عماد مرمل – «صدى الوطن»
لا يبدو رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري بوارد انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، برغم كل التوقعات التي راجت مؤخراً في بعض الأوساط اللبنانية، وروجت بأن الحريري بات قريباً من دعم ترشيح الجنرال.
أسباب دعم الجنرال
نظرياً، يعدد مناصرو عون العديد من الأسباب التي يمكن أن تبرر للحريري، برأيهم، التحول من دعم رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية الى تأييد الجنرال:
– الأزمة المالية الصعبة التي يتخبط بها الحريري، من شركة «أوجيه» المتعثرة في السعودية، الى مؤسساته في لبنان والتي تشكو من شح مالي أفضى الى صرف عدد من العاملين وإبقاء العدد الآخر من دون رواتب منذ أشهر طويلة، وبالتالي فان هذه الأزمة تضعف قدرة رئيس «المستقبل» على المناورة السياسية.
– تلازم المسارين بين وصول عون إلى قصر بعبدا وعودة الحريري الى السرايا الحكومية، بحيث باتت الرابية ممراً إلزامياً لرئيس «تيار المستقبل» نحو رئاسة الحكومة التي من شأنها أن تعيد اليه وهجاً فقده خلال السنوات الماضية، على كل المستويات.
– تمسّك عون باستمرار ترشيحه الى رئاسة الجمهورية حتى الرمق السياسي الأخير ورفضه التراجع لأي كان، مهما طال الوقت أو اشتدت الضغوط، ما يعني أن الحريري يراهن على انتظار عبثي لن يدفع الجنرال الى الملل أو تبديل موقفه.
– إصرار «حزب الله» غير المسبوق على المضي حتى النهاية في تأييد حليفه البرتقالي في معركته الرئاسية والتضامن معه في مقاطعة جلسات الانتخاب وتعطيل نصابها، الأمر الذي يمنح ترشيح عون وزناً ثقيلاً.
– تأييد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ترشيح عون، ما يضع الحريري أمام أكثرية مسيحية داعمة للجنرال، فإذا وافق على انتخابه يكون منسجماً مع إرادة الجزء الاساسي من المكوّن المسيحي مع ما يعنيه ذلك من تصحيح للتوازن الوطني وتكريس للميثاقية، في حين أن استمرار اعتراضه على الجنرال سيوحي بأن الزعيم السني يقف في مواجهة الشريك الآخر في الوطن ويصادر حقوقه، الأمر الذي سيرتب تداعيات طائفية قد تهدد النظام السياسي الحالي واتفاق الطائف.
أسباب عدم دعم الجنرال
لكن، وبرغم كل هذه الاعتبارات التي من شأنها تجميل خيار عون في عيني الحريري، إلا أن هناك من يعتقد ان رئيس «المستقبل» لن يتجرأ على التصويت لهذا الخيار، انطلاقا من الحسابات الآتية:
– إن الحريري الذي دفع غالياً ثمن ترشيحه للنائب سليمان فرنجية، سواء في داخل تياره أو في بيئته الشعبية، لن يغامر بتوسيع «الكوع» في اتجاه دعم عون الذي توجد حساسيات فائقة حياله في الشارع السني، أكبر بكثير من تلك الموجودة حيال فرنجية.
– إن عون ليس مقتنعاً بجمهورية الطائف وإنما هو مضطر الى التعايش معها، ما يعزز مخاوف «المستقبل» من النيات المعلنة والمضمرة للجنرال، في حين ان فرنجية هو ابن «بيولوجي» للنظام ويشكل جزءاً من نسيجه الطبيعي.
– إن عون الذي سيحاول عند انتخابه أن يقدم نفسه بصورة الرئيس القوي والقادر على أن يحقق بشخصيته التوازن الذي اختل بعد تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية، سيصطدم كثيراً مع رئيس الحكومة المفترض سعد الحريري، في تكرار لتجربة إميل لحود-رفيق الحريري.
– إن السعودية لا يمكنها أن «تهضم» انتخاب عون الذي قاتل اتفاق الطائف بشراسة عند ولادته، ورفض الانخراط في التسوية (1989) التي كانت الرياض شريكة أساسية فيها آنذاك، ما أدى الى صدام عسكري معه سمح لدمشق لاحقا بان تفرض إيقاعها على نمط تنفيذ الطائف.
– إن السعودية تعتبر وصول عون الى قصر بعبدا في هذا التوقيت بمثابة انتصار لمحور إيران- «حزب الله»، خصوصاً أن الجنرال هو المرشح العلني والثابت لدى الحزب، وهي ليست مستعدة كما يبدو لإهداء هذا المحور انجاز لبناني مجاني في مرحلة اشتداد المواجهة معه في المنطقة. وهناك من يقول إن السفير السابق للملكة في لبنان علي عواض عسيري دفع ثمن اجتهاده في دعوة عون الى المشاركة في حفل عشاء نظمه قبل أشهر، فجرى نقله من عمله في بيروت، علما أن ابنه لا يزال يتلقى علومه الجامعية فيها.
– إن الحريري لا يستطيع مخالفة مزاج المملكة، مهما حصل من تباين موضعي بينه وبينها، لأن اي انفصال عنها سيكون وفق حساباته بمثابة انتحار سياسي ومادي له، وهذا مؤداه أن الحريري لا يمكنه انتخاب عون من دون موافقة صريحة من الرياض التي بات صوتها هو المرجح، فيما هي لا تزال تحجبه عن الجنرال.
Leave a Reply