“احتفال معارض” تخلله كلمات وقصائد دعت الى انتزاع مصير الوحدة من أيدي مفسديها
ديربورن – خاص “صدى الوطن”
أحيت الجالية اليمنية الأميركية في ولاية ميشيغن، الذكرى العشرين لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية، يوم السبت الماضي في قاعة المركز الثقافي اليمني الأميركي، وسط حشد جماهيري كبير.
نظم الحفل لجنة منبثقة عن العديد من المؤسسات والأحزاب المعارضة والشخصيات المستقلة، والتي رأت بعد مشاورات واسعة استمرت طوال الشهرين الماضيين إحياء ذكرى الوحدة بـ”صورة جديدة ومختلفة مراعاة للظروف التي يمر بها اليمن وبسبب انعكاس ظروفه على الجالية”
وحرص المنظمون الى الحفاظ على “روح الأخوة” بين أبناء اليمن في المهجر، عبر الوقوف بمصداقية وشفافية على الوحدة اليمنية خلال عشرين عاما من عمرها.
فجاء الاحتفال ليناقش “الأسباب التي أدت الى انتكاسة عظمة الوحدة في النفوس وكيف يمكن للقطاع الإغترابي أن يلعب دورا هاما وحيويا في استعادة الوحدة وإعادة مشروعها العظيم إلى الطريق الصحيح”.
بدأ الاحتفال بآيات من القران الكريم تلاها الطالب عزام عبدالباسط مجلي، أعقبها مباشرة كلمة اللجنة المنظمة التي ألقاها الناشط جبر غلاب الذي رحّب وشكر الحضور على تفاعلهم الكبير مستعرضا ذكرى يوم ٢٢ أيار (مايو) 1990، في نفس كل مواطن يمني يومها وتحدث غلاب عن “أحلام المواطن التي أطلق لها العنان في ذلك اليوم وهو يرى علم الجمهورية اليمنية يرتفع بفخر واعتزاز على سارية العلم في مدينة عدن الغالية، لتكتسح الفرحة ملايين اليمنيين والعرب وشرفاء العالم ابتهاجا بتحقيق حلم الآباء والأجداد”.
وذكّر غلاب الحاضرين بالإختلاف الكبير بين ظروف الذكرى وظروف الحدث والواقع اليوم، مشيرا إلى أن السنوات التي تلت يوم إعلان الجمهورية اليمنية شهدت انتكاسة خطيرة للوحدة من خلال الإغتيالات ونكث عهود ومواثيق الوحدة وكذلك حرب عام ١٩٩٤ ومن ثم “الممارسة البشعة من السلطة بعدها والمتمثلة في النهب والبسط والإقصاء والتنكر لشركاء الوحدة والمشروع الوطني واحتكار السلطة لكل شيء في البلاد دون أن تعي خطورة ممارساتها التي أدت الى انفلات أمني خطير في كل المحافظات وحروب ومواجهات عسكرية في العديد منها”، وتحدث غلاب عن “سيطرة الفساد وانتشاره في مفاصل الوطن ليفرز الحال معيشة قاسية للشعب اليمني”، مؤكداً في سياق كلمته أن أخطر ما يواجه اليمن اليوم هو تحوله إلى كيانات متناحرة.
وختم غلاب كلمته بدعوة المهاجرين الى تبني مواقف فعالة داعيا الى تشكيل لجنة متابعة من الوسط الإغترابي تعمل على المشاركة في انقاذ اليمن والمساهمة في بنائه.
وشهد الحفل، الذي قدمه موسى مجرد، إلقاء قصائد فكانت الجولة الشعرية الأولى بين محمد الزهيري (أبو بلال) والناشط السياسي الشاعر علي بالعيد المكلاني (أبو ظافر)، حيث بدأ الزهيري بإلقاء قصيدته الموجهة للمكلاني متسائلا فيها عن وضع اليمن الراهن وما يمكن القيام به لاحتواء أزماته، ليرد أبو ظافر في قصيدته التي حملت إجابات عن الوحدة وكيف قدم الجنوبيون كل شيء من اجل قيامها، وكيف حولها النظام الى غنيمة فقط، داعياً في قصيدته أبناء المحافظات الشمالية الى التعبير بوضوح عن حرصهم على الوحدة من خلال الخروج في اعتصامات ومظاهرات تضامنية مع الجنوب.
ثم جاءت كلمة المؤسسات اليمنية التي القاها الناشط صالح المنصوب (المريسي) قائلا “إن في الأعياد والمناسبات المهمة يقوم الناس بتبادل التهاني والتبريكات ويؤجلون خلافاتهم لأن المناسبات والأعياد محطات تجديد ومراجعة ومشاعر حب وألفة إلا أن المناسبات تمثل أيضاً مدخلاً واسعاً لإصلاح العلاقات وتمتين الروابط”، مستثنيا اليمن التي يحدث فيها العكس تماما.
