دمشق – بعد أكثر من سبعة أشهر على اندلاع الأزمة في سوريا، وافقت دمشق وجامعة الدول العربية، الأسبوع الماضي، على الورقة النهائية للخطة العربية، والتي تنص على وقف أعمال العنف كافة من أي مصدر كان حماية للمواطنين السوريين، والإفراج عن المعتقلين بسبب الأحداث الراهنة، وإخلاء المدن والاحياء السكنية من جميع المظاهر المسلحة، وفتح المجال أمام منظمات جامعة الدول العربية المعنية ووسائل الاعلام العربية والدولية للتنقل بحرية في جميع أنحاء سوريا للاطلاع على حقيقة الاوضاع ورصد ما يدور فيها من أحداث، كمقدمة لاجراء اللجنة الوزارية العربية الاتصالات والمشاورات اللازمة مع الحكومة ومختلف أطراف المعارضة من أجل الاعداد لانعقاد مؤتمر حوار وطني خلال فترة اسبوعين من تاريخه.
وفي تحدّ للحل العربي، على ما يبدو، قوبلت الورقة العربية بإعلان ما يسمى بـ”الجيش السوري الحر” مسؤوليته عن مقتل 15 عنصرا أمنيا في منطقة بالقرب من حماه. ويتحدث هذا التنظيم عن انشقاق ١٥ ألف جندي من الجيش السوري، الأمر الذي يراه المراقبون مبالغة غير واقعية.
وفيما أعلن رئيس وزراء قطر ورئيس اللجنة الوزارية العربية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، في القاهرة، قبول سوريا الورقة وترحيبه بهذا القبول، صدرت مواقف دولية تدين دمشق، في منحى تصاعدي شمل تركيا إضافة الى الولايات المتحدة والأمم المتحدة، وذلك فيما كان مندوب سوريا لدى الجامعة يوسف أحمد يشير إلى ما لم تتضمنه الورقة صراحة من “رفض مطلق للتدخل الخارجي ولأي خيار يأتي من خارج الحدود السورية”، داعيا إلى وقف كل أشكال “التحريض السياسي والإعلامي الخارجي”.
وحسب مصادر صحفية، بدأت السلطات السورية فعليا بالإعداد لسحب قواتها العسكرية من غالبية المدن، كما يتم التحضير لصدور قرار عفو تدريجي عن معتقلين سياسيين، وآخر بتشكيل لجنة للإعداد للحوار الوطني يرأسها نائب الرئيس فاروق الشرع. كما تبقي سوريا وقطر، حسب المصادر، خطا مفتوحا للتعاون في شأن تنفيذ الخطة العربية.
وكان الشيخ حمد أعلن في القاهرة أن سوريا قبلت من دون شروط الورقة العربية لإنهاء أعمال القتل والقمع، والدخول في حوار مع المعارضة. وأضاف حمد، الذي يرأس اللجنة الوزارية العربية الخاصة بسوريا، في مؤتمر صحافي في ختام اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة، أن الجامعة العربية سعيدة بالاتفاق، وسـتكون أســعد لو يطبـق فورا. ولفت الى أن المجلس أقر رصد مبلغ مالي للأمانة العامة لتغطية الأنشطة ذات الصلة بالمهام الموكلة إليها بموجب هذه الخطة، وإبقاء المجلس في حالة انعقاد دائم لمتابعة الموقف وتطوراته.
من جهته، قال الأمين العام للجامعة نبيل العربي إن “الهدف الحقيقي والرئيسي هو تقديم حل عربي ينقل رسالة واضحة ولها مصداقية إلى الشعب السوري بأن هناك نقلة نوعية تؤدي إلى وقف كافة أنواع العنف وفتح المجال” أمام منظمات الجامعة العربية ووسائل الإعلام لرصد ما يحدث في سوريا وإجراء حوار وطني، مشددا على ضرورة تطبيق الاتفاق.
