دمشق، عواصم – صخر نصر
بدا المشهد السوري في الأسبوع الأول من شهر نيسان (أبريل) الربيعي الدافىء مختلفا عما سبقه بعد أن استعاد الجيش السوري زمام المبادرة في ريف اللاذقية الشمالي مع مواصلة تقدمه في ريف دمشق وظهور بوادر تسوية كبرى في حمص. وعلى وقع التطورات الميدانية التي تصب في صالح دمشق، والإشتباك السعودي-القطري الذي ينعكس سلباً على تماسك المسلحين الإسلاميين في سوريا، حيث تتواصل المعارك بين الفصائل المتناحرة في شرق البلاد ولاسيما في محافظة الحسكة، تلقى الرئيس السوري بشار الأسد رسالة دعم من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي ضم للتو شبه جزيرة القرم رسمياً الى الإتحاد الروسي.
وقد نقل رئيس الجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية سيرغي ستيباشين رسالة شفهية من بوتين إلى الأسد، «أكد فيها تصميم بلاده على مواصلة دعمها صمود الشعب السوري بجميع المجالات، في الحرب التي يخوضها ضد الإرهاب الدولي المدعوم من قبل بعض الدول الغربية والإقليمية».
واعتبر الأسد، الذي التقى بطريرك إنطاكية وسائر المشرق أفرام الثاني كريم، «أن الدور المهم الذي تقوم به روسيا على الساحة الدولية يسهم في رسم خريطة جديدة لعالم متعدد الأقطاب»، مؤكدا أن «لا خيار أمام الشعب السوري سوى الانتصار في حربه على الإرهاب والفكر الظلامي المتطرف الدخيل على مجتمعنا.
ميدانياً، فجرت المراوحة على جبهة ريف اللاذقية الشمالي الخلافات بين المسلحين، الذين أطلقوا اتهامات بحق بعضهم البعض بشأن فشل الهجمات وقيام البعض بسرقة المنازل من دون تقاسم «الغنائم»، فيما كان الجيش السوري يتقدم في المليحة وجوبر بالغوطة الشرقية في ريف دمشق وحي الوعر في حمص التي يتوقع ان تتم فيها «عملية تسوية كبيرة».
في اللاذقية، سيطر على الموقع 45 الاستراتيجي سيطرة كاملة، ما يعني أن استعادة مدينة كسب باتت في متناول اليد، كما حرر الجيش السوري بلدة المليحة المتاخمة لمدينة جرمانا والواقعة على مشارف مدينة دمشق، مكبدا مسلحي «النصرة» والفصائل المتحالفة معها خسائر فادحة اضطر بعدها المسلحون للانكفاء شرقا بعد الفشل الذريع لهجوم شنّوه على محورَي جوبر-العباسيين والمليحة-جرمانا- باب شرقي، حيث أمطر المسلحون مدينة جرمانا بنحو سبعة عشر قذيفة هاون راح ضحيتها عدد من المدنيين منهم ستة أطفال في الدخانية.
وهذه المعارك ليست «موضعية» منفصلة عن السياق العام للمعارك في ريف دمشق، بل إنها تأتي، بحسب مصادر سورية رسمية، ضمن برنامج وضعته القيادة السورية لتحرير القدر الأكبر من الأراضي التي يحتلها المسلحون في المنطقة الوسطى ودمشق، تمهيداً لتحسين شروط قتال الجيش في المنطقتين الجنوبية والشمالية.
وتأتي هذه العمليات بعد التقدم الذي أحرزه الجيش والقوى الرديفة له في منطقتي القلمون (ريف دمشق الشمالي) وريف حمص الغربي (قلعة الحصن والزارة)، وبعد التسويات التي أرست الهدوء في ريف دمشق الجنوبي. وترى المصادر أن ما جرى ليس سوى مقدمة للمعارك الكبرى، التي ستستغرق وقتاً طويلاً، والهادفة إلى تحرير كامل مناطق غوطة دمشق الشرقية من المسلحين.
دولياً، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الثلاثاء الماضي (أول نيسان)، أن المجتمع الدولي بدأ التحضير لمؤتمر «جنيف 3» لتسوية الأزمة السورية. وأشار الأمين العام في مؤتمر صحفي له في بروكسل أن العملية التي أطلقت أثناء مؤتمر «جنيف 2» لم تأت بالنتائج المرجوة. وقد سارع الائتلاف الى تحديد شروط جديدة للموافقة على حضور «جنيف 3»
كما شنت «مجموعة الـ11» (أصدقاء سوريا) الداعمة للمعارضة، هجوماً على السلطات السورية، وذلك على خلفية الاستعدادات التي تقوم بها من اجل إجراء الانتخابات الرئاسية المتوقع أن تتم قبل تموز (يوليو) المقبل، مؤكدة أن نتيجة هذه الانتخابات لن تكون لها أي شرعية، في وقت كرر وزير الخارجية الأميركي جون كيري أن الرئيس السوري بشار الأسد «فقد الشرعية لحكم البلاد»، برغم تأكيده تمسك واشنطن بحل سياسي للأزمة، ووزعت وزارة الخارجية الأميركية بياناً باسم «مجموعة الـ11» الداعمة للمعارضة السورية، وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وايطاليا وفرنسا والسعودية ودولة الإمارات وقطر ومصر والأردن وتركيا، اعتبرت فيه أن «انتخابات يجريها نظام الأسد ستمثل مهزلة ديمقراطية، وستكشف رفض النظام لقواعد مؤتمر جنيف وستزيد من حدة الانقسامات في البلاد».
Leave a Reply