ديربورن – «صدى الوطن»
رغم موجات الذعر التي عصفت بجهات العالم الأربع، خلال الشهور القليلة الماضية، إلا أن مدينتا ديربورن وديربورن هايتس ظلتا تنعمان بأمان نسبي مع غياب تسجيل أية إصابات مؤكدة بفيروس كورونا في ميشيغن، حتى العاشر من شهر آذار (مارس) الجاري.
أول النُذُر جاء مع إعلان حاكمة ميشيغن غريتشن ويتمر حالة الطوارئ بعد تسجيل أول إصابتين بالمرض الوبائي بالولاية، وسرعان ما دبّ الهلع في أوساط العرب الأميركيين الذين تهافتوا على شراء السلع الغذائية ومستحضرات التعقيم ومنتجات النظافة، ما أدى إلى خواء رفوف الأسواق المحلية من بعض المواد الأساسية، كالخبز والمناديل الورقية وسوائل تعقيم اليدين.
الإقبال غير المسبوق على التبضع وتموين الحاجيات الضرورية، دفع بعض أصحاب الأعمال التجارية إلى رفع أسعار سلعهم، وهو ما أثار حفيظة الكثير من الزبائن الذين سرعان ما هدأت خواطرهم مع استجابة الباعة للأمر التنفيذي الذي أصدرته الحاكمة الديمقراطية، بحظر التلاعب بالأسعار ورفعها بنسبة تزيد عن العشرين بالمئة، إلا إذا ثبت ارتفاع تكاليف السلع على التاجر.
الإعلان عن حالة الطوارئ، أدخل العديد من مدن ميشيغن، وبينها مدينتا ديربورن وديربورن هايتس، في دوامة الكورونا، الأشبه بـ«انهيار الدومينو»، مع لجوء جميع المرافق الاقتصادية والاجتماعية، وكذلك المؤسسات الحكومية والعمومية، إلى تعليق أعمالها وأنشطتها، أو تضييقها حتى الحدود الدنيا، لتفادي التجمعات البشرية، منعاً لانتشار الفيروس المعدي.
وأمام التداعيات المستجدة، انحسر الطابع الاجتماعي عن المدينتين اللتين تتميزان بأنماط فريدة من العلاقات والعادات والتقاليد، مقارنة بالمدن الأميركية الأخرى. وأصيبت مظاهر الحياة بالشلل شبه التام، فغابت الزيارات العائلية والمصافحات، وتقلصت جلسات السهر والسمر في المطاعم ومقاهي الأركيلة، وانحسرت سهرات لعب الورق في البيوت وكاراجات المنازل.
وكان التوجس والقلق قد وجدا طريقهما إلى قلوب الديربورنيين عندما أعلنت ابتدائية «ويتمر–بولز» عن إخضاع أحد المعلمين لاختبار الكورونا، والذي ثبت لاحقاً إصابته بالفيروس الوبائي. ولم يمر كثير من الوقت، حيث أفادت الأنباء عن إصابة أحد موظفي شركة «فورد» لصناعة السيارات، ثم إصابة ثالثة لإحدى مرتادي صالة السينما في مجمع «فيرلين مول» التجاري بديربورن.
الركود الاجتماعي الذي طال أيضاً المساجد والمراكز الدينية، حيث عُلّقت الأنشطة والصلوات الجماعية، تزامن مع تغيير الدوائر الحكومية لبرامج دوامها الرسمي، إذ أعلن رئيس محكمة ديربورن، القاضي جين هانت، تعليق أعمال المحكمة من 16 حتى 31 آذار (مارس) واقتصارها على الجلسات المتعلقة بالسجناء قيد الاعتقال.
كذلك، أعلنت بلدية ديربورن تعليق متابعة المعاملات الإدارية شخصياً، وأوصت السكان وأصحاب الأعمال التجارية بإنجاز معاملاتهم عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني. ومع ذلك، فقد سمحت للديربورنيين بالحضور شخصياً إلى مقر البلدية للمشاركة في الاجتماعات العامة، موصية بالتزامهم بالإرشادات الصحية والحفاظ على مسافات كافية بين المتواجدين.
وتيرة الخوف ارتفعت مع تسجيل أول حالة وفاة بفيروس كورونا في ولاية ميشيغن، الأربعاء الماضي، إثر وفاة رجل في عقده الخامس في أحد مستشفيات «بومانت» بمقاطعة وين، في الوقت الذي ارتفع إجمالي عدد الإصابات المؤكدة إلى أكثر من 334 إصابة.
ورغم كثافة القرارات المحلية والفدرالية التي تسعى إلى تطويق أزمة كورونا وتفادي تفشي الوباء المستشري، فقد تجاوز عدد الإصابات حاجز الـ250 إصابة في يوم واحد بولاية ميشيغن (الخميس الماضي)، بشكل بات ينذر بأن «أجراس الخطر» ستواصل رنينها المشؤوم.
ولم يهدّئ من روع الديربورنيين، قيام مستشفى «بومانت» بديربورن، بتوفير فحص الكورونا على رصيف المستشفى، وفضل الكثيرون التزام منازلهم، فيما فقد آخرون بشكل مؤقت أعمالهم في المطاعم والمقاهي وخدمات النقل (عبر خدمتي «أوبر» و«ليفت»)، ناهيك عن الأعمال التجارية الصغيرة، كالمطاعم والمقاهي التي اضطرت إلى التوقف عن استقبال الزبائن، إضافة إلى محطات الوقود التي فقدت الكثير من مداخليها وأرباحها رغم الانخفاض الكبير في أسعار الوقود.
كذلك رصدت «صدى الوطن» اهتماماً غير مسبوق من أبناء الجالية بشراء الأسلحة تحسباً لتدهور الأوضاع الأمنية.
وبالرغم من هذه الأجواء الكابية، إلا أن الأسبوع الأخير شهد بعض المبادرات الطيبة من أصحاب الأسواق العربية الذين رفعوا سوية تنافسهم على استقطاب الزبائن، عبر تحسين الخدمات، حيث أعلنت «أسواق بابايا» و«أسواق المدينة» عن توفير خدمة تمكن الزبائن المسنين من التوصية على بضائعهم عبر الهاتف، ثم الذهاب إلى المتاجر، حيث يقوم العمال بتوصيل البضائع إلى سياراتهم، لتفادي وقوفهم في الطوابير المزدحمة.
كذلك، أعلنت مدارس ديربورن العامة عن استمرارها في تقديم وجبات الفطور والغداء لطلابها المحتاجين في ستة مراكز موزعة في أنحاء المدينة، هي «ثانوية فوردسون» و«ثانوية ديربورن» و«ثانوية أدسل فورد»، و«ابتدائية مكولو–يونس» و«إعدادية سالاينا» و«إعدادية وودوورث»، وهي خطوة إيجابية قوبلت بالكثير من الامتنان والعرفان، لاسيما وأن الكثير من عائلات ديربورن هي من الأسر المهاجرة والمحدودة الدخل.
في الختام، تهيب «صدى الوطن» بمن يعانون من أعراض فيروس كورونا وليس لديهم طبيب عائلي أو تأمين صحي، الاتصال على الرقم: 888.535.6136
كما تهيب بالأعمال التجارية المتأثرة اقتصادياً من جراء الأزمة، الاتصال على الرقم: : 888.522.0103
Leave a Reply