ازدادت حدة المعارك على الارض في ريف دمشق وحلب وحمص والقلمون وصولاً الى المحافظات الجنوبية التي تنتظر مدى جدية الهجوم المنتظر عبر الحدود الأردنية، لإسقاط العاصمة السورية بقبضة المجموعات المسلحة التي تعمل السعودية -بإشراف أميركي وتسليح باكستاني- على إعدادها لـ«غزوة دمشق» بدءا من درعا «بنغازي سوريا»، كما تفيد التقارير.
وقد وجّهت القوات السورية، واحدة من أقوى الضربات إلى المسلحين التابعين لـ«جبهة النصرة» وكتائب إسلامية، وقضت في كمين محكم في الغوطة الشرقية بريف دمشق على حوالي 175 مسلحا، وهو ما يشكل رسالة انذار قوية من الجيش مع تزايد الحديث عن قرب فتح جبهة حوران في الجنوب السوري انطلاقا من القواعد الخلفية للمسلحين في الاردن، وبدعم من واشنطن.
ومع تعثر الجولة الثانية من مفاوضات جنيف، برزت خلال الأسبوع الماضي معلومات تفيد بأن المبعوث الأممي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي يتجه لتقديم تقريره إلى مجلس الأمن الدولي بشأن «جنيف 2» في 13 آذار (مارس)، في ظل صراع أميركي-روسي في أكثر من مكان بالعالم.
الجولة الأخيرة من المفاوضات كانت عقيمة ويرى الخبراء أن تعزيز عملية التفاوض لايمكن أن تحقق حلا حقيقيا للصراع من دون مشاركة فعالة للقوى الخارجية التي بدا عليها «الإضطراب» وهذا ما أظهرته الدبلوماسية الأميركية من سخط على سير المفاوضات بتوجيه الإتهام للشريك الروسي بعرقلة العملية التفاوضية.
واتهم وزير الخارجية الأميركي جون كيري، في مقابلة مع قناة «أم اس ان بي سي»، موسكو بأنها «تشجع مغالاة» الأسد. وقال «بصراحة، روسيا تعزز مساعدتها للأسد. لا أرى أن ذلك بنّاء بالنسبة إلى الجهود المبذولة لحمله على تغيير رأيه ولأن يقرر أن عليه التفاوض بحسن نية». وأكد أن أوباما «يعيد باستمرار دراسة الخيارات المتوفرة. إن الرئيس لا يستبعد أي خيار. ولا أي خيار». وأوضح كيري، رداً على سؤال حول الضغوط التي يمارسها أعضاء من الكونغرس بهدف تدخل أميركي في سوريا، «هناك قوانين يتعين احترامها، هناك إجراءات. هناك قيود أكبر لما يمكنكم فعله إذا لم توجه إليكم أمة دعوة للقيام به، أو إذا لم تفعلوه للدفاع عن أنفسكم، وإذا لم يكن لديكم قرار من الأمم المتحدة. أستطيع القول إن لا أحد راض، لا الرئيس، ولا أنا، ولا أحد في الإدارة في ما نحن عليه اليوم. نؤمن بأن علينا أن نفعل المزيد».
محنة مخيم اليرموك الى نهايتها
تقترب محنة أهالي مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين قرب دمشق من الانتهاء، مع قيام الفصائل الفلسطينية بتنفيذ انتشار محدود في القسمين الغربي والجنوبي من المخيم كمرحلة أولى من تنفيذ اتفاق المصالحة بين الحكومة السورية والمسلحين المتمركزين فيه، وذلك برعاية 14 فصيلا فلسطينيا ولجنة مصالحة شعبية فلسطينية.
وأخلي المخيم من المقاتلين الغرباء، ولا سيما الذين يمثلون مجموعات «جبهة النصرة» و«أحرار الشام» و«ابن تيمية»، بحيث لم يتبق سوى المسلحين الفلسطينيين، وهؤلاء وافقوا على «تسليم السلاح مقابل تسوية أوضاعهم»
كما واصل المسلحون تسليم أنفسهم في العديد من المناطق السورية، حيث سلم الخميس الماضي 432 شخصا من المتورطين في الأحداث الجارية أنفسهم وأسلحتهم إلى السلطات في بلدات بقين ومضايا وداريا بريف دمشق.
