ديربورن خاص لـ«صدى الوطن»
أقامت الجالية اللبنانية بمنطقة ديترويت –السبت المنصرم– حفل عشاء تكريمي بمطعم «لابيتا» في مدينة ديربورن على شرف منسق الحكومة اللبنانية لدى قوات الطوارئ الدولية في لبنان (يونيفيل)، والمدير العام للإدارة في وزارة الدفاع اللبنانية، العميد الركن منير شحادة، وذلك على هامش زيارته إلى الولايات المتحدة ضمن بعثة حكومية إلى مجلس الأمن الدولي لمناقشة قرار التمديد لقوات اليونيفيل في لبنان لعام 2024.
وحضر الحفل الذي نظّمه كل من ناشر «صدى الوطن» الزميل أسامة السبلاني، ورجل الأعمال عبدالله هاشم، نخبة من رجال الأعمال والقيادات العربية الأميركية في ميادين السياسة والتربية والقضاء، كان في طليعتها نائب المدعي العام لولاية ميشيغن فدوى حمود ونائب محافظ مقاطعة وين أسعد طرفة والنائب عن مدينة ديربورن في مجلس نواب ميشيغن العباس فرحات ورئيس بلدية ديربورن عبدالله حمود ورئيس بلدية ديربورن هايتس بيل بزي وقائد شرطة ديربورن عيسى شاهين ، وقائد شرطة ديربورن هايتس جارود هارت، ورئيس مجلس مدينة ديربورن مايك سرعيني، ورئيس مجلس مدينة ديربورن هايتس دايف عبدالله، وعضوا مجلس مدينة ديربورن هايتس مو بيضون وحسن أحمد، والقاضي في محكمة ديربورن سالم سلامة، والقاضي في محكمة مقاطعة وين هلال فرحات.
وفي بداية الحفل، رحبّت الطالبة في كلية الحقوق جنى هاشم بالجنرال الضيف، معربة عن فخرها بجذورها وهويتها اللبنانية وإنجازات اللبنانيين الأميركيين في الولايات المتحدة. وقالت: «أينما حل اللبنانيون، فإنهم يتألقون وينجحون ويصنعون فرقاً لا يمكن تجاهله، كما أنهم يحرصون على الوفاء لوطنهم الأم، بقدر ما يحرصون على رد الجميل للبلدان والمجتمعات التي يعيشون فيها».
وأشارت جنى إلى ازدهار الجالية اللبنانية في أميركا عموماً، وفي ولاية ميشيغن بوجه خاص، وقالت: «لقد برع اللبنانيون الأميركيون في مختلف جوانب الحياة في ميشيغن، اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً، منذ كانوا باعة متجولين في بدايات هجرتهم، وصولاً إلى الأجيال الجديدة التي باتت تضم أعداداً لا تحصى من المهنيين والمسؤولين والمنتخبين»، مضيفة: «في هذه القاعة، لدينا محامون وقضاة وأطباء وصيادلة ومعلمون ومسؤولون ومنتخبون في مختلف المفاصل الحكومية والعامة».
ونوهت جنى بأن المغتربين اللبنانيين حملوا في قلوبهم وعقولهم لبنان وهم الذين هاجروا منه إلى مختلف بقاع الأرض بحثاً عن حياة أفضل لأنفسهم ولعائلاتهم دون أن ينسوا وطنهم الأم، لافتة إلى أن ذلك الحب ينتقل إلى الأجيال الجديدة التي «تتغنى بحب لبنان وتفتخر برسالته الإنسانية والحضارية».
ناشر «صدى الوطن»، الزميل أسامة السبلاني، تولى –من جانبه- تقديم الجنرال الضيف، مثنياً على بطولات الجيش اللبناني ودوره الحاسم في الحفاظ على الأمن والسلم الأهلي في وطن الأرز، ومثمناً تمسك البعثة اللبنانية إلى مجلس الأمن الدولي بسيادة لبنان فوق جميع الأراضي اللبنانية، البالغة مساحتها 10,452 كيلومتراً مربعاً.
وأطنب السبلاني في سرد نجاحات الجالية اللبنانية في ولاية ميشيغن التي يشغل فيها اللبنانيون مناصب حكومية وتشريعية مرموقة، كنائب المدعي العام للولاية فدوى حمود، ونائب مقاطعة وين أسعد طرفة، والنائب عن مدينة ديربورن في مجلس نواب ميشيغن العباس فرحات، ورئيس بلدية ديربورن عبدالله حمود، ورئيس بلدية ديربورن هايتس بيل بزي، ورئيس مجلس مدينة ديربورن مايك سرعيني، ورئيس مجلس مدينة ديربورن هايتس دايف عبدالله، وقائد شرطة ديربورن عيسى شاهين، وغيرهم الكثير.
