ديربورن – «صدى الوطن»
لبّت الجالية اللبنانية في مدينة ديربورن دعوة «جمعية قانا الجليل» و«كونغرس المؤسسات العربية الأميركية في ميشيغن» لإحياء الذكرى السنوية لمجزرتي قانا الأولى والثانية اللتين ارتكبتهما قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدوان عناقيد الغضب (١٩٩٦) وحرب تموز (٢٠٠٦)
وأقيمت الاحتفالية في «المركز الإسلامي في أميركا» بمدينة ديربورن، يوم الأحد الماضي، تحت عنوان: كي لا ننسى.
وكانت إسرائيل قد قصفت في 18 نيسان (أبريل) 1996 مركزاً تابعاً لقوات الأمم المتحدة (يونيفل) بعد لجوء المدنيين إليه مما أدى إلى استشهاد 106 أشخاص معظمهم من النساء والأطفال الذين كان بينهم عبد المحسن وهادي وبيطار، وهما طفلان لأسرة عربية أميركية تعيش في مدينة ديربورن، كانا في زيارة لبيت جدهما في صيف ذلك العام.
وفي 30 تموز (يوليو) كررت الدولة العبرية جريمتها بقصف البلدة الجنوبية خلال حربها على لبنان في 2006، ليستشهد 55 شخصاً معظمهم من النساء والأطفال.
وأكد ناشر «صدى الوطن» الزميل أسامة السبلاني –خلال كلمة ألقاها في حفل إحياء ذكرى المجزرتين– على ضرورة الالتفاف والالتزام بإحياء الذكرى السنوية للمأساة التي فقد فيها مئات الأبرياء أرواحهم بسبب عدوان إسرائيل وغطرستها، وقال «إذا نسينا ما حدث، فسوف تتكرر المأساة مرة أخرى».
وأشار إلى أن اليهود ما يزالون حريصين على إحياء ذكرى الهولوكست لأنهم يعرفون أنهم لم إذا يتذكروا محنتهم مع النازيين فسوف يتعرضون لمحرقة أخرى. وأضاف «عندما كان البوليس الألماني يسم أيدي فقراء اليهود بنجمة داود كان أغنياؤهم يكتفون بمراقبة المشهد وهم يشربون الويسكي ويدخنون السيجار على الشرفات، ظناً منهم أن الاضطهاد الألماني لن يطالهم، ولكن ما حدث لاحقاً أنهم وقفوا مثل إخوانهم في الطابور ينتظرون أدوارهم إلى غرف الإعدام بالغاز».
وقال «إن كونكم أغنياء ولديكم علاقات مع أصحاب السلطة لن يحميكم من غطرسة العدو ووحشيته، ما دام لدينا هذا العدو الذي صُمّم من أجل قتلنا وتدمير قرانا ومدننا وأوطاننا».
وانتقد السبلاني من يحمّلون المقاومة اللبنانية مسؤولية استفزاز دولة الكيان الإسرائيلي وقال «في 1978 عندما اجتاحت إسرائيل الجنوب اللبناني لم يكن «حزب الله» في الصورة، وفي 1982 عندما احتلوا بيروت كان الحزب قد تشكل للتو.. لم تكن المقاومة هي المشكلة، فالمشكلة كانت ولا تزال إسرائيل بعقليتها المجرمة وتاريخها الدموي.. وهي ما تزال مستمرة في قتل أهلنا في سوريا والعراق ولبنان عبر أدواتاها من أدعياء الإسلام».
المقاومة بالمشاركة السياسية
وتحدث السبلاني عن الصعود المتزايد لموجة الإسلاموفوبيا في الولايات المتحدة وضرورة مواجهة هذه الثقافة الاستعدائية عبر صيانة الصورة الحقيقية للإسلام، ودعا فعاليات الجاليات العربية والإسلامية في أميركا إلى التعاون مع من أسماهم بحلفائنا الطبيعيين من الأفارقة الأميركيين واللاتينيين وأبناء الأقليات، وقال «لسنا وحدنا في معركة الحريات، لدينا شركاء من السود واللاتينيين وغيرهم، ولكن علينا أن نكون في الصفوف الأولى في هذه المواجهة لأننا مع وصول (الرئيس دونالد) ترامب إلى سدة الرئاسة فقد بتنا في مقدمة المستهدفين». وأضاف «لست خائفاً من القول لترامب أنت مخطئ بما فعلت في سوريا وأفغانستان وأنك ترتكب حماقة لا ضرورة لها بتهديد كوريا الشمالية».