وفي حمص تم تسوية أوضاع 50 شابا ممن تم إجلاؤهم من أحياء مدينة حمص القديمة مؤخرا بعد تدقيق الجهات المختصة اوضاعهم واتخاذ الإجراءات المتعلقة بالتسوية.
السعودية تسلح
وكانت وكالة «فرانس برس» قد قالت إن السعودية، التي شهدت تغييرات في قيادة الملف السوري، تجري محادثات مع باكستان لتزويد مقاتلي المعارضة بأسلحة مضادة للطائرات والدروع، بما يسمح بقلب التوازنات على أرض المعركة جنوباً.
ونقلت الوكالة عن هذه المصادر أن السعودية ستحصل على هذه الأسلحة من باكستان التي تصنع نموذجها الخاص من الصواريخ المضادة للطيران المحمولة على الكتف «مانباد» والمعروفة باسم «إنزا»، إضافة إلى الصواريخ المضادة للدروع، مشيرة إلى أن تأمين هذه الأسلحة يترافق مع إذن باستخدام تسهيلات للتخزين في الأردن.
وكان رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض أحمد الجربا وخلال زيارة سريعة له إلى شمال سوريا الأسبوع قبل الماضي، وعد رئيس مقاتلي المعارضة بأنهم سيحصلون قريباً على أسلحة نوعية. ويؤكد مقاتلو المعارضة من جهتهم بأن حصولهم على أسلحة مضادة للطيران وللدروع سيسمح لهم بقلب ميزان القوى لمصلحتهم.
وأشارت «فرانس برس» أن الولايات المتحدة ترفض حتى الآن تقديم هذا النوع من الأسلحة إلى مقاتلي المعارضة السورية خشية وقوعها بأيدي الفصائل المتطرفة.
«داعش» و«النصرة»
تتجه الأوضاع بين «جبهة النصرة» وتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) إلى المواجهة الشاملة، وتأجيج نيرانها في سوريا والعراق ايضا، بعد تهديد زعيم «النصرة» أبو محمد الجولاني، أمس، بنقل المعركة إلى الساحة العراقية، فيما حذرت موسكو السعودية من امداد المقاتلين السوريين بصواريخ مضادة للطائرات تحمل على الكتف، معتبرة ان مثل هذه الخطوة ستعرض الامن في الشرق الاوسط وغيرها من المناطق للخطر.
وأمهل زعيم «جبهة النصرة»، أبو محمد الجولاني، تنظيم «داعش» خمسة أيام لإيقاف تجاوزاته والإحتكام إلى الشرع، مؤكّداً أن «الجبهة» صبرت على تهمه وتعدياته سنة كاملة دفعاً لمفسدة أعظم. وفيما يواصل الطرفان الاستعداد لـ«حرب أهلية جهادية»، تتوقع المصادر كلمة وشيكة للمتحدث باسم «داعش» أبو محمد العدناني، يرد فيها على تهديدات زعيم «النصرة» أبو محمد الجولاني… وتكون بمثابة «ساعة الصفر»
جاء ذلك في تسجيل صوتي نشرته «جبهة النصرة»، رثى فيه الجولاني أبو خالد السوري، عضو تنظيم «القاعدة» السابق ورفيق أسامة بن لادن والزرقاوي وسفير الظواهري، بعد مقتله على يد «داعش».
وطلب الجولاني الرد من «داعش» بشكل رسمي، وذكرها بأن الجبهة لم تستنفر بعد، وهدد قائلاً: «والله لئن رفضتم حكم الله مجدداً ولم تكفوا بلاءكم عن الأمة لتحملن الأمة على الفكر الجاهل المتعدي، وأنتم تعلمون مئات الإخوة الأفاضل الذين ينتظرون إشارة من الأمة في العراق».
