علي حرب
يتابع السيد حسن القزويني، مرشد المركز الإسلامي فـي أميركا، حديثه الخاص فـي هذا العدد مع «صدى الوطن» بعد صمت طويل أعقب الرسائل المجهولة المصدر التي طالته باتهامات شخصية وعامة. وفـي حين أخذ رده على هذه الرسائل، الحيِّز الأكبر من الجزء الأول من المقابلة، يتطرق السيِّد القزيوني فـي الجزء الثاني والأخير إلى قضية الإصلاحات فـي المركز الإسلامي منتقداً الحد من إمكاناته وداعياً إلى لمّ الشمل حيث أبواب المركز مفتوحة للجميع.
استهل القزويني الحديث بالتساؤل «هل هناك عيوب؟ نعم. هل هناك أخطاء؟ نعم. هل هناك حاجة إلى إجراء الإصلاحات؟ نعم». وطالب بتوسيع نطاق عمل «المركز» ليكون موقعاً لجميع المسلمين الأميركيين. وقال «لا ينبغي على المركز الإسلامي فـي أميركا أنْ يكون مقر جنازات، لسوء الحظ، بعض الناس يريدون منا تنظيم الجنازات والأسابيع فقط. يجب أن تكون اهدافنا أكبر بكثير من ذلك. ويجب أن تصل رسالتنا إلى كل بيت. ينبغي أن يكون المركز بمثابة البيت الكبير للجالية».
واقترح القزويني إنشاء برامج جديدة فـي المركز لتوسيع دائرة تأثيره فـي المجتمع المسلم. وأردف «دعونا نبدأ شيئاً جديداً، دعونا نبني الثانوية والكلية الإسلامية، دعونا ننشيء مدرسة عربية للبالغين، دعونا نؤسس مكتبة، دعونا نقيم محطة إذاعية إسلامية وقناة تلفزيونية. نحن بحاجة إلى مركز إعلامي يتبنى المثل الإسلامية العليا وينشرها ويجعلها مفهومة للجمهور الأميركي. لماذا لا نملك كل هذا؟» وأوضح أنه كان واحداً من مؤسسي «مكتب التوعية بين الأديان»، الذي يُعزز الحوار بين مختلف الطوائف الدينية، «ولكن هذا المكتب ليس كافـيا بحد ذاته».
ليس مسجد ضيعة
وتطرق إلى دور أعضاء مجلس الأمناء فـي المركز فأشار القزويني الى «أن الأغلبية الساحقة من الأعضاء جيدون ونبلاء ولديهم الرغبة فـي تحسين وتطوير أداء المركز، ولكن ذلك لا يمنع من الإعتراف بان بعض الإخوة الأعضاء يفتقرون إلى الرؤية البعيدة». وأضاف «أن بعض الأمناء يعتقدون أن «المركز» هو مجرد ناد اجتماعي أو مسجد فـي ضيعة صغيرة. انا أرى المركز من خلال إسمه الكبير الذي اراده المؤسس الراحل الشيخ محمد جواد الشري ان يكون فعلاً المركز الإسلامي فـي أميركا. لذا يجب أن يكون «فاتيكان» المسلمين فـي الولايات المتحدة، وهو مركز على المستوى الوطني، وليس فقط مسجداً محلياً ونحن يجب أن نرتقي إلى مستوى الإسم».
وأوضح القزويني «أن اعتبار المركز مسجداً لديربورن فقط أو للجالية الجنوبية اللبنانية يحد من إمكاناته. ومع كل احترامي وحبي للجالية الجنوبية اللبنانية، إلا أنَّ هذا المركز هو لجميع المسلمين. وقد ساهم اللبنانيون الجنوبيون فـي إعمار المركز بسخاء عبر أموالهم وجهودهم، ونحن نقدر لهم ذلك، ولكن لم يبنِِ شعب جنوب لبنان هذا المركز لأنفسهم فقط، بل بنوه ليكون قلعة للإسلام فـي أميركا».
