ليفونيا – وليم سلايطة
بصوته الجميل وحضوره المميز أشعل الفنان القادم من الوطن الأردني قاعة الاحتفالات للمركز الثقافي في ليفونيا، مراراً بتصفيق العرب والأردنيين الأميركيين الذين حضروا من مناطق متفرقة من ميشيغن للمشاركة في الندوة الأدبية والشعرية التي أقامتها «الجمعية الأميركية الأردنية في ميشيغن» للضيف المبدع، صاحب القدرة الفائقة على التحول من القصيدة البدوية إلى العمودية بسلاسة واحتراف نادرين، الفنان عيسى صويص.
الشاعر والممثل القدير الذي عرفه الأردنيون والعرب من خلال شاشة التلفزيون الأردني، قدمه للحضور تلميذه في «مدرسة الفحيص»، عضو اللجنة التحضيرية للجمعية عاهد مصاروة، الذي أشاد بمسيرة صويص الفنية، واصفاً إياه بأنه «علم من أعلام الشعر والدراما في الأردن»، إلى جانب التمثيل الذي تميز فيه الضيف من خلال أدواره الرئيسية في أكثر من ثمانين عملاً درامياً تبوأ بطولة معظمها وقد تجاوزت شهرته حدود الوطن لتصل العالم العربي وخاصة دول الخليج بجماهيرها ومؤسساتها الإعلامية المحبة للمسلسلات البدوية التي أبدع المنتجون والممثلون الأردنيون في إنتاجها.
صويص تخرج من كلية الآداب في الجامعة الأردنية بدرجة الماجستير في اللغة العربية وآدابها في نهاية سبعينيات القرن الماضي. ثم عمل مدرساً للغة العربية قبل أن يتجه إلى الأدب والشعر.
ومن مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، التي كانت إحدى أرقى المؤسسات الإعلامية العربية ببرامجها والعاملين فيها، انطلق صويص ليصل رصيده الفني اليوم إلى عشرات الأعمال الدرامية الشهيرة، إضافة إلى نشره العديد من المؤلفات والدواوين الشعرية، خلال مسيرته التي تولى خلالها عدة مناصب مرموقة، منها مدير «مهرجان الفحيص» ومحاضر في «مركز الإعلام الأردني» وكاتب للنصوص في «الإذاعة والتلفزيون».
وعلى هامش الندوة الشعرية التي أحياها صويص في المركز الثقافي التابع لكنيسة «سانت ماري» مساء ٢٦ آب (أغسطس) المنصرم، تم توقيع الكتاب الجديد لرجل الأعمال الأردني الأميركي إلياس صويص بعنوان «العربي الأصيل: سيرة حياتي» والذي وزع مجاناً على الحضور. وقرأ المؤلف خلال الندوة فقرات من الكتاب تحكي مسيرة حياته الاغترابية ومسيرة تحقيق أحلامه الأميركية منذ وصوله إلى ديترويت عام 1972.
كذلك استمتع الحضور بعزف منفرد على آلة العود بصحبة الفنان الأردني الكندي جريس عيد الذي أدى العديد من الألحان والأغاني التراثية الرائعة. وعلى هامش الندوة، أجرينا حواراً مع الفنان الضيف، الشاعر عيسى صويص، إليكم أبرز ما جاء فيها:
– الكثير من أبناء الجالية تذمروا من أن زيارتكم كانت قصيرة وكان يجب تخصيص وقت أكثر هنا في ميشيغن وفي كاليفورنيا حيث تتواجد أيضاً جالية أردنية كبيرة؟
– لقد حرصت على إقامة أكثر من أمسية في أميركا فقبل ديترويت كانت لي عدة لقاءات أهمها الأمسية التي أقامها لي النادي الأردني الأميركي في جنوب كاليفورنيا بالتعاون مع نقابة الصحفيين العرب الأميركين، وقد كانت أمسية رائعة بمشاركة الشاعرة السورية وداد الطويل والشاعر الأردني المهجري عيسى بطارسة.
– كيف كانت الانطباعات بشكل عام؟
– لقد كانت ردود الفعل في كاليفورنيا عظيمة وقد كتب عنها الدكتور أنطون حواتمة مقالاً مفعماً بالعواطف والأحاسيس الجميلة وقد تكرم بتلقيبي بشاعر الأردن الأول، وكذك الاخت فاطمة بخيت كتبت مقالاً جميلاً في صحيفة «الإنتشار».
– يلاحظ متابع مسيرتك الفنية والأدبية أن الجانب المتعلق بالشعر وتحديداً الشعر النبطي يطغى على أعمالك الأخرى برغم نجاحاتك المتميزة في الفن والتمثيل والكتابة المسرحية… حتى يبدو كأنك تفضل لقب الشاعر على أي لقب آخر!
