ما يسمى بوزيرالداخلية في البلد الفلتان، مروان شربل، قد يكون أسوأ من تسلم هذا المنصب حتى اليوم. الوزيرالمحسوب على ساكن «قصر» بعبدا، يبسط الأمور إلى درجة مريعة ويؤجل المسائل الملحة ويتفاءل من دون سبب فيقع دائماً في خيبة الأمل، على شاكلة بلد التسويات والمساومات والصفقات والسمسرات. هذا ما حصل تماماً مع قضية الحجاج المخطوفين اللبنانيين على يد المدعو «أبو إبراهيم»، الإرهابي وجماعته «اللحدية» في سوريا، بمساعدة مباشرة من النظام التركي ولحى وذقون حليقة محلية. فبعد الوعود التي أغدقها شربل على أسرالمختطفين وآل المقداد وبعد «تحرير» الأسير التركي أطلقت عصابات قطاع الطرق السورية-التركية أسيراً واحداً فقط، أي أسير بأسير وبقي تسعة حجاج قيد الأسر. وبقيت أسر المخطوفين لوحدها بعد أن تخلت الدولة عن واجبها إلى درجة أن هذه العائلات المفجوعة اضطرت إلى التظاهر أمام ضريح الحريري! أما السيء الذكر، أحمد الأسير فقد عقد معه صفقة بعد اعتصامه الذي لم يحقق شيئاً سوى قطع أرزاق الصيداويين، ولم يؤمن له رداً واحداً من قبل المقاومة على «جعجعاته» وبالتالي بقيت القافلة تسير فلم يتمكن الأسير من قبض ثمن اعتصامه على ما يبدو. لكن بفضل ضميره الميت و«كرم» شربل والدولة المحنطة، خرج الأسيرمن دون ملاحقة قانونية له ولأنصاره في مسجد «ضرار» بعد أن بلع مطالبه السخيفة ونسي اللعبة «الولادية» التي كان يزعق من أجلها، لكنه ظل يتحين الفتنة المناسبة فوجدها في مناسبة عاشوراء هذا العام.
لايهم ما حدث في منطقة «التعمير» في صيدا لأن الجميع يعرف، حتى عبيد آذار الصغار، أن أحمد الأسير يتحرق وينتظر بفارغ الصبر ويموت شوقاً من أجل أن يرد عليه السيد حسن ولو بكلمة، ولكن السيد لا يرى الطفيليات الصغيرة. وتمنى الأسير أن تسيل نقطة دم واحدة حتى يصرخ مطالباً «بدم عثمان». وقميص عثمان هذه المرة كان الرد من قبل الأهالي على قيام الأسير بنفسه بإقتحام المنطقة ذات التنوع المذهبي من أجل إزالة الصور والشعائر العاشورائية التي تزين المنطقة منذ قبل ولادة ذرية الأسير أو حتى قبل «شبه الوطن» نفسه وهي ليست بحاجة إلى إذنٍ من أحد. هذه الخطوة لم تسبقه إليها أكثر الدول والقوى عداءً لمذهب أهل البيت، وكأن الإمام الحسين هو للشيعة فقط أو إحياء ذكراه يشكل استفزازاً لأحد بينما هوشهيد البشرية والإنسانية! وجه الغرابة في كل هذا ليس سلوك «المأسور» بمواقفه المأفونة والمعروضة للبيع لمن يدفع أكثر في سوق المزايدات الطائفية، بل في تصرف مروان شربل أمام جريمة الدم الأسيرية الجديدة وتبسيط ما فعله هو وإبنه الصنديد ضد قوى الأمن الداخلي. فالصبي «الشلمصطي» عمر إبن الخامسة عشرة عاماً كان يقود سيارة ذات زجاج عازل من دون لوحة ومن دون رخصة قيادة! تصوروا يا أمة الله، ماذا كان سيحصل لـ«ماينور» (مراهق صغير) في البلاد الراقية إذا ضبط وهو يقود سيارة من دون رخصة أو «نمرة»؟ لكن في البلد الراقي لبنان ماذا كان جواب وزير «الداخلي»؟ أن تنقل فرخ البط من دون رخصة «مش مشكلة». أما بالنسبة للإعتداء على حاجز قوى الأمن مثل عصابات المافيا المتمثل بحضور «الواد الكبير» ومرافقيه في موكب سيارات وهجومهم على عناصر الحاجز الخمسة وتهديد «الكبير» لآمر الحاجز قائلاً: «أنا الدولة. وفي حال أرسلت بطلب ابني إلى المخفر، سأكسره على رؤوسكم»، فهل يعتبر شربل هذا الإغتصاب للدولة مشكلة أم لا؟ وهل سيعقد معه صفقة جديدة تجعله يخرج منتصراً وهو من أجبن الجبناء لأنه يحتمي وراء أنصاره والنساء؟ إن دماء القتلى الثلاثة في «حي التعمير» هي في لحية أحمد الأسير ومن وراءه من موتورين ومجرمين وموقدي فتن. عمر الأسير تصرف كبلطجي وهو «بلا صغرة» إبن لبائع فتن فكيف إذا كان، يا ترى، إبن زعيم سياسي فعلي؟
وفي حين يترقب العالم بقلق أن يعلن «الكبير»، الذي كأنه فعلاً خارج من مسلسل مصري، ولادة الجناح العسكري لحزب محاربة طواحين الهواء أو «حزب دونكيشوت» (المعارك الوهمية) وهدفه المعلن قتال حزب إيران بالدرجة الأولى ثم إسرائيل أما هدفه غير المعلن فهو إزالة الشعائر الحسينية، تقوم إسرائيل بضربة عسكرية مباغتة لقطاع غزة وتغتال قائداً عسكرياً كبيراً فلا نجد الذي زارها مؤخراً من أسياد الأسير يحرك ساكناً ما خلا بعض الكلام المعسول كما لم يستنفر العالم لتسليح الفلسطنيين كما سارع كالبرق لتسليح السلفيين في سوريا الذين لم تتحمل جمعية حقوق الإنسان ذبحهم للأبرياء كالنعاج من الوريد إلى الوريد وعلى الشاشات. سوريا هي التي وقفت إلى جانب الشعب الفلسطيني فعلاً لا قولاً وزودته بالسلاح ولقمة الخبز والمأوى وهي التي، رغم تكالب الجميع عليها، لم تنس قضية فلسطين وكانت الوحيدة التي وقفت مع السودان ضد الإعتداء الإسرائيلي وسط صمت العرب المطبق. هؤلاء العرب المتخاذلون هم من طينة «المطاوع» في صيدا والمضحك أن الأخير لبى جهود التهدئة بعد وساطاتٍ متعددة أولها من شربل نفسه. نشكر جهود الخيرين لأن المقاومة التي «كيعت» إسرائيل بكل قوتها كانت مرعوبة من «جيش دونكيشوت» والمارشال الفني فيه فضل شاكر، لكن المقاومة مشغولة هذه الأيام بإختراع قط آلي يتلقف الفئران والحشرات الآلية التي تستعين فيها إسرائيل في الحرب المقبلة، قبل أن تتفرغ المقاومة للفئران البشرية!
Leave a Reply