سباق كلينتون-أوباما يحتدم.. ومعركة ساوث كارولينا مفصلية
بعد مرور أربعة أسابيع على انطلاق الانتخابات التمهيدية للرئاسة الأميركية دخلت المعركة الانتخابية بين أبرز المرشحين من الحزبين مرحلة جديدة مع اقتراب يوم الثلاثاء الكبير، 5 شباط (فبراير)، الذي ستجرى فيه الانتخابات التمهيدية في حوالي نصف الولايات الأميركية، ويسبق هذا الموعد ثلاث جولات، الأولى في ساوث كارولينا، 26 الجاري (ديمقراطي)، والثانية في ولاية فلوريدا في 29 الجاري (جمهوري وديمقراطي) والجولة الأخيرة في ولاية ماين في أول شباط (جمهوري).
النتائج العامةجاء ترتيب المرشحين في الحزبين حتى الآن على الشكل التالي:
الديمقراطيون:الاول: باراك اوباما، ربح حتى الآن 38 مفوضا حزبياالثاني: هيلاري كلينتون، لديها 36 مفوضاالثالث: جون ادواردز، لديه 18 مفوضامايك غرافال ودينيس كوسينيتش لا شيء
الجمهوريون:الاول: ميت رومني، لديه 59 مفوضا حزبياالثاني: مايك هاكوبي، لديه 49 مفوضاالثالث: جون ماكين، لديه 36 مفوضاالرابع: رون بول، لديه 4 مفوضينالخامس: رودولف جولياني، لديه مفوض واحد
نتائج الانتخابات فـي نيفادا وساوث كارولاينا
ديمقراطيون في نيفادا: كلينتون 51 بالمئة من الاصوات: 13 مفوضاوباما 45 بالمئة: 12 مفوض ادواردز 4 بالمئة
جمهوريون في نيفادا:رومني 51 بالمئة: 17 مفوض رون بول 14 بالمئة: 4 مفوضماكين 13 بالمئة: 4 مفوضهاكوبي 8 بالمئة: 3 مفوض
و ساوث كارولاينا:الاول ماكين 33 بالمئة: 19 مفوضهاكوبي 30 بالمئة: 5 مفوضثومبسون 16 بالمئةرون بول 4 بالمئة
قراءة النتائج جمهوريا:يظهر عند الجمهوريين ان لكل المرشحين قدرة على القتال وان كانت متفاوته. وباستثناء رومني الذي يبدو محلقا وحاسما أمره، بقيت المراكز الثانية والثالثة والرابعة مسرحا لصولات البقية. فـ فريد ثومبسون الذي انسحب ظَهَر قبل انسحابه انه يأبى مغادرة الحلبة حتى لو خرج بثمانية بالمئة فقط من الاصوات في نيفادا وهي لا تخوله اكثر من مفوضين اثنين لا غير. الا ان حلوله ثالثا في ساوث كارولاينا تركه دون كسب اي مفوض بعد ان تقاسم المفوضين هناك المركزان الاول والثاني دون ان يتركا شيء للثالث (لكل ولاية قواعد خاصة في توزيع المفوضين على المرشحين الرابحين) غير ان حلول ماكين اولا في ساوث كارولاينا بعد ان كان حل اولا في نيوهامبشر وغياب رومني نهائيا من عداد رابحي هذه الجولة اعاد مجددا تهديد الاجواء التي يحلق بها الاخير. والمدهش هو الربح الاول الذي يحققه رودي غولياني والمتمثل في 4 بالمئة في نيفادا ما خوله الحصول على مفوض يتيم، ليعود ويربح في ساوث كارولاينا 2٪ من الاصوات دون ان يكسب اي مفوض جديد. وليس واضحا حتى الآن اي نوع من الاستراتيجيات يعتمدها غولياني الذي اصر على اهمال شن حملته الانتخابية على كل التمهيديات التي مضت مركزا على جولة فلوريدا القادمة في 29 من الشهر الجاري، لدرجة ان اتهمه بعض المراقبين بالترشح فقط للبقاء تحت الاضواء التي ادمنها عقب هجمات أيلول (سبتمبر) التي اظهر نفسه فيها مدبرا رابط الجأش واثق الخطى.اما رون بول فكان اول انتصار له في نيفادا حيث ربح 4 مفوضين قبل ان يراكم عليه نجاح أخر في ساوث كارولاينا تمثل في 4 بالمئة من الاصوات لكن مجددا دون كسب مفوضين جدد.وهاكوبي رغم حلوله الثاني في مجموع المفوضين الذين ربحهم حتى الآن الا انه لم يحل الا رابعا في نيفادا بثلاث مفوضين. لكنه أعاد استعادة بعض زخم في ساوث كارولاينا حيث الاعداد الكبيرة من الجمهوريين الانجيليين لكنه لم يستطع ان ينزع اكثر من 5 مفوضين من المركز الاول الذي شغله ماكين والذي استأثر بـ91 مفوضا.وكان فوز رومني في نيفادا متوقعا بل محققا لدرجة ان الاسوشياتيد بريس قد اعلنت فوزه حتى قبل ان يتم اعلان نتائج اول اقلام الاقتراع. ولم يكن ثمة تهديد له الا رون بول الجمهوري المتميز برأي استثنائي فيما يخص الحرب على العراق والارهاب وسيطرة رأس المال على قرارات واشنطن.