وشدد على أن حماية الجاليات العربية من صعود موجات الكراهية والتعصب ضدها في الولايات المتحدة لن تكون عبر «إحياء ذكرى المجازر العربية وإنما الاستمرار بنهج المقاومة ضد كل عدوان وأي عدوان، وهذا ما فعلته المقاومة اللبنانية التي نجحت في نهاية المطاف في دحر إسرائيل»، وقال «إنني أنتهز هذه الفرصة لأحيي رجال الله ورجال المقاومة الذين ما زالوا يرابطون في الميدان لحماية وطنهم من الأخطار التي تتهدده».
وأكد على ضرورة انخراط الجاليات العربية في العملية السياسية، ترشيحاً وانتخاباً، لا «الانتخابات الرئاسية وحسب، وإنما الانتخابات البلدية والمحلية، خاصة في المدن والولايات التي يشكل فيها العرب صوتاً انتخابياً وازناً» بحسب السبلاني الذي أضاف «لن نتمكن من التأثير على سياسة أميركا بين ليلة وضحاها، ولكن علينا أخذ زمام المبادرة، والتصويت بكثافة لاسيما في المناصب التي تؤثر على حياتنا ومستقبل أبنائنا بشكل مباشر، كما هو واقع الحال في انتخابات ديربورن القادمة».
وأردف: «إذا لم تتعمق الثقافة الانتخابية عندنا، وإذا لم نصوّت بكثافة في الانتخابات المحلية فسوف نكون بلا تأثير في السنوات المقبلة».
كي لا ننسى
من ناحيته، أكد الشيخ إبراهيم كازيروني على أهمية إحياء الذكرى في كل عام لكي تبقى حاضرة في وجدان الجميع ولكي يعرف العالم أجمع بشاعتها ودمويتها.
كازيروني الذي قرأ بعض التعليقات الصحفية على ما أصاب البلدية الجنوبية من دمار وتقتيل، أهاب بالمنظمين ألا يكتفوا بوضع صورة الطفلين هادي وعبد المحسن شرارة خلال المناسبة، وحثهم على تنظيم معرض فوتوغرافي على هامش إحياء ذكرى المجزرتين، يتضمن صوراً من المجزرتين «لكي يتسنى للنشئ والشبيبة العربية الأميركية الاطلاع على فظاعة العدوان الإسرائيلي الذي لا يقيم أي اعتبار للمدنيين والأطفال والنساء والشيوخ، ولكي يعرف العالم مدى وحشية إسرائيل».
وأعادت عريفة الاحتفال الناشطة سهيلة أمين التأكيد على أهمية التصويت في الانتخابات البلدية والمحلية، ودعت الأجيال الجديدة من العرب الأميركية «إلى سرد قصصهم أمام الأميركيين الذين في معظمهم لا يعرفون شيئاً عن العرب والمسلمين سوى ما يقدمه لهم الإعلام الأميركي».
الناشط محمد شباني الذي شهد مجزرة قانا الثانية وساهم في إنقاذ الجرحى وحمل أشلاء جثث الأطفال والنساء، وصف البلدة الجنوبية بأنها «حارسة لبنان، وقانا الكنيسة والمسجد، والحسينية والدير، وأنها –بالرغم من كل شيء– ستبقى مدينة الفرح عبر التاريخ».
حيدر بيطار، والد الشهيدين هادي وعبد المحسن، أدان صمت العالم وتغافله عن مجازر إسرائيل وسفكها الدماء البريئة في مقر اليونيفيل في الجنوب اللبناني، وقال «لقد كان ذلك الاعتداء عداوناً على جميع البشر وفي كل بقاع الأرض، وتدمير ذلك المقر يماثل تدمير مقر الأمم المتحدة بمدينة نيويورك».
وأكد على أن الالتزام بإحياء ذكرى المجزرتين كفيل بألا يخرج قانا من التاريخ كما خرجت مجازر دير ياسين وبحر البقر وغيرها من المجازر الأخرى التي ارتكبها الكيان الصهيوني. وقال «قانا ستبقى باقية في كل الضمائر الحية، وفي كل عام ستنفض عنها غبار النسيان، وسوف تبقى شاهدة على وحشية العدو إلى الأبد».
Leave a Reply