الانقسام الحزبي في الولايات المتحدة بشأن القضايا ذات الصلة بالعرب والمسلمين عميق لدرجة تثير القلق. فعلى سبيل المثال، حين سألنا الناخبين الاميركيين في استطلاع اجريناه اخيرا حول مواقفهم من العرب والمسلمين، كانت النتائج مثيرة للصدمة.
فبالنسبة للمواقف تجاه العرب كانت ايجابية عند الديموقراطيين بنسبة 57 بالمئة، وسلبية بنسبة 30 بالمئة، بينما كانت ايجابية عند الجمهوريين بنسبة 28 بالمئة فقط، وسلبية بنسبة 66 بالمئة.
وتجاه المسلمين كانت ايجابية عند الديموقراطيين بنسبة 54 بالمئة، وسلبية بنسبة 34 بالمئة، اما عند الجمهوريين فكانت ايجابية بنسبة 12 بالمئة فقط، وسلبية بنسبة 85 بالمئة.
هذه جزئية صغيرة من استطلاع اوسع لمواقف الاميركيين اجرته مؤسسة “زغبي انترناشيونال” للاستطلاعات ونشره المعهد العربي الاميركي. ولم تكن نتائج الاستطلاع الاخرى اقل اثارة للقلق، فقد اظهرت ردود الناخبين الاميركيين على السؤال تلو السؤال، نمطا واحدا من الردود. فمثلا، وافق 62 في المائة من الديموقراطيين على مقولة ان الاسلام دين السلام، بينما عارضها 79 بالمئة من الجمهوريين.
الحزب الجمهوري رهينة
فما الذي حدث لحزب جورج بوش الاب وجيمس بيكر؟ من ناحية، اصبح رهينة لعدة مجموعات تهيمن على قاعدة الحزب الآن وغيرت افكاره. فــ”اليمين المتدين” ورموزه من امثال بات باترسون ووليام هاجي وغاري باور يشكل 40 بالمئة من قاعدة الحزب الانتخابية. وتركيز هذه المجموعة على ما يعتقدون انه المعركة الفاصلة (أرمغادون) التي ستقع بين الخير (الغرب المسيحي واسرائيل) والشر (العرب والمسلمين)، هو الذي سوغ المشاعر لمناهضة المسلمين.
وهناك اقارب اليمين المتدين، من محافظين جدد ومعلقين اذاعيين يثيرون الخوف من الاسلام من امثال اوريلي وبيكي وليمبا وسافاج وغيرهم ممن ينفثون سمومهم عبر الاثير يوميا.
وعبّر 68 بالمئة و80 بالمئة من الديموقراطين عن رغبتهم في معرفة المزيد عن الاسلام وعن العالم العربي على التوالي، وقال 71 بالمئة من الجمهوريين انهم يعرفون ما يكفي عن الاسلام و58 بالمئة “من العالم العربي” وانهم لا يريدون معرفة المزيد.
سجل ناصع
وبالنسبة لجهود الرئيس اوباما في التواصل مع العالم العربي والمسلمين، ابدى 18 بالمئة من الديموقراطيين فقط معارضته لهذه الجهود، بينما عارضها 73 بالمئة من الجمهوريين.
وفي دراسة حديثة، تبين ان 60 عضوا في الكونغرس كلهم من الديموقراطيين وليس فيهم جمهوري واحد، لهم سجل ناصع في التصويت أو اتخاذ مواقف ايجابية حيال القضايا المتعلقة بالعرب والمسلمين الاميركيين.
وفي دراسة اخرى حول مواقف المسؤولين الاميركيين المنتخبين أو المرشحين لمناصب فدرالية من الجدل الدائر حول مشروع المركز الاسلامي في نيويورك أو “بارك 51″، تبين ان الديموقراطيين -باستثناءات بسيطة- كانوا من المؤيدين للمشروع ولحقوق المسلمين عموما، على العكس من الجمهوريين الذين يحاولون استغلال هذا الموضوع لاغراض انتخابية، كما فعلوا غداة هجمات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) 2001، وهم يخلطون الآن المخاوف الأمنية بـ”الاسلاموفوبيا”، انهم يمارسون لعبة خطيرة قد تكون لها عواقب وخيمة.
والآن، وفي الوقت الذي تشير فيه التوقعات الى ان الجمهوريين سيعززون مواقعهم في الكونغرس والمناصب الفدرالية الاخرى بعد الانتخابات، فربما يكون لدى انصار الدعوة لتعزيز التفاهم بين الولايات المتحدة والعالمين العربي والاسلامي المزيد من المبررات للشعور بالقلق مما هو آت.
* رئيس المعهد العربي الأميركي في
Leave a Reply