ويطرح رومني، وهو رجل الاعمال السابق، وعودا بتغييرات اقتصادية غير مسبوقة عبر طرح سلة من المحفزات الاقتصادية تتفوق على كل ما يتم مناقشته في البيت الابيض منها اعفاءات ضريبية لذي الدخول المنخفضة والاعمال ايضاوربما اختلطت اوراق الوعود لدرجة اننا لم نعد نميز بين برنامج جمهوري عن آخر ديمقراطي، فرومني في خطاب النصر في نيفادا طرح افكارا كانت حتى وقت قريب محرمة على المرشحين الجمهوريين. ففي كل المناظرات التي اجروها لم يجرؤ احد منهم على طرح افكار اصلاحية لمصلحة اصحاب الدخول المنخفضة بل ان احدهم (توم تانكريدو الذي انسحب من السباق التمهيدي) غالى لدرجة طرح تخصيص ضمان الشيخوخة (سوشيال سيكيوريتي) ولكن يظهر ان بضاعة الديمقراطيين الانتخابية فرضت نفسها بعد ان اصبح المرشحون امام الواقع وتحت رحمة صوت المواطن الاميركي الذي يريد تحركات جادة لاصلاح الوضع.ويراهن الجمهوريون على انهم الاقدر على اصلاح الوضع الاقتصادي حيث انهم برعوا تاريخيا في خفض الضرائب فسياستهم تعتمد على عدم التدخل المباشر
من الدولة وعدم تقديم برامج اجتماعية وبالتالي عدم فرض ضرائب جديدة وهو الامر الذي يحبذه الناخبون. فالجمهوريون برعوا في هذه اللعبة اكثر من الديمقراطيين الذين تعتمد منهجيتهم على فرض ضريبة عالية في مقابل خدمات اكثر.ويتنظر المرشحون الجمهوريين جولاتٌ في فلوريدا في 29 من الجاري، و ولاية ماين في الاول من شباط (فبراير) قبل التوجه الى الثلاثاء الكبير الذي ستجري فيه التمهيديات في 22 ولاية اميركية في 5 شباط (فبراير) القادم.في فلوريدا خاض المرشحون الجمهوريون مناظرة مهمة فالفوز بفوريدا قد يكون له اثار مختلفة جدا. ففوز رومني سيعزز تحليق في اول المرشحين وقد يحسم امره، وخسارة ماكين قد تريح رومني كثيرا، اما فوزه فقد يرفعه الى عداد المرشحين المتقدمين فالفارق ما بينه وبين الثاني في ترتيب المجموع 4 مفوضين فقط.
ومن بين المرشحين ليس ثمة حتى الآن خصم واحد استطاع ان يلف حوله الناخبين بشكل يوحي بالحسم. وربما ساعد انسحاب ثومبسون في اضعاف ماكين لأن الاول كان ينافس هاكوبي ذو المركز الثاني حتى الآن على اصوات المسيحيين الانجيليين فيضعفه امام ماكين الذي اذهب قوته تشتت الاصوات على منافسين لديهم شعبية لكن ليست كافية للحسم. والآن، من المهم لرومني ان يضعف ماكين حتى يرتاح من منافسته وسرقة الاصوات منه. اما هاكوبي فقط تعزز دوره بغياب ثومبسون وتركت ساحة الانجيليين له ليصول فيها ما لم يفاجئه رومني بسلاح استراتيجي جديد يسلبه تلك الاصوات.
قراءة النتائج ديمقراطيا:ديمقراطيا ربحت كلينتون انتخابات نيفادا بحساب اصوات الناخبين (51 بالمئة) لكن اوباما حصل على نسبة اكبر من المفوضين رغم حلوله ثانيا (45 بالمئة). فقد ربح اوباما 13 مفوضا حزبيا في مقابل 12 لصالح كلينتون وذلك له علاقة بالطريقة التي يوزع فيها الحزب الديمقراطي مفوضيه بين مراكز الاقتراع في داخل الولاية حيث قد تحصل اقلام اقتراع على عدد اكبر من المفوضين رغم احتوائها على عدد اقل من الناخبين وذلك لاسباب حزبية في مدى اهمية المناطق المختلفة داخل الولاية.وافادت قناة «ام اس ان بي سي» ان مراقبين دميقراطيين صرحوا بأن كلينتون فازت بنصف اصوات البيض، وثلاثة ارباع اصوات الهسبان (يشكلون اغلبية النقابة التي دعمت اوباما). بينما فاز اوباما بثمانين بالمئة من اصوات السود.وكان الاحتدام على اشده بين حملتي المتقدمَيْن كلينتون واوباما حيث زعم قائمون على حملة الاولى انه قد هُدد داعموهم كي لا يحضروا الانتخابات العلنية (كوكاس) فيما ردد اعضاء من حملة الاخير ادعاءات ان كثيرين من داعميهم تلقوا مكالمات تلفونية تم ترديد فيها اسم «باراك حسين اوباما» في اشارة الى والد اوباما المسلم وذلك في سبيل تأجيج فوبيا الاسلام رغم ان اوباما اختار دين والدته المسيحية وليس دين والده المسلم.
