لانسنغ – بعد 11 ساعة من النقاشات المحتدمة وجولات التصويت التنافسية، اختتم الجمهوريون في ولاية ميشيغن، مؤتمرهم الحزبي العام في مدينة لانسنغ، مساء السبت الماضي، بانتخاب الناشطة الإفريقية الأميركية، كريستينا كارامو، لقيادة الحزب في السنتين القادمتين، فيما تم انتخاب ثلاثة ناشطين عرب أميركيين لمناصب حزبية رفيعة، وذلك لأول مرة في تاريخ الحزب الجمهوري في ميشيغن.
وخاضت كارامو التي تحظى بدعم القواعد الشعبية للحزب الجمهوري، سباقاً شرساً على رئاسة الحزب بمواجهة ثمانية مرشحين آخرين، وقد تطلب فوزها إجراء ثلاث جولات تصويت في ظل عدم تمكن أي من المرشحين التسعة من نيل 50 بالمئة من أصوات المندوبين في الجولتين الأوليين.
وكانت الجولة الأولى قد أسفرت عن تأهل ثلاثة مرشحين، هم: كارامو والمحامي ماثيو ديبيرنو بالإضافة إلى المستشار السياسي المخضرم، سكوت غرينلي، الذي لم يحالفه الحظ في التأهل إلى الجولة الثالثة.
وانحصرت المنافسة في الجولة الأخيرة، بين كارامو وديبيرنو، بحصول المرشحة الإفريقية الأميركية على 58 بالمئة من الأصوات مقابل 42 بالمئة للمحامي المدعوم من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
وفي الواقع، تُوصف كارامو بأنها «ترامبية أكثر من ترامب نفسه»، بسبب تمسكها بمزاعم تزوير انتخابات الرئاسة 2020 والانتخابات الأخيرة في تشرين الثاني (نوفمبر) 2022، والتي أسفرت عن خسارتها سباق سكريتاريا الولاية بفارق 14 نقطة مئوية أمام السكرتيرة الديمقراطية جوسلين بنسون.
ورغم هزيمتها في نوفمبر بفارق حوالي 615 ألف صوت، كرّرت كارامو خلال إعلان ترشيحها أمام آلاف المندوبين الحزبيين، السبت الماضي، رفضها القبول بنتائج الانتخابات الأخيرة واصفة العملية الانتخابية بـ«الاحتيالية».
كذلك، شبهت كارامو، القيادة الحالية للحزب الجمهوري بـ«المافيا السياسية»، مؤكدة أنها ستحوّل الحزب إلى «ماكينة سياسية تبث الرعب في قلوب الديمقراطيين».
وستخلف كارامو، رئيس الحزب الحالي، المليونير رون وايزر، الذي قرر عدم الترشح للاحتفاظ بمنصبه بعد الخسائر التاريخية التي تعرض لها مرشحو الحزب في انتخابات نوفمبر الماضي، والتي أفضت إلى سيطرة الديمقراطيين على جميع السلطات السياسية في ميشيغن، لأول مرة منذ ثمانينيات القرن الماضي.
ويمثل انتخاب كارامو لرئاسة الحزب الجمهوري في ميشيغن سابقة تاريخية باعتبارها أول امرأة سوداء تتولى هذا المنصب. كما أنها المرة الأولى في تاريخ الولاية التي تترأس فيها امرأتان من أصول أفريقية كلاً من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في ميشيغن، حيث أعاد الديمقراطيون في مؤتمرهم العام خلال عطلة نهاية الأسبوع السابق، انتخاب لافورا بارنز –بالتزكية– لرئاسة الحزب الأزرق لفترة ثالثة من سنتين.
يشار إلى أن الحزبين الديمقراطي والجمهوري في ميشيغن ينظّمان –كل سنتين– مؤتمراً عاماً لانتخاب قيادة جديدة لهما. وسوف تتولى بارنز وكارامو قيادة الحزبين في انتخابات 2024.
برنامج كارامو
بعد انتخابها ليلة السبت الماضي، صرحت كارامو لوسائل الإعلام، بأن أولويتها الأولى هي توسيع انتشار الحزب ليشمل «السكان والأفراد العاديين في مناطق لم نتوغل فيها قط، خاصة في أميركا الحضرية»، في إشارة إلى المناطق ذات الكثافة السكانية المرتفعة مثل ديترويت وضواحيها والتي غالباً ما تصوت بفارق كاسح للديمقراطيين.