الأسد: زلزال يحرق المنطقة بأسرها
إذا تدخل الغرب في سوريا
من ناحيته، حذر الرئيس السوري بشار الاسد من ان اي عمل غربي ضد دمشق سيؤدي الى “زلزال” من شأنه ان “يحرق المنطقة بأسرها”، وذلك في مقابلة مع صحيفة “ذي صنداي تلغراف” البريطانية نشرت الاحد الماضي.
وقال الاسد ان “سوريا اليوم هي مركز المنطقة. انها الفالق الذي اذا لعبتم به تتسببون بزلزال… هل تريدون رؤية افغانستان اخرى او العشرات من افغانستان؟”. واضاف ان “اي مشكلة في سوريا ستحرق المنطقة بأسرها. اذا كان المشروع هو تقسيم سوريا فهذا يعني تقسيم المنطقة برمتها”.
واكد الرئيس السوري انه يدرك ان القوى الغربية “سوف تكثف الضغوط حتما” على نظامه، ولكنه شدد على ان “سوريا مختلفة كل الاختلاف عن مصر وتونس واليمن. التاريخ مختلف، والواقع السياسي مختلف”.
واقر الاسد بأن قواته الامنية ارتكبت “اخطاء كثيرة” في بداية الحركة الاحتجاجية ضد نظامه، مشددا بالمقابل على انها لا تستهدف حالياً إلا الارهابيين.
وقال “لدينا عدد ضئيل جدا من رجال الشرطة، وحده الجيش مدرب للتصدي لتنظيم القاعدة”. واضاف “اذا ارسلتم جيشكم الى الشوارع فان الامر عينه قد يحدث. الان، نحن نقاتل الارهابيين فقط. لهذا السبب خفت المعارك كثيرا”. وشدد الرئيس السوري على ان رده على “الربيع العربي” كان مختلفا عن ردود فعل القادة العرب الاخرين الذين اطاحت بهم في النهاية حركات الاحتجاج الشعبية.
وقال “نحن لم نسلك مسلك حكومة عنيدة”، موضحا انه “بعد ستة ايام (من اندلاع الحركة الاحتجاجية) بدأت بالاصلاح. الناس كانوا متشككين بان الاصلاحات ما هي الا مهدئ للشعب، ولكن عندما بدأنا الاعلان عن الاصلاحات، بدأت المشاكل تتناقص، وهنا بدأ التحول، هنا بدأ الناس يدعمون الحكومة”.
وشدد الاسد على ان “وتيرة الاصلاح ليست بطيئة. الرؤية يجب ان تكون ناضجة. يتطلب الامر 15 ثانية فقط لتوقيع قانون ولكن اذا لم يكن مناسبا لمجتمعك سيؤدي الى انقسام. هذا مجتمع معقد جدا”.
واكد الرئيس السوري على ان ما تشهده سوريا اليوم هو “صراع بين الاسلاميين والقوميين العرب (العلمانيين)”، مضيفا “نحن نقاتل الاخوان المسلمين منذ خمسينيات القرن الماضي وما زلنا نقاتلهم”.
موسكو تواصل تزويد سوريا بصواريخ مضادة للسفن
وفي سياق آخر، أعلنت موسكو، الأسبوع الماضي، أنها تنفذ عقداً لتزويد سوريا بصواريخ روسية متطورة مضادة للسفن، مشيرة إلى أن التعاون العسكري التقني بين البلدين يتواصل بشكل طبيعي. وأعلنت روسيا مراراً أنها ستفي بعقد يعود لعام 2007 يقضي بتسليم أنظمة صاروخية مضادة للسفن (باستيون)، بالإضافة إلى صواريخ “ياخونت” إلى سوريا رغم محاولات إسرائيل والولايات المتحدة عرقلة الصفقة. يشار الى أن مهمة صواريخ “ياخونت” تدمير السفن الحربية، أما منظومة “باستيون” فخصصت لخفر السواحل. ويحمل الصاروخ 200 كيلوغرام من المتفجرات، وهو قادر على إصابة هدف يبعد 300 كيلومتر، ويستطيع التحليق على ارتفاع خمسة أمتار فقط، ما يجعل من المتعذر على الرادار اكتشافه.
Leave a Reply