ليفونيا – «صدى الوطن»
بمشاركة رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس، مطران القدس عطالله حنا، أحيت الجالية الفلسطينية في منطقة ديترويت الكبرى، ذكرى «يوم الأرض» في حفل حاشد أقيم الأحد الماضي في كنيسة «سانت ماري» بمدينة ليفونيا، وسط حضور حاشد لأبناء الجالية العربية تأكيداً على التمسك بالقضية الفلسطينية العادلة ودعم نضال الشعب الفلسطيني في استرداد حقوقه المسلوبة.
المتحدث الرئيسي في الحفل الذي نظمته «جمعية النجدة الفلسطينية في أميركا»، ورصدت ريعه لدعم مشاريع «النجدة» الاجتماعية في كل من غزة ولبنان، المطران حنا، أكد في كلمته على أهمية الوحدة العربية ونبذ الخطاب الطائفي والمذهبي من أجل التصدي للمؤامرات التي تحاك للاستيلاء على الأراضي المقدسة وطرد سكانها الأصليين.
وقال: «يشرفني ويسعدني أن أشارككم إحياء ذكرى «يوم الأرض»، ممثلاً أعرق كنيسة في العالم، ألا وهي الكنيسة الأرثوذكسية في فلسطين»، لافتاً إلى أصالة المسيحيين الفلسطينيين، وكذلك المسيحيين العرب في المنطقة.
وأضاف: «نحن لسنا أقليات، كما يصفنا البعض. لقد كنا قبل الإسلام، وبقينا بعد الإسلام، وتفاعلنا مع الحضارة الإسلامية، وبنينا معاً حضارة الأخوة والتلاقي والانسجام»، متابعاً: «لسنا بضاعة مستوردة.. المسيحيون لم يصنعوا في واشنطن أو غيرها من عواصم العالم. إنهم من صناعة فلسطين، أرض الميلاد والتجسيد والقيامة والصليب والبركة، أرض المسجد الأقصى وكنيسة المهد، وأرضنا كانت وسوف تبقى أرض المقدسات الإسلامية والمسيحية».
وأشار المطران المقدسي، المعروف بمواقفه الوطنية والعروبية، إلى «محاولات الاحتلال الإسرائيلي الدؤوبة في تمزيق النسيج الوطني الفلسطيني وسعيه المستمر في إثارة النعرات الطائفية في صفوفنا وبين ظهرانينا»، مشدداً على وحدة الشعب الفلسطيني الذي «يناضل من أجل التحرر والحرية». وقال: «في يوم الأرض المجيد، نقول إن الأرض هي كرامتنا وتاريخنا وتراثنا، وكل حبة من ثرى فلسطين مقدسة ومباركة بدماء شهدائنا وقديسينا، وبحضور السيد المسيح وأمه البتول، وجميع هؤلاء الذين باركوا هذه الأرض الطاهرة».
وشجب المطران حنّا قرار الرئيس دونالد ترامب بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، وقال: «إن القدس ليست مسجلة ضمن عقارات ترامب، ولا يعنينا إعلانه حول القدس التي كانت عربية فلسطينية قبل ترامب، وستبقى كذلك بعده، وبعد أمثاله الذين سيذهبون إلى مزبلة التاريخ».
وأضاف: «نحن غير معنيين بمثل هذا الإعلان، فترامب وجماعته ومؤيدوه عندما يأتون إلى فلسطين، لا يزورون كنيسة القيامة ولا كنيسة المهد، وإنما يذهبون للحج في المستوطنات وفي الجولان وغيرها من الأراضي المحتلة، وهؤلاء نقول لهم: من يؤيد القاتل فهو شريك في الجريمة، ومن يدعم سياسات إسرائيل فهو شريك في الجرائم المرتكبة بحق شعبنا الفلسطيني».
كما ندد حنا بمجزرة نيوزيلندا الذي ذهب ضحيتها حوالي 50 مسلماً، الشهر الماضي، وقال: «تلك الرصاصات نالتنا جميعاً. إننا قوم نرفض العنصرية والإرهاب، لأننا كنا ومازلنا ضحية الإرهاب الإسرائيلي الذي يحتل أرضنا ويصادر مقدساتنا».
وأبدى مطران القدس أسفه للتشرذم الذي تعمق في العالم العربي في أعقاب ما يسمى بـ«الربيع العربي»، وقال: «إن العروبة لن تكون حقيقية إلا إذا كانت بوصلتها موجهة نحو القدس»، مستهجناً صمت الجامعة العربية في قمتها الأخيرة بتونس، وإحجامها عن إصدار أي بيان يفند ما يتردد حول «صفقة القرن». وقال: «يحاولون من خلال هذه الصفقة إسكاتنا مقابل حفنة من الدولارات، ولكن رسالتنا لهم جميعاً هي أننا نرفض تلك الصفقة ولن نتخلى عن القدس، لن نتخلى عن الأقصى والقيامة، ستبقى القدس عربية شاء من شاء وأبى من أبى».