– أنا حقيقة أحب كل ما أقدّم ويسعدني أن أُعرف بكل ألقابي التي منحت لي وقُدِّرت بها من الناس… لكن أغلبية من يعرفني وتابع ويتابع أعمالي يدعوني بالشاعر والبعض الآخر بالأديب… وهكذا.
– إلى أي مدى يتقدم الشعر النبطي في هذا العصر التقني الذي تغلب عليه المادة والتطور السريع، هل لمثل هذا الفن مستقبل في ظل التغيرات الرهيبة في عالمنا؟
– كأي فن من فنون الشعر سيبقى الشعر النبطي في حالة تقدم وانتشار بوجود وسائل التواصل الاجتماعي وسيبقى له مريدوه ومحبوه وكتّابه!
– نحن نعلم أن الشعر النبطي له حضور مميز في دول الخليج العربي، فهل دول الخليج هي منبت وأصل هذا النوع من الشعر، وهل يمتلك هذا الشعر قواعد وأصولاً وظواهر، وهل من رسالة محددة لهذا النوع من الشعر؟
– من تسميته بالشعر النبطي معروف أن مكان نشأته لدى العرب الأنباط في جنوب الأردن وليس في أي مكان آخر. والشعر النبطي كغيره من الشعر له ضوابط كموسيقى الشعر والألحان والأوزان والقوافي وسيبقى كما بقية أنواع الشعر له حضوره ومريدوه. حقيقةً، هو شعر أقرب ما يكون بأوزانه وقوافيه إلى الشعر العمودي الفصيح ومكان نشأته كما قلت هو مدينة البتراء الوردية النبطية.
أما الرسالة التي يحملها الشعر النبطي لا تختلف كثيراً عن رسائل الشعر الأخرى إلا أنها تركّز أكثر على الإرشاد والنصح وتهتم أيضاً بأغراض الشعر الأخرى كالغزل والمديح والرثاء والهجاء والفخر وغيرها.
– اعترف لك بعشقي لمبارزات الزجل اللبناني، فهل لشعر الزجل علاقة بالشعر النبطي؟ وما هو مصدر هذا النوع من الشعر؟
– الزجل شعر اختصت به لبنان وجنوب سوريا وشمال فلسطين وليس له علاقة بالشعر النبطي فهذا فن من الشعر مختلف، ومصدر الزجل كما قلنا هو لبنان، وهو من أصول سريانية ومقتبس من الألحان الكنسية السريانية.
– كيف ترى مكانة وحضور الشعر النبطي في الأردن اليوم؟
– مكانة الشعر النبطي في الأردن محفوظة، وعليه إقبال شديد، خصوصاً في المجال الفني والدرامي. وهي كمكانة الشعر العربي عامة محفوظة ولها أهميتها ووجودها.
– هل تقرأ لنا قصيدة نبطية؟
– يسعدني ذلك:
المال يفنى وعابد المال تواه
واللي تجيبه ريح يسفاه سافي
لاتظن كثر المال يغنيك والجاه
عن صاحبٍ تلقاه بالضيق وافي
يعطيك حين العوز من كد يمنعه
ويبقى عضيدك بالسنين العجافي
وإن تامنه عالسر بلعون تلقاه
محفوظ عنده عالمخاليق تخافي
من رافق الاجواد بلعون ما تاه
ومن رافق الأنذال بلعون هافي
ومن قدم المعروف للناس يلقاه
وان طالت الأيام لا بد لافي!
– تُتّهم الصحافة الأردنية المختصة بالفن والأدب، بالمحسوبية وعدم النزاهة وافتقار المصداقية في تغطية إنتاج الأدباء والشعراء الحقيقيين فيتم النشر غالباً استناداً إلى العلاقات الشخصية أو العشائرية أو الجهوية وغيرها. والدليل على ذلك، هذا الشح الكبير في تغطية إنتاجك بينما تعج الصحف والمجلات بإنتاج أناس محسوبين خطأً على الشعر والأدب والتمثيل كيف تنظر إلى هذه النكبة الإعلامية؟
– نعم يا سيدي لنا عتب كبير على صحافتنا الأردنية التي لم تعد فيها القدرة على تحمل مسؤولياتها تجاه الإبداع والمبدعين وأصبحت فيها شللية واضحة وتمييز بين المبدعين والكتاب، لكن للأسف مثل هذه المعاناة لا تقتصر على إعلام الأردن بل تشمل جميع الدول العربية. وهذه مأساة تضاف إلى مآسينا الكثيرة والمتشعبة!
Leave a Reply