ولفتت كارامو، وهي مربية وناشطة سياسية محافظة من سكان مدينة أوك بارك، إلى أنها ستركز ماكينة الحزب على القضايا المحلية بدلاً من شؤون السياسة الوطنية، معربة عن ثقتها بتحويل الحزب الجمهوري في ميشيغن إلى «حزب ناجح وقادر على الفوز بالانتخابات مرة أخرى».
وفي 18 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، كانت كارامو قد أصدرت برنامجها لقيادة الحزب والذي تضمن محاربة «رهاب الجمهوريين» بين فئة الشباب من خلال نقل المدارس «من التلقين إلى التعليم»، وتعزيز صلاحيات المندوبين المحليين، و«محاسبة المسؤولين الجمهوريين المنتخبين» استناداً إلى الدستور كمقياس للحكم.
وحول تزوير الانتخابات، قالت كارامو: «أي شخص لا يتعامل مع الفساد الانتخابي المنهجي، يجب استبعاده من أي منصب في قيادة الحزب».
في المقابل، شكّك معارضو كارامو في قدرتها على توحيد الحزب وجمع الأموال بسبب «تاريخها في نشر نظريات المؤامرة»، بما في ذلك، المزاعم بتزوير الانتخابات.
وقال النائب الجموري السابق في مجلس ميشيغن التشريعي، آرون ميللر إن فوز كارامو يشير إلى أن بعض الجمهوريين في ميشيغن يريدون الاستمرار في خسارة الانتخابات، معتبراً انتخاب كارامو بأنه يوم حزين للحزب الجمهوري.
وقال ميللر لصحيفة «ديترويت نيوز»، إن فوز كارامو رسخ مقولة أن الحزب الجمهوري هو «حزب إنكار الانتخابات ونظريات المؤامرة… ودعم أعمال الشغب في الكابيتول»، مشيراً إلى أن ذلك قد يترجم إلى انحسار التبرعات والالتفاف الشعبي حول الحزب مما سيحرمه من القدرة على المنافسة في الانتخابات.
غير أن كارامو نفت تلك المزاعم، مؤكدة أن «الناس بحاجة لرؤية حزب جيد التنظيم وقادر على المنافسة والدفاع عن القيم التي نتبناها».
وأوضحت كارامو أن التبرعات ستعود إلى التدفق «عندما يرى الناس شيئاً يستحق الاستثمار فيه، والحزب لم يثبت أنه كذلك»، في إشارة إلى الضعف الفادح في تمويل حملات المرشحين الجمهوريين في انتخابات 2022.
عرب في مراكز اخرى
انتخاب كارامو لم يكن المؤشر الوحيد على توجه الجمهوريين نحو إعادة تشكيل حزبهم، وجعله أكثر تنوعاً وشمولية، شهد مؤتمر الحزب في لانسنغ، السبت الماضي، سابقة تاريخية جديدة، بانتخاب ثلاثة مسلمين عرب لشغل مناصب اخرى.
وفي السياق، تم انتخاب الناشطة اللبنانية الأصل من ديربورن، رولا مكي، لمنصب نائب رئيس الحزب لشؤون التواصل، بعد تغلبها على منافسين اثنين بحصولها على 59 بالمئة من أصوات المندوبين.
ومكي مندوبة عن الحزب الجمهوري في ديربورن، وكانت من أبرز المتحدثين أمام مجلس ديربورن التربوي ضد الكتب المدرسية المتعلقة بالمثلية الجنسية، كما أنها كانت ناشطة في دعم حملات المرشحين الجمهوريين واستضافتهم في عاصمة العرب الأميركيين، الخريف الماضي. وتعتبر مكي، التي ترتدي الحجاب التقليدي، أول امرأة مسلمة تتولى منصب نائب الرئيس في تاريخ الحزب الجمهوري.
كذلك، تم تعيين كلّ من، علي حصين في منصب نائب الرئيس للشؤون الإدارية، وحسن نعمة في منصب نائب الرئيس لشؤون التحالفات، وقد جاء اختيارهما بالتزكية لعدم ترشح أي منافس بمواجهتهما.
Leave a Reply