شكلت نكبة ١٩٤٨ بداية لعقود طويلة من معاناة الفلسطينيين على يد الإحتلال الإسرائيلي، ولطالما مثلت هذه الذكرى الموجعة بعداً عاطفياً وسياسياً في وجدان العرب والمسلمين في جميع أنحاء العالم ومنهم الجالية في منطقة ديترويت التي دأبت على مر السنوات الماضية على تنظيم احتفالات إحياء للمناسبة، لكن هذا التقليد السنوي غاب عن المنطقة هذه السنة في ظل تضييق الخناق على الفلسطينيين وسط مبادرة قطرية قدمت باسم الجامعة العربية تتنازل عن حدود ١٩٦٧ وتفسح المجال لتبادل الأراضي بما فيها القدس المحتلة.
فقد مر تاريخ ١٥ أيار دون إقامة الإحتفال الذي اعتاد «مكتب فلسطين-ميشيغن» على تنظيمه سنوياً على مدى العشرين عاماً الماضية في ديربورن.
ببساطة، «لا تعليق»، كان هذا جواب حسن نعواش مدير المكتب عند سؤاله عن سبب إلغاء فعالية النكبة هذه السنة. فيما أكدت الناشطة الفلسطينية الدكتورة دعد قطاطو لـ«صدى الوطن» بأنّ نعواش كما العديد من الناشطين الاخرين يشعرون بخيبة الأمل بسبب عدم توفر الدعم المالي والسياسي لإحياء ذكرى النكبة لاسيما في العامين الماضيين ما تسبب بعجز القائمين على مواصلة الاحتفاء بالذكرى بسبب قلة الموارد والدعم المالي.
كما أن قطاطو غمزت من قناة الجالية معربةً عن خيبة أملها بتراجع نسبة الحضور عبر السنوات، وقالت «إن حضور ما يقرب من اربعمئة شخص احتفال العام الماضي، فيما تشهد حفلات العشاء الأخرى أعداداً أكبر يدفع للشعور بالخذلان».
ولكن قطاطو عادت وبررت عدم الحضور الكثيف بسبب الخوف «لأنّ الحديث عن النكبة يقود الى التساؤل حول شرعية قيام اسرائيل» وهو شبه خط أحمر في الشؤون العامة الأميركية، وأشارت كذلك الى ان اليوم الذي كان من المفترض أن يحيي فيه «مكتب فلسطين» الذكرى لهذا العام كانت اغلب قاعات الحفلات محجوزة لاقامة حفلات اخرى للجالية مما عسّر من مهمة المكتب وزاد التكلفة المالية.
وقرار إلغاء الحفل لهذا العام لم يكن مستبعداً، حيث سبق لنعواش أن اشتكى من الصعوبات المالية التي كان يعانيها المكتب معرباً عن قلقه حيال مصير الإحتفال، حيث قال في ذكرى العام الماضي :«سيكون هذا ربما آخر حفل لاحياء ذكرى النكبة لأن الأمور أصبحت فعلا صعبة جداً».
وأكدت قطاطو أن نعواش قال لها حينها إنه أصبح مثل الرجل الذي يحمل صخرة فوق تلة شديدة الانحدار، ولا يمكنه التخلي عنها لكنه يحتاج الى مزيد من الدعم والمساعدة حتى يوصلها الى القمة.
ورغم عدم اقامة ذكرى يوم النكبة هذه السنة فإن قطاطو تؤكد أن القضية الفلسطينية تبقى حاضرة على الساحة الأميركية معربةً عن تفاؤلها بالنشاطات الطلابية في الجامعات لاسيما في جامعة «وين ستايت» عبر نشطاء اتحاد «طلاب من اجل العدالة في فلسطين» التي تقيم فعاليات سنوية للتعريف بالقضية الفلسطينية وتسليط الضوء على معاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال.
وتؤكد قطاطو «إن الإستسلام ليس في القاموس الفلسطيني» مشيرة الى أن أبناءها «ولدوا هنا لكنهم مازالوا مرتبطين بفلسطين».
ومن جانبها، أكدت ميرنا حيدر العضو في «طلاب من اجل العدالة في فلسطين» أن الهدف من الفعاليات التي يقيمونها هو توعية الطلبة حول التمييز العنصري في فلسطين. «المشكلة أن لا احد يريد ان يتحدث عن النكبة.. لا الإعلام ولا ناشطو الجالية ولا حتى السياسيين ورجال الدين من العرب الأميركيين يرغبون في التحدث عن النكبة اليوم». وتعتقد حيدر أن اول خطوة يجب القيام بها هي تثقيف الناس لتجاوز حاجز الخوف غير المبرر من الوقوف الى جانب الفلسطينيين، «فنحن في الولايات المتحدة، وينبغي أن نكون قادرين على قول ما نريد بكل حرية».
وتضيف حيدر التي تنشط في فعاليات المنظمة الطلابية «بعد تجاوز حاجز الخوف ستتحقق الأمور الأخرى مثل تأثير لعبة الدومينو، فالمدرسون يعلمون طلابهم والطلاب يتحدثون الى أصدقائهم.. وهكذا».
والجدير بالذكر أن الاحتفال بذكرى النكبة هذا العام لم يتم بشكل واسع حتى في البلاد العربية هذه السنة، وانحصرت الفعاليات في بعض المناطق الفلسطينية وبعض مخيمات الشتات.
Leave a Reply