وكفّر الجولاني «الإئتلاف» وهيئة أركانه، وقال في معرض حديثه إن خلافهم مع «داعش» لا يمنع من وجود جماعات وقعت في ردّة وكفر، وهي تقاتل الدولة الإسلامية، كالإئتلاف وهيئة الأركان، كونهم يعملون على جيش وطني يسعى لتثبيت حكومة علمانية والقضاء على مشروع إسلامي راشد.
ومن ناحيته، أعلن تنظيم «داعش» أنه فرض على المسيحيين في الرقة دفع جزية بقيمة 17 غرام من الذهب على الشخص، وعدم إظهار ما يشير الى دينهم مقابل عهد أمان بحسب بيان نشر على الانترنت. وأصدر تعليمات تمنع ترميم الكنائس ودق الأجراس والصلاة في العلن. كما حظر على المسيحيين امتلاك الأسلحة وبيع لحم الخنزير والخمر للمسلمين.
الأسد: «البعث» بات أقوى
وفي سياق آخر، أكد الرئيس بشار الأسد أن «حزب البعث العربي الاشتراكي» بات أقوى بعد الانشقاقات التي لحقت به، والتي وصفها بـ«التنظيف الذاتي»، معتبراً أن «الحاضنة الشعبية للإرهاب آخذة بالتقلص ودائرة المصالحات الشعبية إلى اتساع، وهي الوسيلة الأكثر فاعلية لمواجهة مشروع إسقاط سوريا الذي يجري التركيز عليه بعد سقوط موجات الربيع العربي».
ونقلت صحيفة «البعث» عن الأسد تشديده، خلال لقائه قيادة فرع دمشق للحزب وقيادات الشعب والفرق التابعة له، على أن «لصمود دمشق خلال الأزمة التي تعيشها البلاد منذ ثلاث سنوات دوراً أساسياً في صمود سوريا».
وقال إن «الحزب بقي متماسكاً خلال الأزمة، وذلك بسبب الحالة الصحية التي شهدها في هذه الفترة، والتي تمثلت بعملية التنظيف الذاتي في بنيته، من خلال خروج وفرار بعض المنتسبين إليه، وهذا التماسك ناتج عن كون الحزب مؤسسة منتجة للكفاءات ولا تتوقف بخروج هؤلاء».
وشدد الرئيس الأسد على «ضرورة الحوار والتواصل الفعال والبناء مع الأحزاب الجديدة على الساحة السورية، من أجل تحديد آليات التواصل المستقبلية معها، وصياغة التحالفات المثمرة مع الأحزاب التي تتقاطع أفكارها مع أفكار البعث»، داعياً إلى «الابتعاد بالعمل الحزبي عن الخطابية والإنشائية، واعتماد منهج التحليل العلمي لكونه السبيل الوحيد لتطوير هذا العمل الحزبي»، مؤكداً «أهمية الحوار مع غير الحزبيين، وهذا يتم عبر السلوك المستقيم للقيادات والكوادر الحزبية».
وقال «نحن أمام تحديات كبيرة أظهرتها الأزمة، وأول تحد هو مواجهة الفكر المتطرف الذي يحاول أن يتغلغل في المجتمع، والتطرف عندما يدخل إلى المجتمع يصبح الوضع خطيراً، كما أن لدينا فراغاً فكرياً خطيراً لم نكن نراه، وهذا تحد كبير في حزب البعث، إضافة إلى حالة اللاوطنية التي بدت أكبر من التوقعات، وواجبنا أن نناقش كيف نعالجها وهناك حالة الوطنية بلا وعي».
وأشار الأسد إلى أن «المطلوب هو تطوير الحوار داخل الحلقات الحزبية، ومن دون الحوار لا يمكن أن نطور الحزب والوطن، وفكرة الحوار الذاتي مطلوبة الآن، وعلينا أن نقبل النقد لنطور أفكارنا، وإذا لم نبتعد عن اللغة السطحية نحو التحليل لن نتغير».
واعتبر الأسد أن «الحاضنة الشعبية للإرهاب آخذة بالتقلص ودائرة المصالحات الشعبية إلى اتساع، وهي الوسيلة الأكثر فاعلية لمواجهة مشروع إسقاط سوريا الذي يجري التركيز عليه بعد سقوط موجات الربيع العربي».
Leave a Reply