معركة ساوث كارولاينا للديمقراطيين فـي 26 من الجاريستكون معركة الديمقراطيين يوم السبت القادم في ساوث كارولاينا مهمة لأوباما بسبب آلاف الافرو-اميركيين هناك الذين يحتمل ان يخرجوا للاقتراع بكثافة والذين يشكلون نصف الناخبين تقريبا. لكن قناة زان بي آرس تشير الى ان اوباما يجد صعوبة في كسب اصوات البيض في الولاية. في وقت تأمل كلينتون ان تكسب اصوات النساء حتى من بين الاميركيين السود.وتشير استطلاعات الرأي القادمة من الولاية ان اوباما متقدم على غريمته كلينتون على الاخص انه وبالاضافة الى ان نصف الناخبين في الولاية هم من السود غير انه ايضا اظهر قدرة على جذب الاصوات البيضاء من بين جيل الشباب الذين اعجبوا بخطابه المعتمد على فكرة التجديد السياسي بل تغيير نهج عمل الادارة الاميركية. هكذا فعل في ايوا التي ربحها في المركز الاول وكذالك ايضا في ولاية نيوهامبشر الذي حل فيها ثانيا بفارق ضئيل امام خصمه كلينتون (36 مقابل 39 بالمئة لـ كلينتون).اما ادواردز فقد كان ربح الولاية في العام 2004 وهي موطنه، لكنه هذه المرة يجد صعوبة في ايجاد مكان له بين المتنافسَين القويَين. وهذا ما ظهر جليا في مناظرة الولاية حيث سرق احتدام النقاش بين اوباما وكلينتون الاضواء دون ان ينجح ادواردز في محاولاته المتكررة ان يطرح ما بوسعه ان يشتت الانتباه عن خصميه المسيطرين. وتثور قضية الاقتصاد بقوة في الولاية فمعدل البطالة 6,6 مما يضعها ثالثة في الترتيب الوطني مع ما للعمالة اهمية حيث تحتضن الولاية واحدة من اهم شركات صناعة السيارات، بي ام دبليو، وشركات اخرى المانية في الشمال الغربي من الولاية. يأتي بعد الاقتصاد في الترتيب مسألة العراق والصحة في اهمية متتالية. وكان قع المناظرة في ساوث كارولاينا سلبي على الناخب، فلقد اتخذت منحى شخصيا واصبح الهجوم مركزا على تحطيم الخصم واظهار عيوبه بدل التركيز على البرامج الانتخابية المطروحة على الناخبين. فمغالاة المرشح الديمقراطي، ان كان اوباما او كلينتون، بتحطيم خصمة قد يرتد سلبا على النهائيات فيما اذا وصل المرشح المهاجَم الى النهائيات لمقابلة خصمة من الحزب الثاني. لأن اضعاف اي من المرشحين الاثنين لغريمه وكشفه لعناصر ضعفه سيكون هدية ثمينة تقدم الى المرشح الجمهوري المتوجه الى المنافسة على الرئاسة الاميركية.ويحاول اوباما ان يظهر بمظهر المستضعف امام كلينتون الزوج والزوجة اي هو يريد ان يظهر انه لا يقف فقط امام المرأة الجدية الاولى في تاريخ الانتخابات بل ايضا هو يناظر في وجه الرئيس السابق والقوي بيل كلينتون. وهو سلاح يستعمله اوباما ليكسب عطف الاقليات التي تغص بها الولاية.واثير نقاش محتدم في الصحف حول الصورة التي ظهرت فيها كلينتون وهي تصافح اوباما وابتسامة عريضة مرسومة على وجهها رغم الاحتدام الشديد الذي بلغه الصراع بين الاثنين. وهذا قد يرسل اشارات غير محببة الى الناخبين اذ يعكس حقيقة ان كلينتون ذات شخصية باردة وانها تستطيع ببراعة ان تتحكم بعواطفها وهذا يلغي تأثير الدموع التي كادت ان تذرفها الاخيرة قبل انتخابات نيوهامبشر حيث ظهرت انذاك بمظهر الصادقة التي لم تستطع كبح جماع مشاعرها وهي ترى «رسالتها» في الوصول الى البيت الابيض تضيع امام قوة خصمها اوباما الذي اظهرته استطلاعات الرأي انذاك قويا كاسحا. وسيكون على لوائح الحزب الديمقراطي في الولاية كل من كلينتون، اوباما، جون ادواردز وكوسينيتش.وينتظر بعد ساوث كارولاينا جولة للديمقراطيين في فلوريدا في 29، قبل ان يتوجهوا الى الثلاثاء الكبير ليجروا تمهيديات في 22 ولاية اميركية في 5 شباط (فبراير).
Leave a Reply