرأ على المسودتين الأولى والثانية للقانون كان بسبب تأخر وصوله من الأمانة العامة لمجلس الوزراء للموافقة والتهميش عليه، وقد تم تهيئة كافة الكتل والاحزاب المنضوية تحت التحالف الوطني للتصويت عليه في مدة اقصاها شهرين، ولا يوجد أي مانع قانوني أو دستوري من اقرار القانون بصرف التعويضات والمستحقات، بعد مراجعته وتدقيقه من قبل فقهاء القانون الدستوري في مجلس شورى الدولة».
Leave a Reply