واستطرد القزويني أنه «لا يعتبر المركز الإسلامي مركزاً للشيعة بل إنه لجميع المسلمين وحتى غير المسلمين. بعض الناس يريدونه ان يقتصر على قرية، هذه العقلية خاطئة. ويجب علينا جبه التحديات التي نعيشها هنا فـي الولايات المتحدة وألا يقتصر تفكيرنا على لبنان أو العراق فقط او اي بلد آخر، ونحن يجب أن نستثمر فـي كل القضايا الوطنية، خاصة إذا كانت تشمل المسلمين».
وأكد القزويني أنَّ بعض أعضاء مجلس الأمناء يريدون البقاء بعيداً عن السياسة واقتصار دور المركز على إقامة «الصلوات وتوزيع «البعقات» وتنظيم حفلات جمع التبرعات. نحن لسنا مركزاً تجارياً ولا سوبر ماركت. نحن مؤسسة إسلامية ذات رسالة، ولا يمكن تجاهل رسالتنا. ينبغي أن نكون منفتحين على الجميع، مسلمين وغير مسلمين».
وانتقد القزويني «العضوية الأبدية» فـي مجلس الأمناء ودعا إلى تحديد ولاية جميع الأعضاء باستثناء الأعضاء المؤسسين. مجلس أمناء المركز الاسلامي يدير كل عمليات المركز فعلياً وفقاً للقزويني. ويصوت أعضاء المجلس لاختيار الرئيس كما ينتقي المجلس الموظفـين وينتخب أعضاء جدداً «وفـي العام الماضي، قرر مجلس أمناء المركز الاسلامي الحفاظ على جميع الأعضاء المنتخبين قبل عام ٢٠١٣ كأعضاء مدى الحياة والحد من ولاية أعضاء مجلس الأمناء الجدد إلى ثلاث سنوات. أنا لا أرى مشكلة مع الجزء الأخير أن يكون شخص ما عضواً لفترة ثلاث سنوات، ولكن هناك معايير مزدوجة. فلا يمكنك ان تقول لشخص ما، كنت عضواً فـي مجلس الأمناء لمدة ثلاث سنوات، وبعد ذلك عليك أن تذهب إلى بيتك، ثم تقول لشخص آخر إنك ستكون عضواً مدى الحياة، وهذه هي الفجوة التي تحتاج إلى إصلاح».
ودعا القزويني إلى قيام دور أكبر للجالية والجهات المانحة فـي تقرير مصير وشؤون المركز وتابع «لا ينبغي أن يكون المركز دائرة مغلقة حيث ينتخب الأعضاء القدامى أعضاء جدداً، فنحن نعيش فـي بلد ديمقراطي. أين هي الديمقراطية فـي المركز الإسلامي؟ الرعية ليس لها صوت داخل المجلس وهناك حاجة لمحاربة المحسوبية فـي المركز الاسلامي. اننا لا يمكن أن نعطي شخصاً ما دوراً هاماً فـي المركز لكونه ببساطة عضواً فـي مجلس الأمناء. ولا يمكن إعطاء وظيفة مدفوعة الأجر لشخص ليست لديه المؤهلات المطلوبة بل فقط لأنه عضو فـي مجلس الإدارة، لأن هذا سيعني أننا نفضل الولاءات على القدرات. عندما نقوم بتوظيف أي شخص، ينبغي أن ننظر إلى من هو الأكثر تأهيلاً، ولا ينبغي لنا تفضيل أشخاص بحجة أنهم يروقون لنا من محيط المجلس أو حلقات الأصدقاء والأقارب».
وعارض القزويني منح أي عضو فـي مجلس الأمناء وظيفة مدفوعة الأجر. وقال إنه يجب أن يكون أعضاء مجلس الأمناء متطوعين. بالنسبة إلى دوره قال إنه روحي من دون وجود صلاحيات إدارية.
جهود خيرية ومساعدة المحتاجين
وقال القزويني ان أي فرد يمكنه أن يثبت ان لديه حاجة مالية، بغض النظر عن العرق أو الدين، يحصل تلقائيا على مساعدة بقيمة ٥٠٠ دولار من المركز بعد ملء الأوراق اللازمة والتحقق من الحاجة.