وأوضح السبلاني بأن المسؤولين والمنتخبين اللبنانيين أثبتوا كفاءتهم وجدارتهم في تولي المناصب التي يتقلدونها، ما كان له أكبر الأثر في ازدهار المجتمعات التي يعملون ويعيشون فيها في منطقة الديربورنين وفي عموم منطقة ديترويت، لافتاً إلى أن الجالية اللبنانية في ولاية ميشيغن تجيّر طاقاتها وإمكانياتها لدعم لبنان.
وخاطب السبلاني الجنرال شحادة بالقول: «نحن معكم، وإلى جانبكم، تذكروا دائماً بأنه لديكم جالية قوية في الولايات المتحدة مستعدة لدعم ومساندة لبنان»، مضيفاً: «هذه الجالية تناشدكم بألا تتخلوا عن سيادة لبنان فوق أي شبر من الأراضي اللبنانية».
الجنرال الضيف
وفي كلمة عكست متابعة واهتمام اللبنانيين الأميركيين بمنطقة ديترويت لشؤون وطنهم الأم، قدّم العميد شحادة إحاطة حول مهام البعثة اللبنانية إلى مجلس الأمن الدولي، وتعقيدات الأوضاع السياسية والعسكرية على الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة، إضافة إلى مواصلة إسرائيل للخروقات الجوية والبرية والبحرية بشكل شبه يومي.
وأوضح شحادة بأن البعثة اللبنانية برئاسة وزير الخارجية عبدالله بوحبيب عقدت مفاوضات شاقة ومضنية مع مندوبي الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن لتعديل قراره الأخير بتمديد عمل قوات الطوارئ في لبنان لسنة إضافية بموجب القرار 1701، وذلك بدون إذن مسبق من أي جهة للقيام بالمهام الموكلة إليها، بما في ذلك الجيش اللبناني الذي نصّت القرارات السابقة على أن يكون مضطلعاً ومشاركاً مع اليونيفيل في الدوريات التي تسيّرها على طول «الخط الأزرق»، والتي قد تصل في بعض الأحيان إلى حوالي 400 دورية يومياً.
وكانت الأمم المتحدة قد رسمت في السابع من حزيران (يونيو) عام 2000 ما اصطلح على تسميته بـ«الخط الأزرق» للفصل بين لبنان من جهة وبين إسرائيل وهضبة الجولان المحتلة من جهة أخرى، بهدف التحقق من الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية، مع الإشارة إلى أن الخط آنف الذكر لا يعتبر بأي حال شكلاً من أشكال الحدود الدولية.
وأشار شحادة إلى أن القرار الأممي الأخير يتناقض مع الشرعة الدولية الذي يخوّل البلدان وضع البروتوكولات المتعلقة باستضافة القوات الأجنبية على أراضيها، بما فيها قوات الطوارئ الدولية، لافتاً إلى أن التعديلات في قرار التمديد لعام 2024 تم اتخاذها دون استشارة لبنان، ما يدرجه في سياق المس بالسيادة. وقال: «إن التمديد لقوات الطوارئ يتم سنوياً بناء على طلب من لبنان، ولكن القرار الأخير خوّل قوات اليونيفيل استكمال مهامها بدون مشاركة الجيش اللبناني، وهذا ليس من مصلحة لبنان».
وأكد شحادة بأن الإحاطة التي قدّمها حول قرار التمديد لقوات اليونيفيل، ليست «كلاماً في السياسة»، وإنما هي مقاربة «تقنية» لحقيقة الأوضاع على الحدود، مستهجناً القرار الدولي برسم الخط الأزرق وإلزام إسرائيل بالانسحاب إليه، مع تجاهل الحدود الدولية بين لبنان وفلسطين التي تم ترسيمها في عام 1923 وجرى تأكيدها ضمن اتفاقية الهدنة بين لبنان وإسرائيل في عام 1949.
وقال شحادة لقد تسلمت منصب منسق الحكومة اللبنانية لدى قوات الطوارئ الدولية منذ ثلاث سنوات، ومنذ ذلك الحين وأنا أسأل نفسي لماذا تم الطلب من إسرائيل الانسحاب حتى الخط الأزرق في عام 2000، ولم يطلب منها الانسحاب حتى الحدود الدولية، منوهاً بأن الحكومة اللبنانية كانت قد أودعت وثائق لدى الأمم المتحدة تتضمن خريطة الحدود بين لبنان وبين فلسطين، وأنها طالبت عبر رسالة رسمية بتلك الخريطة في عام 2000، ولكن الجواب كان مضحكاً، إذ ردت الأمم المتحدة بأن «المياه تسربت إلى المخزن وأتلفت الوثائق».
حرفاً حرفاً ونقطة نقطة
ذكر شحادة بأن مهام البعثة اللبنانية إلى مجلس الأمن تتضمن أيضاً متابعة حيثيات إصدار القرار الذي من المتوقع أن تصدر مسودته قبل النهائية يوم الإثنين المقبل، وذلك لتفادي أية مفاجآت إضافية في نص القرار الجديد. وقال: «لقد عقدنا اجتماعات طويلة ومفاوضات شاقة طيلة ثلاثة أيام خلال الأسبوع الماضي، من الساعة التاسعة صباحاً ولغاية الثامنة مساء، بدون توقف مطلقاً»، مضيفاً: «لقد دققنا كل التفاصيل المطروحة على طاولة البحث، حرفاً حرفاً، ونقطة نقطة».