ووجه حنا تحية إلى الشعب الفلسطيني المحاصر في قطاع غزة، وقال: «لقد جعل الاحتلال قطاع غزة أكبر سجن في العالم، فتحية لشعبنا في غزة وفي الضفة الغربية وفي مخيمات اللجوء. نقول لهم: تمسكوا بمفاتيحكم، لأنكم عائدون إلى فلسطين، مهما تآمر المتآمرون، وتخاذل المتخاذلون، وطبّع المطبعون، وفلسطين لن تكون إلا لأهلها وأصحابها».
محارِبة في الكونغرس
كما شهد الحفل كلمة مؤثرة للنائبة الفلسطينية الأصل في الكونغرس الأميركي رشيدة طليب الذي أعادت التذكير بالمعاني التي ينطوي عليها فوزها في الانتخابات الأخيرة، وقالت ممازحة: «البعض يقولون عني إنني فلاحة في الكونغرس، ولكنني أؤكد لكم بأنني ليست أية فلاحة، لديكم محارِبة حقيقية تحت قبة الكابيتول».
وأضافت: «أشعر بأنني أكثر فلسطينية في الكونغرس. وفي كثير من الأحيان، أتوشح بالكوفية الفلسطينية في أروقة الكابيتول.. لكي يدرك هؤلاء الذين يتجاهلون وجودنا بأنني فلسطينية».
وشكرت النائبة طليب، الجالية العربية وفعالياتها على دعمها في الانتخابات الأخيرة، وقالت: «لولا دعمكم لي، ما امتلكت الشجاعة للقيام بما أقوم به، وإنني أطلب منكم الاستمرار في دعمي لأنهم يحاولون إسكاتنا، أنا وإلهان عمر»، في إشارة إلى النائبة الصومالية الأصل عن ولاية مينيسوتا.
القدس عاصمة فلسطين.. والجولان سوري
من جانبه، قال المسؤول في «جمعية النجدة الفلسطينية بأميركا»، الدكتور محمد عبد السلام، «إن إحياء ذكرى يوم الأرض يعيد إلى الأضواء جوهر قضيتنا وصراعنا مع دولة الاحتلال، الذي يتمحور حول الأرض، لا حول الدين أو السياسة أو الكراهية».
وفي إشارة إلى قرار الرئيس ترامب بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، أوضح على أنه «ليس من حق الرئيس الأميركي، ولا أي أحد غيره، أن يمنح شيئاً لا يملكه لمن يريد»، مؤكداً أن «القدس ستبقى عاصمة فلسطين الأبدية، وأن الجولان سوف يبقى سورياً إلى الأبد».
وشجب عبدالسلام قرارات الإدارة الأميركية بإقفال «مكتب منظمة التحرير» في العاصمة واشنطن، وقطع المساعدات عن منظمة «الأونروا» وغيرها من منظمات الأمم المتحدة المعنية بمساعدة الشعب الفلسطيني.
يقصفوننا بالقنابل.. ونرد بالمواليد
أستاذ القانون والكوميديان الفلسطيني عامر زهر، أكد من ناحيته، على أن الاحتفال بيوم الأرض «بات ذا رمزية خاصة لدى الفلسطينيين، سواء في الداخل أو في الشتات». وقال: «لقد حولت إسرائيل الكثير من أبناء شعبنا إلى لاجئين في جميع أنحاء العالم، ولكننا تحولنا إلى أنجح اللاجئين على سطح هذا الكوكب»، لافتاً «نجحنا بذلك، ليس لأننا أذكياء، بل لأنه ليس لدينا أي خيار آخر، سوى العمل المستمر والدؤوب».
أضاف ممازحاً: «يسألني الكثير من الأصدقاء، لماذا لا يذهب الفلسطينيون لقضاء العطلات، فأجيبهم: إنهم لا يحبون مغادرة منازلهم، يخشون أن يحصل لهم ما جرى عندما أخبروهم بأنهم عليهم مغادرة بيوتهم لبضعة أيام.. فلم يعودوا إليها أبداً».
وأشار إلى أن محاولات إسرائيل بالقضاء على الشعب الفلسطيني قد باءت بالفشل الذريع، وقال: «في 1948، طردت إسرائيل أكثر من 800 ألف فلسطيني، ولم يبق سوى حوالي 150 ألف منهم. اليوم، وبعد 70 عاماً، سيكون عدد هؤلاء بحسب معدل التكاثر العالمي حوالي نصف مليون شخص حالياً، ولكن تعدادهم الفعلي اليوم أكثر من ذلك بكثير»، لافتاً في دعابة أثارت ضحك الحاضرين: «إنهم يقصفوننا بالقنابل، ونحن نقصفهم بالمواليد الجدد».
Leave a Reply