خليل رمّال – «صدى الوطن»
فـي الوعي اللبناني والعربي الجماعي، تحتل قرية قانا الجنوبية حيزاً كبيراً لمكانتها أولاً فـي الديانتين الاسلامية والمسيحية ولكونها جرحاً ما زال ينزف منذ وقوع مجزرتين إسرائيليتين فـيها. ويوم الثلاثاء الماضي يكون قد مرت ٢٠ عاماً على المجزرة الأولى التي نجمت عن قصف العدو الإسرائيلي عن سابق اصرار وتصميم وترصد مجمعاً للأمم المتحدة آوى المدنيين الهاربين من وحشية القصف العشوائي بعدما اعتبروه ملاذاً أممياً آمناً، مما أدى الى استشهاد ١٠٦ أشخاص من بينهم طفلان عربيان أميركيان هما هادي وعبد المحسن حيدر بيطار من مدينة ديربورن، وذلك فـي ١٨ نيسان (أبريل) ١٩٩٦.
واستهدفت قانا مرة أخرى فـي ٣٠ تموز ٢٠٠٦، بمجزرة ثانية من قبل نيران الحقد الإسرائيلي خلال الحرب البربرية التي شنتها على لبنان فـي ١٢ تموز ٢٠٠٦ والتي انتهت بهزيمة مدوية لتل أبيب فصبت جام غضبها على المدنيين من جديد. مما يدل على أن إسرائيل لم ترتدع بعد ارتكابها مذبحة ١٩٩٦ تحت سمع وبصر ومراقبة دولية ومنظمات حقوق الانسان التي اتهمت إسرائيل بأنها استهدفت المجمع التابع للأمم المتحدة ويرفع علمها، عن عمد وبشكل كيدي ومكشوف رغم وجود مدنيين عُزل فـي داخله.
وكشفت تحقيقات «منظمة العفو الدولية» فـي قانا عن أن الجيش الإسرائيلي «تعمد مهاجمة مجمع الأمم المتحدة، على الرغم من أن الدوافع للقيام بذلك تبقى غير واضحة»، بحسب التقرير الأممي وخلص التحقيق الذي أجرته الامم المتحدة إلى ان القصف «لم يحدث على الأرجح.. لخطأ فني أو إجرائي». ووصفت منظمة حقوق الانسان (هيومن رايتس ووتش) المجزرة بأنها «انتهاك لمبدأ رئيسي من مبادئ القانون الإنساني الدولي». وقد وقف يومها الأمين العام للأمم المتحدة الدكتور المصري بطرس بطرس غالي موقفاً غالياً ومشرفاً ورفض ان يسحب ادانته واتهامه لإسرائيل بانها تقصدت قصف وقتل الأبرياء مما كلفه عدم التجديد له على رأس المنظمة الأممية!
وعلى جري عادتهم كل عام، أحيا العرب الأميركيون المناسبة الاليمة فـي «المركز الإسلامي فـي أميركا» يوم الأحد الماضي. وقام بتنظيم الذكرى «كونغرس المنظمات العربية الأميركية فـي ميشيغن» و«لجنة قانا-الجليل».
وتوجه المدعوون بالتحية للشهيدين هادي وعبدالمحسن بيطار، اللذين طالتهما يد الغدر الصهيوني أثناء زيارة لجدتهما فـي لبنان عام ١٩٩٦. وشدد المتحدثون على أهمية الحفاظ على ذكرى المأساة وإبقاء شعلة الذكرى متوهّجة لا تنطفىء.
وأعلن الشيخ إبراهيم كازيروني، أحد أئمة «المركز الاسلامي»، «ان القانون الدولي لم يكن قادراً على حماية ضحايا قانا لأن الأمم المتحدة تأسست من قبل الدول القوية لكي تنحاز إلى جانبها وقت الشدة».
وأشاد بالمقاومة، مضيفاً «أن القوة هي السبيل الوحيد لردع الهجمات الإسرائيلية. الآن إسرائيل تتوجس من أي تحرك ضد لبنان بسبب احتمال قيام المقاومة برد انتقامي. لقد تغير بالفعل ميزان القوى».
وألقى ناشر صحيفة «صدى الوطن» الزميل أسامة السبلاني كلمة معبرة نوه فـيها بالأهمية الفائقة لتمرير ذكرى مجزرة قانا للجيل المقبل.
ووجه السبلاني انتقاداً لاذعاً للمملكة العربية السعودية، واصفاً «أولئك الذين يروجون للتطرف والقتل والتدمير» بأنهم «قتلوا من المدنيين فـي سوريا واليمن أكثر مما قتلت إسرائيل من العرب والفلسطينيين .. ولا نقول هذا الكلام لكي نبرر جرائم الصهاينة».
وحث على المشاركة المدنية، قائلاً «العرب فـي الشتات يمكنهم بلسمة جراح الناس ومعاناتهم فـي الشرق الأوسط عن طريق التصويت والاقتراع هنا».
وأضاف «إذا وضعنا أصواتنا معاً، يمكننا تغيير المعادلة، ويمكن أن نجبر المسؤولين المنتخبين على تقديم فروض الإحترام لنا لأننا نستحق الإحترام. فأنت لا تستطيع الحصول على الاحترام اعتباطاً بل عليك ان تكسبه عن جدارة».
وبعد الفراغ من كلمته قدمت لجنة قانا الجليل للزميل السبلاني جائزة تقديرياً لجهوده فـي ابقاء شعلة الذكرى حية.
وبدوره، أكد الناشط اليمني الأميركي وليد فدامه على الوحدة العربية ونبذ الطائفـية. وأوضح «قبل أن نأتي إلى هذه البلاد كبرنا وفـي ذهننا اننا أمة عربية واحدة. هذه الانقسامات ظهرت فقط فـي السنوات القليلة الماضية». واستدرك «هذا شيعي، وهذا من الطائفة العلوية، وذاك سني… لم نكن نعرف شيئاً عن كل هذه التفرقة المذهبية… بل كنَّا فقط نعرف أننا عرب».
وفـي اشارة إلى عدوان ما يُسمَّى بالتحالف على اليمن بقيادة السعودية، اعرب فديمة عن أسفه لأن «أخطر عدو للعرب والمسلمين هم من يدَّعون تمثيل الإسلام».
وخلص الى القول «أحييكم وأحيي قانا ومرونتها. ونحن فـي اليمن سوف نستمر فـي الوقوف ضد أولئك الذين يحاولون تقسيمنا باسم الطائفـية».
وفـي الختام تحدث حيدر بيطار، والد الشقيقين الشهيدين فـي قانا، شاكراً الحضور على المشاركة فـي إحياء الذكرى.
Leave a Reply