ديربورن
شهدت مدينة ديربورن خلال الأسبوع الماضي سلسلة فعاليات اجتماعية تخليداً لذكرى استشهاد خمسة أشخاص بينهم ثلاثة أطفال من عائلة واحدة إثر غارة إسرائيلية استهدفت مدينة بنت جبيل في جنوب لبنان يوم 21 أيلول (سبتمبر) الفائت.
وخيمت أجواء العزاء والحداد على الجالية اللبنانية في منطقة ديربورن التي تضم آلاف السكان المتحدرين من مدينة بنت جبيل، حيث أُقيمت وقفة تضامنية مع عائلات الضحايا أمام «مكتبة هنري فورد»، وكذلك إضاءة شموع تخليداً لأرواح الشهداء الخمسة أمام «المركز الإسلامي في أميركا» الذي شهد أيضاً إقامة «ذكرى أسبوع» حاشدة بحضور، مدير عام مديرية الأمن العام اللبناني اللواء حسن عزت شقير والقنصل العام اللبناني الجديد في ديترويت إبراهيم شرارة وحشد من المسؤولين والفعاليات المحلية.
وكانت مسيّرة إسرائيلية قد استهدفت في 21 سبتمبر الماضي– مركبة مدنية على مشارف بنت جبيل ما أسفر عن مقتل شادي صبحي شرارة (45 عاماً) وأبنائه الثلاثة: سيلين (10 أعوام) والتوأمين هادي وأسيل (18 شهراً)، وكذلك إصابة زوجته وابنته الكبرى (12 عاماً) بجروح خطيرة.
وقضى خلال الغارة الإسرائيلية أيضاً الشهيد محمد مروة الذي كان يقود دراجة نارية بجانب سيارة العائلة التي كانت تستكمل الإجراءات القانونية للهجرة إلى الولايات المتحدة، للالتحاق بأقاربهم في مدينة ديربورن التي يعيش فيها والد شادي شرارة وأشقاؤه الأربعة.
وخلال الوقفة التضامنية التي أقيمت يوم السبت الماضي أمام «مكتبة هنري فورد» بديربورن، رفع عشرات المتظاهرين الأعلام اللبنانية وصور الشهداء الخمسة الذين قضوا بسبب العدوان الإسرائيلي الذي يواصل –للعام الثاني على التوالي– استهداف المدنيين في عديد المناطق بجنوب وشرق البلاد رغم اتفاق وقف الأعمال العدائية بين لبنان ودولة الاحتلال.
وأوضح الزميل علي منصور بأن الوقفة التضامنية مع عائلتي شرارة ومروة تتزامن مع الذكرى السنوية الأولى للحرب الإسرائيلية على لبنان الذي خسر خلال الشهور المنصرمة «مئات القادة والشهداء والمدنيين الأبرياء في الجنوب والبقاع وباقي أرجاء البلاد»، معرباً عن أسفه لما أسماه بـ«تكالب الداخل والخارج على المجتمعات البقاعية والجنوبية» التي تركز عليها العدوان الإسرائيلي المستمر. وقال الكاتب الصحفي: «في هذه الحرب وامتداداتها، اجتمع العالم كله، بما فيه الداخل اللبناني، ضد هذه الفئة».
من جانبه، أدان ناشر «صدى الوطن» أسامة السبلاني الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على المدنيين في لبنان، موضحاً بأن مجزرة بنت جبيل الأخيرة تشكل دليلاً إضافياً على إجرام وإرهاب إسرائيل، مهيباً بالرئيس الأميركي دونالد ترامب الوفاء بوعوده التي قطعها للبنانيين بإحلال السلام خلال زيارته الانتخابية إلى مدينة ديربورن في تشرين الثاني (نوفمبر) 2024.
وقال السبلاني: «هذا الإجرام الإسرائيلي يجب أن يتوقف يا سيادة الرئيس، لقد وعدت مجتمعنا عندما زرت ديربورن بأنك ستعمل على وقف الحرب وإحلال السلام، فأين هو السلام الذي وعدت به، فيما تتواصل المجازر اليومية في لبنان منذ سبتمبر العام الماضي».
السبلاني الذي يُهاجم من قبل أنصار إسرائيل بوصفه من داعمي «حماس» و«حزب الله»، أضاف: «أقول لكم بأنني لن استكين ولن أخضع ولن أخاف من القول بأعلى صوتي بأنني ضد العدوان الإسرائيلي في لبنان وفلسطين وضد الدعم الأميركي لكيان الاحتلال، وإنني مستعد للحساب، فتفضلوا وخذوني، أنا متواجد على العنوان: 5706 شارع تشايس»، مؤكداً على حقه الدستوري والأخلاقي بدعم حركات المقاومة «عبر الكلمة»، وعلى «حق سكان المناطق التي تستهدفها إسرائيل المقاومة بالوسائل التي تناسبهم».
ويوم الأحد الفائت،، توافدت أعداد غفيرة من المعزين إلى «المركز» على شارع فورد، حيث أقيم مجلس عزاء حسيني ومهرجان خطابي ندد خلاله المتحدثون بجرائم إسرائيل في فلسطين ولبنان وسوريا واليمن.