المنصوب قال أن “اليمن يعاني من أزمة وخلل واضح بسبب سوء إدارة البلاد من السلطة التي أوصلت الشعب الى النفق المظلم والى أزمة خانقة يكتوي بنارها كل مواطن”، مضيفا “الوحدة اليمنية لا ينبغي أن تكون شعارا يرفع ويستخدم لخدمة مصالح فردية أو فئوية أو مناطقية، بل يجب أن تتجسد كواقع يحفظ للوطن سيادته واستقلاله وللمواطن حقوقه وكرامته”، متهما السلطة بالإضرار بالوحدة وإفراغها من مضمونها الحقيقي، قائلا أن “الوحدة لم تكن انقلابا قام به الحاكم على غفلة من الشعب بل كانت املا وهدفا لكل يمني منذ قيام الثورة. وختم المنصوب كلمته بدعوة كل الشرفاء والغيورين في الداخل والخارج إلى النضال والوقوف صفا واحدا لإعادة ألق الوحدة.
وفي جولة شعرية ثانية ألقى سالم السوجري قصيدة تطرق فيها لواقع الجالية وما يجب عليها القيام به لتقديم دور منتظر في الوطن والمهجر.
أعقب ذلك كلمة ألقاها الزميل عبدالملك المثيل، مشيرا في بدايتها الى رؤية اللجنة المنظمة للحفل وحرصها على تقديم ثقافة جديدة تقوم على مناقشة القضايا الوطنية بشفافية ومصداقية، معبرا عن سعادته “بالوقوف أمام الحشد الكبير للحديث عن أعظم منجز تحقق لشعبنا في تاريخه المعاصر وهو قيام دولة الجمهورية اليمنية”.
وأضاف المثيل أن “الحديث عن الوحدة والأخوة والمصير المشترك بين اي شعب او جماعة يفرض علينا الإستشهاد بأعظم واجل أخوة عرفها تاريخ البشرية، ممثلا في درس المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار والذي شهد ذوبان كتلتين بشريتين في كتلة واحدة على اسس العقيدة والخير والمحبة والصدق والكرامة والمساواة، لتؤدي تلك الرابطة الأخوية إلى تحول عجلة التاريخ بأكملها منذ ذلك اليوم حتى يومنا هذا”.
وحمّل المثيل السلطة المسؤولية الكاملة في انهيار مشروع الوحدة في النفوس وتطرق لعجزها في تحقيق ولو معنى واحد من معاني الوحدة وقال “إنه لمن المؤلم والمحزن أن نأتي اليوم بعد عشرين عاما من عمر الوحدة لنناقش ونتحدث عن المخاطر التي تعصف بها، لأنه كان من المفترض بعد هذا العمر أن نقطف ثمار خيرها وعزها وكرامتها، وبدلا من أن يكون جيل الوحدة اليمني جيلا مختلفا عن سابق الأجيال بفعل الروح والطموح الوحدوي الذي كان يجب أن يتسلح به، ها نحن اليوم نقف بخوف وذعر على الجيل والوطن والوحدة ونحاول جاهدين في هذه المعمعة المظلمة أن نستدعي من آثارنا قدرا من الحكمة والعقلانية لإصلاح ما أفسده النظام القائم الذي يتحمل لوحده دون سواه تبعات المرحلة ونتائجها المأساوية”.
المثيل دعا في كلمته الى انتزاع الوحدة وقيمها من ايادي السلطة وأدان ما تتعرض له المحافظات الجنوبية من حملة عسكرية وذكر القطاع الاغترابي بدوره في استعادة الوحدة واعادتها الى الطريق الصحيح.
الكلمة الختامية للفعالية ألقاها الناشط محمد الوصابي متطرقا فيها لضرورة “تبني الجالية لمواقف وطنية كبيرة وعظيمة ترتقي من خلالها لمستوى المسؤولية مؤكدا مرور وحدة الوطن بنكبة شديدة في مستوى أدائها، مركزا على الخروج من هذا الجهد الكبير الذي قدمته الجالية اليوم، بتشكيل لجنة متابعة كما ورد في توصية اللجنة المنظمة لبدء وضع برنامج عمل يؤدي الى تأثير فعال للمغتربين في حل مشاكل الوطن بصفتهم شريحة واسعة لا يمكن لأحد تجاهلها أو الإستهتار بها”.
Leave a Reply