وأضاف «كل شخص يأتي إلى هنا وبحاجة الى مساعدة، يحصل على مساعدتنا. أنت لا تحتاج إلى أن تكون لبنانياً أو عراقياً أو حتى مسلماً لتتلقى مساعدة بقيمة ٥٠٠ دولار. كل ما عليك القيام به هو استكمال الوثائق المطلوبة وهناك لجنة مؤلفة من أربعة أعضاء من مجلس الأمناء بالاضافة لي تشرف بنفسها على تبرعات الخمسمائة دولار، وإذا كانت هناك حاجة للمزيد من المساعدة المالية، فإنَّ اللجنة تنعقد لتقييم الموقف».
وكشف القزويني انه فـي السابق كانت موافقة المجلس بأكمله مطلوبة لمساعدة اي انسان بغض النظر عن قيمة المساعدة، وأسفرت هذه العملية الرتيبة الشاقة عن تراكم حوالي ٥٠٠٠٠ دولار مرصودة ومخصصة لمساعدة المحتاجين. و«حدث إصلاح فـي هذه العملية بعد ضغوط من قبلي وقبل بعض أعضاء مجلس الأمناء. وقد أضحى التغيير ممكناً قبل نحو عام بسبب حصول تغيير على صعيد الموظفـين فـي قسم المالية. وأن الجهود الخيرية فـي المركز تتجاوز التبرعات النقدية. وعلى الرغم من أن المركز ليس لديه مقراً جنائزياً، لكنه يساعد فـي تأمين الأموال اللازمة للدفن الديني السليم للمحتاجين من المسلمين. أي الشخص الذي يموت وليس لديه عائلة تدفع ثمن دفن جنازته، أنا أكون على استعداد لجمع أموال لترتيبات الدفن، ونحن لا نرد أي طالب خدمة او مساعدة». وأفصح أن المركز لديه صندوق طوارئ للحالات التي تحتاج إلى مساعدة فورية.
دعوة إلى الإعتدال والحوار
القزويني، الذي اتُّهم بالفساد والزنا فـي رسائل مجهولة ورد عليها نافـياً صحتها جملة وتفصيلاً فـي الجزء الأول من هذه المقابلة (انظر العدد السابق رقم ١٥٠٧)، دعا إلى مزيد من المرونة والارتقاء فـي المناقشات بين المسلمين. وختم بالقول «لدينا مشكلة فـي الجالية أنه إذا وقعت مشكلة بين شخصين، يسارع واحد منهما لوسم الآخر بأنه خائن أو كافر وهذا غير مقبول».
القزويني من مواليد العراق سنة ١٩٦٤ وحصل على شهادة عليا (معادلة للدكتوراه) من قم فـي إيران وكان قد هاجر إلى الولايات المتحدة سنة ١٩٩٣.
واستفتت «صدى الوطن» رأي القزويني فـي مسألة مسيرة الأربعين الحسينية التي طرحتها الصحيفة فـي افتتاحيتها من باب النقاش والحوار وتعرضت بسبب ذلك إلى هجمات ظالمة وعنيفة. وقال القزويني إنه لا ينتقد المسيرات ولكن فـي الوقت نفسه يدعو «إلى إتباع وسائل تتلاءَم مع الجغرافـيا والمحيط الذي نعيش فـيه»، مضيفاً أن هذا لا يعني الإبتعاد عن قيمنا الإسلامية ولكن يجب تفهم العقلية الأميركية واعتماد أساليب حديثة لتعريف الناس على الإسلام علماً إن ذكرى الإمام الحسين مقدسة لدى المسلمين الشيعة. وأضاف السيد أن المسيرات بالأعلام السوداء قد تكون مخيفة للذين لا يعرفون ما هية «عاشوراء». فـي كل سنة نرفع علماً أسود فوق بناية المركز خلال عاشوراء لكن هذه السنة رفعنا علماً أحمر لأن الأميركي الذي يقود سيارته على «فورد رود» قد يظن العلم الأسود هو علم «داعش». ونفى القزويني أنه من أتباع المدرسة الشيرازية موضحاً أنه من مقلدي المرجع السيستاني وانه ينهى
عن التعرض للصحابة وزوجات الرسول «ص»، وانه يؤمن ويدعو الى الأعتدال والحوار.
Leave a Reply