وفي كلمة بانورامية، تطرق السبلاني إلى جرائم إسرائيل في لبنان خلال العقود والسنوات المنصرمة، بما فيها استشهاد الطفلين المقيمين في ديربورن هادي وعبدالمحسن بيطار في مجزرة قانا عام 1996، حين استهدفت الغارات الإسرائيلية مبنى تابعاً للأمم المتحدة التجأ إليه مئات النازحين الفارين من عدوان «عناقيد الغضب».
ولفت السبلاني إلى أن جيش الاحتلال ارتكب مجزرة مروعة استهدفت قريته فلاوي في البقاع وأسفرت عن استشهاد 18 شخصاً من عائلته، بينهم أربعة أطفال و12 امرأة كانت إحداهن حاملاً بتوأمين».
وأردف: «لقد قتلوهم على بعد 160 كم من الحدود اللبنانية مع فلسطين بالقنابل الأميركية الصنع التي تُدفع أثمانها من ضرائب الشعب الأميركي».
وتابع رئيس تحرير «صدى الوطن» بالقول: «منذ اندلاع الحرب الموسعة على لبنان في سبتمبر 2024، تحولت البلاد إلى ساحة مفتوحة لآلة القتل الإسرائيلية، معدداً بعض المجازر التي ارتكبها الاحتلال على امتداد الخارطة اللبنانية، بما في ذلك، مقتل أكثر من 700 شهيد في يوم واحد (23 سبتمبر)، بينهم 50 طفلاً و94 امرأة، وفي 10 أكتوبر حصدت مجزرة في منطقة الباشورة بالعاصمة بيروت 22 مدنياً وأكثر من 117 جريحاً، وفي 14 أكتوبر من العام نفسه قصفت إسرائيل بلدة أيطو في شمال لبنان مودية بحياة 22 شهيداً من النساء والأطفال والمدنيين، وفي 16 أكتوبر اغتالت إسرائيل رئيس بلدية النبطية و16 موظفاً آخر.
وقال: «هذه الحرب هي حرب على كل لبنان، وحرب على الحياة نفسها، وإننا نجتمع اليوم لتأبين عائلة الشهيد شادي شرارة وأبنائه الثلاثة والشهيد محمد مروة الذين لم يكونوا لبنانيين فحسب، بل جزء من العائلات اللبنانية الأميركية ومن نسيج مجتمعنا العربي الأميركي في منطقة ديربورن»، مهيباً بالعرب الأميركيين توحيد صفوفهم لإيصال صوتهم إلى صنّاع القرار في الولايات المتحدة.
وشدد السبلاني على قوة الصوت الانتخابي للعرب الأميركيين في ولاية ميشيغن المتأرجحة، وحثهم على المشاركة في جميع الانتخابات المحلية والوطنية، وقال: «إذا توحدنا فإمكاننا أن نصنع الفرق، وأن نكون الصوت الحاسم في انتخاب الرئيس الأميركي، وليس فقط حاكم ولاية ميشيغن»، مضيفاً: «إما أن ندلي بأصواتنا مجتمعة لانتخاب مرشحينا وأصدقائنا وحلفائنا، وإما سنجتمع مجدداً لتأبين المزيد من الشهداء».
إمام «المنتدى الإسلامي» بديربورن هايتس، السيد حسن القزويني، شجب أيضاً الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط، موضحاً بأن دولة الاحتلال لن تنجح في القضاء على روح «المقاومة، مهما قتلوا من قادتنا وأبطالنا ونسائنا وأطفالنا»، لافتاً إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لن يتمكن من زيارة مدينة نيويورك في حال نجاح المرشح المسلم زهران ممداني الذي وعد في حال فوزه بسباق رئاسة بلدية المدينة «التي تعتبر عاصمة اليهود في العالم»، بأنه سيقوم باعتقال نتنياهو وزجه خلف القضبان.
«إذا وحدنا صوتنا وموقفنا فسوف نتمكن من الدفاع عن قضايانا»، أضاف القزويني، وهو ما أكده أيضاً إمام «المركز الإسلامي في أميركا» الشيخ أحمد حمود الذي دعا الحضور، وجميع العرب الأميركيين، إلى المشاركة الكثيفة في صناديق الاقتراع، وقال: «في يوم الانتخابات، بدنا نصوم عن كل شيء، بدنا نروح ندلي بأصواتنا من أجل كرامتنا وكرامة مجتمعنا، وهذا ليس مجرد خيار، بل هو تكليف شرعي على الجميع».
ومساء الأحد الفائت، أضاءت عشرات الأسر وأطفالهم، الشموع لتخليد أرواح الشهداء الخمسة، بحضور الشيخ محمد موسى، وهو صهر عائلة شرارة، الذي رفع الأدعية والابتهالات لله سبحانه لإسباغ رحمته على القتلى المظلومين، وإنزال العقاب العادل بحق القتلَة المجرمين، مستنكراً «المجزرة البشعة التي أودت بحياة ثلاثة أطفال في عمر الزهور».
Leave a Reply