وأعرب شحادة عن أمله بأن تتمخض المفاوضات والمناقشات مع مندوبي الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن عن نتائج تصب في مصلحة لبنان وترضي تطلعات اللبنانيين. وقال: «إننا نعوّل على الجالية اللبنانية في الولايات المتحدة لدعم لبنان في مطالبه العادلة»، مؤكداً بأن الحدود اللبنانية الجنوبية لا تخص فريقاً سياسياً معيناً، وإنما تعني وتهم جميع اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم ومشاربهم.
وتابع بالقول: «إننا متمسكون بكامل مساحة لبنان البالغة 10,452 كم مربع، وهذا الخط الأزرق يقتطع بعض المساحات من الـ10,452 كم مربع، ونحن لن نتخلى عن شبر واحد من الأراضي اللبنانية».
وأوضح شحادة بأن الحكومة اللبنانية بدأت تتحضر للمفاوضات مع الأمم المتحدة منذ حوالي ثلاثة أسابيع، حين نسقّت –باقتراح من شحادة نفسه– جولة للملحقين العسكريين والسفراء الأجانب لدى بيروت إلى مناطق الجنوب اللبناني. وقال: «لقد قمنا في الجيش اللبناني بجولة ميدانية مع هؤلاء السفراء والملحقين العسكريين إلى عدد من النقاط البرية والبحرية، وما إن وصلنا إلى رأس الناقورة حتى ظهر بجانبنا زورقان إسرائيليان»، مؤكداً بأن تلك الحادثة كانت دليلاً دامغاً على الانتهاكات الإسرائيلية لبنود القرار 1701.
ووصف شحادة سلوك الإسرائيليين بـ«الوقاحة»، وقال إنهم يخرقون السيادة اللبنانية يومياً في الجو والبر والبحر، ولكن ظهورهم في ذلك اليوم كان يتوخى إبراق رسالة مفادها بأنهم «فوق القانون».
وأشار شحادة إلى أن المفاوضات تضمنت الطلب من البعثة اللبنانية تغيير اسم الجزء الشمالي من قرية الغجر، والذي تتم تسميته خطأ باسم «الميري». منوهاً بأن قرية الغجر هي بالأساس قرية سورية تمدد العمران فيها داخل الأراضي اللبنانية. وقال: «لقد طالبنا بتصحيح التسمية إلى خراج بلدة الميري الذي يتم الإشارة إليه ضمن قرارات الأمم المتحدة منذ عام 2000 بشمال الغجر المحتل»،
وأضاف شحادة لقد تفاجأنا خلال هذه الزيارة بمطالبة البعثات الدبلوماسية لدى الأمم المتحدة باستبدال كلمة «المحتل» بعبارة «في حضور الجيش الإسرائيلي»، مشدداً على أن رد المسؤولين اللبنانيين كان حازماً إذ أصرّوا على إن تلك المنطقة مطوقة منذ عقدين بالأسلاك الشائكة ومراقبة بالكاميرات الإسرائيلية. وقال: «لقد قلنا لهم إذا كنتم لا تسمون ذلك احتلالاً، فماذا تسمونه؟».
دور الاستعمار
تطرق شحادة بشكل مسهب إلى تدخل قوى الاستعمار في ترسيم الحدود بين الدول العربية، لافتاً إلى أن الحدود بين لبنان وفلسطين رسّمت بالتوافق بين فرنسا وبريطانيا في ما عرف باتفاقية «بوليه–نيوكامب» عام 1920. وقال:«لقد رسم بوليه ونيوكامب الحدود وهما مخموران، بدون استشارتنا أو الوقوف عند خاطرنا».
وسرد شحادة حكاية ما يُعرف بـ«حازوقة ونستون»، في سياق الأمثلة الكثيرة على استهتار الدول الاستعمارية بمصير الشعوب العربية، وهي مصطلح يطلق للإشارة إلى الحدود الشرقية المتعرجة للأردن مع المملكة العربية السعودية، إذ ينسب إلى ونستون تشرشل أنه عندما كان وزيراً للمستعمرات البريطانية في القاهرة عام 1921، قام برسم الحد الفاصل بين إمارة شرق الأردن من جهة وبين نجد والحجاز من جهة أخرى بعد إفراطه بشرب الكحول، ما أدى إلى اهتزاز القلم في يده خلال رسم الحدود التي تضمنت خطاً متكسراً مازال يفصل بين البلدين العربيين حتى هذا اليوم.
وفي ختام الحفل، أشاد شحادة بنجاحات اللبنانيين في المغترب الأميركي مثمناً حفل العشاء الذي أُقيم على شرفه، وقال: «سيظل هذا الحفل ذكرى عزيزة على قلبي إلى الأبد».
Leave a Reply