شكلت تصريحات النائب في كونغرس ميشيغن، وعضو اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري، دايف أغيما، المعادية للمسلمين والمثليين في الولاية، مصدر إحراج حقيقي «للحزب الأحمر» الذي يسعى الى التقرب من الأقليات، سيما بعد الهزائم الإنتخابية المتتالية التي مني بها على المستوى الوطني.
أغيما |
فاعتماد الحزب على الأميركيين البيض لم يعد مجد على المدى الطويل مع التحولات الديموغرافية التي تشهدها البلاد، وهذا ما دفعه في الآونة الأخيرة الى بذل مزيد من الجهود لتوسعة شعبيته بين المهاجرين وأبناء الأقليات.
حتى أغيما نفسه حاول التنصل من تعليقاته على «الفيسبوك»، حتى لا يكون كبش فداء الحزب الجمهوري الذي يخوض معارك انتخابية شرسة في ميشيغن هذا الخريف، كما على مستوى البلاد، حيث يسعى الجمهوريون الى استعادة السيطرة على الأغلبية في مجلس الشيوخ والحفاظ على أغلبيتهم في مجلس النواب، ليصبح الرئيس باراك أوباما «بطة عرجاء» في العامين الأخيريين من عهده.
تفاؤل الجمهوريين مبرر مع تدني شعبية أوباما بسبب فضائح التجسس وتعثر قانون الرعاية الصحية «أوباما كير». ولا يراد لهذا التفاؤل أن يتضاءل بسبب «أصوات نشاز» من اليمين المتطرف داخل الحزب، كالنائب أغيما الذي يمثل ميشيغن في اللجنة الوطنية للحزب، وقد سجل غيابه عن اجتماع مركزي للحزب في واشنطن الخميس الماضي، ما قد يكون خطوة نحو استقالة النائب عن منطقة غراند رابيدز في كونغرس ميشيغن.
وبالنسبة إلى العديد من قيادات حزب «الفيل»، هناك حاجة ماسة إلى قاعدة إنتخابية متنوعة لكي يفوزوا في أي انتخابات محلية أو الوطنية، ولهذا كان لا بد لهم من نبذ تصريحات أغيما التي نشرها على صفحته بموقع التواصل الإجتماعي «فيسبوك»، حين انتقد المسلمين والمثليين باعتبارهم «لا يقدمون شيئاً لأميركا».
وتوالت ردود الإدانة لتصريحات أغيما حتى من داخل الحزب، وسط دعوات إلى إقالته.
وحول هذه المسألة صرح جو منعم، وهو مستشار للحزب الجمهوري في مدينة وورن، إنه «شعر بالإهانة نيابة عن والده المسلم» الذي يعمل بروفسوراً جامعياً يدرس مادة الرياضيات. وقال «لدينا عضو في اللجنة الوطنية للحزب يتجرأ على الشعور أن من واجبه إعاقة الحزب برمته من خلال إسراعه في خلق هذا النوع من الإنقسام.. هذا الهراء يمنع التركيز على رسالة الحزب الحقيقية».
ويأتي هذا النقاش الداخلي بين جمهوريي ميشيغن، في وقت يحاول فيه الحزب الإحتفاظ بسيطرته على كونغرس الولاية ومنصب الحاكم وباقي المناصب التنفيذية، بل إنه يسعى أيضاً تحرير مجلس الشيوخ الأميركي من قبضة الحزب الديمقراطي لأول مرة منذ العام ٢٠٠٦، حيث يسعى الجمهوريون الى انتزاع مقعد الولاية الذي سيشغر بتقاعد السناتور الديمقراطي الحالي، كارل ليفين.
وهذا ما قد يدعو رئاسة الحزب الجمهوري من أغيما الى أن يتنحى، ولكن الأخير قال الأسبوع الماضي إن التعليقات الواردة على صفحته منقولة عن أحد الأشخاص، إنه «يتمسك بخدمته لله والعائلة والوطن»، قبل أن يتغيب عن اجتماع اللجتة الوطنية في واشنطن.
وكان رئيس اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري راينس بريبوس قد قال لصحيفة «فري بريس» إنه يجب معاملة الناس بإحترام وشرف وهذه التعليقات من جانب أغيما لا تعكس ذلك.. بل كانت خطاً واضحاً يفتقر إلى الجدارة والقيمة.
بدوره لم يذكر حاكم ولاية ميشيغن ريك سنايدر، في خطابه عن «حال الولاية»، أغيما بالاسم لكنه تحدث عن ضرورة إظهار «نوع من التحضر إزاء أصحاب الآراء والخلفيات المختلفة»، ما اعتبره المراقبون توبيخاً لأغيما.
وقد شكت عدة مؤسسات إسلامية من «ترويج أغيما لعدم التسامح الديني» كما دعت مجموعة مثلية داخل الحزب الجمهوري إلى إستقالته.
وقال ناشطون مثليون إن أغيما لم يتعلم -على ما يبدو- من الدروس الإنتخابية في العام ٢٠١٢، وقد انتقد هؤلاء ثناء النائب الجمهوري على قانون روسيي معاد للمثليين. وإذا كان بعض الجمهوريين يتمنون رحيله، إلا أنه لا يمكن إنكار أن أغيما يمثل شريحة مهمة من تيار المحافظين القوي في الحزب.
أحد هؤلاء الداعمين هو ديفيد ويلز (٤٧ عاماً) عضو لجنة الحزب التنفيذية عن مقاطعة «كنت (غراند رابيدز)، حيث أشار الى أن تصريحات أغيما «اقتطعت من سياقها في بعض الحالات وفي حالات أخرى جرى تضخيمها وتم التعامل معه على أنه مصدر هذه التصريحات التي كان فقط يمررها». معتبراً أن الهجوم عليه جاء من بعض الأشخاص أصحاب الأجندات الخاصة الذين يعملون ضد أي فرد يحمل «أجندة محافظة»، ومن ضمنهم المحازبين». وأضاف ويلز «دايف يحاول أن يجعل مؤسسة الحزب تدرك أن الإحباط.. يعني فقدان المبادئ».
إلا أن مسؤولي الحزب يقولون أن كلام ومواقف أغيما تعزز من المفهوم السائد لدى العامة بأن «الحزب الجمهوري غير متسامح.. وهذا غير حقيقي».
وكان أغيما الذي تدرج في حياته من طيار إلى عضو في مجلس النواب في ولاية ميشيغن، قد صرّح أمام حفل في مقاطعة بيريين (جنوب غرب ميشيغن) بكلمة قال فيها «إن المثليين يتلاعبون بالنظام للحصول على فوائد صحية مجانية لأنهم مصابون بمرض «الأيدز» الذي يفتك بهم وهم في مقتبل العمر».
ووصف مرض «الأيدز» بأنه «قضية أخلاقية تناولها الإنجيل..»، ثم قام هذا الشهر عبر صفحته على «الفيسبوك» بالدفاع عن قانون روسي يجرم أية دعاية للمثليين.
وقد علق رئىس الحزب الجمهوري في ولاية ميشيغن بوبي شوستاك بالقول إن هذه المواقف «ليست صفعة في وجه حزبنا فقط بل في وجه الدستور. إن الحزب الجمهوري يقف مع حرية الرأي الذي يدوس عليها القانون الروسي المذكور وأنا بصفتي عضو في الجالية اليهودية أعلم مدى الألم الذي يلحقه الإضطهاد الديني».
الحزب الجمهوري يسعى للتنوع
وتأتي تصريحات أغيما في وقت حساس جداً يسعى فيه بنشاط لتوسيع قاعدته وضم السود واللاتين وعنصر الشباب وغيرهم إلى صفوفه خصوصاً بعد خسارته للأصوات الشعبية في الإنتخابات الرئاسية الست الأخيرة. وعلى سبيل المثال، قام الحزب الجمهوري في ميشيغن بإفتتاح مركز إنتخابي إفريقي أميركي لكي يجذب إليه ناخبين من ديترويت.
ويحاول الجمهوريون فك العزلة المكلفة للحزب العريق قبل انتخابات الخريف المقبل حيث تسعى سكرتيرة ميشيغن السابقة وعضو اللجنة الوطنية للحزب، تيري لين لاند، الى الفوز بعضوية مجلس الشيوخ الأميركي مكان السناتور كارل ليفين، حيث تواجه منافسة قوية من النائب في الكونغرس الأميركي عن مقاطعة أوكلاند غاري بيترز.
وفي معرض ردها على مواقف أغيما ذكرت حملة لاند الإنتخابية أنها «لا تتساهل مع أعمال التمييز أو الخطاب العنصري ونحن نعتقد أن الناس جميعاً يستحقون أن يعاملوا بكرامة وإحترام». إلا أن حتى إضطرار لاند للإجابة عن هذه الأسئلة حول أغيما من شأنه أن يضر بقضية حزبها لدى بعض الناخبين.
وذكر كوري سيلر عضو «مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية» (كير) أن ولاية ميشيغن قد لا تحوي عدداً كبيراً من السكان المسلمين إلا أنها تحتوي على شريحة عربية أميركية ضخمة والعرب المسيحيون يشعرون بنفس إهانة أغيما مثل أقرانهم المسلمين».
ويعتبر الصوت العربي والمسلم بالغ التأثير على مستوى ميشيغن سيما إذا ما احتدم الصراع الإنتخابي كما هو منتظر في تشرين الثاني (نوفمبر). وباستمرار الخطاب الجمهوري المعادي للمسلمين لن يكون أمام هؤلاء سوى التصويت لصالح الديمقراطيين، كما جرت العادة في السنوات الماضية.
Leave a Reply