سباق محموم بين الولايات على تقريب مواعيد الانتخابات التمهيدية
تاريخيا كانت ولاية أيوا اولى الولايات التي تبدأ انتخاباتها التمهيدية لاختيار مرشحي الحزبين الرئيسيين (الديمقراطي والجمهوري) الى الانتخابات النهائية للرئاسة الاميركية، تليها نيو هامبشير. يدفع هذا الامر المرشحين الحزبيين الى بدء حملاتهم الانتخابية في هذه الولايات قبل غيرها. ينتج عن هذا الاجراء تركيز المرشحين من الحزبين كل جهدهم للفوز في التصفيات في هاتين الولايتين وبالتالي اهمال الولايات التي تأتي تصفياتها التمهيدية في وقت لاحق.
التركيز على الولايات الاولى يجعل المرشحين مهتمين بتفاصيل الاجندات والمواضيع التي تهم هاتين الولايتين لأن الفوز فيهما يؤثر نفسيا واعلاميا على مجرى الانتخابات التمهيدية في الولايات المتبقية. وتضيع بالتالي اهمية قضايا ذات اثر كبير على الناخبين في ولايات كبيرة مثل ميشيغن التي تهتم بالدرجة الاولى بمشاكل البطالة وصناعات السيارات المتقهقرة والركود الاقتصادي. وتطغى القضايا الاقل اهمية في ولايات مثل أيوا ونيو هامبشير على قضايا اكثر اهمية في ولايات ذات تعداد سكاني ضخم بسبب إلتفات حملات المرشحين عنها الى الولايات ذات التعداد السكاني القليل. ويصبح هم المرشح الفوز بتلك الولايات الاقل اهمية وتضيع الغاية الاساسية من الحملات الانتخابية وهي التركيز على قضايا تؤثر على المواطنين الاميركيين على الصعيد الوطني. ويبدأ اهتمام المرشحين بالولايات مع بدء الانتخابات التمهيدية حيث تدور المنافسة بين مرشحي الحزب الواحد للفوز بأصوات حزبة ويصبح مرشح الحزب للرئاسة. ويقوم مرشحي كل حزب بالترويج لأنفسهم عبر زيارات يقومون بها الى كل الولايات. ولأن كل ولاية تستطيع ان تقرر بمفردها وقت انتخاباتها التمهيدية (إعتيادية أو علنية) فإن بعض الولايات تبدأ انتخاباتها التمهيدية قبل الولايات الاخرى.
قرار الحزب الديمقراطي تعديل توقيت الانتخابات التمهيديةومحاولة من الحزب الديمقراطي المركزي تفادي المشاكل الناجمة عن المواقيت المبكرة وضع في 19 من آب (أغسطس) 2006، مواقيت جديدة للانتخابات التمهيدية للعام 2008 كالتالي: – في ولاية ايوا لا تعقد قبل 41 كانون ثاني (يناير) 2008- في ولاية نيفادا لا تعقد قبل 19 كانون ثاني- في ولاية نيو هامبشير لا تعقد قبل 22 كانون ثاني- في ولاية ساوث كارولاينا لا تعقد قبل 29 كانون ثاني
وتستطيع كل الولايات المتبقية ان تعقد انتخاباتها التمهيدية بعد فتح باب المرحلة التمهيدية في 5 شباط (فبراير) 2008 الا ان هذه المواقيت لم ترق للحزب الديمقراطي في ميشيغن، اذ بقيت ولايات قليلة الاهمية متقدمة في مواقيتها عليها ولم تتحقق الغاية التي يطمح اليها الحزب الديمقراطي من ان تكون ميشيغن ولاية مؤثرة في اختيار المرشحين الرئاسيين الديمقراطيين بسبب القضايا المهمة التي تقض مضجع السياسيين واغلبها اقتصادية. لذلك عمدت حاكمة ولاية ميشيغن جينيفر غرانهولم الى التوقيع، الثلاثاء الماضي، على قانون يقرّب موعد التصفيات الحزبية الى 15 كانون ثاني، لتكون في المقدمة، في خرق واضح لقرار الحزب الديمقراطي المركزي.وجاء هذا القانون رغم تهديد الحزب الديمقراطي الوطني بعدم استقبال مفوضي الحزب من ميشيغن الى المؤتمر الوطني. وقالت غرانهولم ان الديمقراطيين في ميشيغن «يريدون المرشحين للرئاسة من الحزب ان يهتموا بالقضايا التي تهم اقتصاد ميشيغن من قبيل سياسات التجارة والتي تؤثر على صناعاتنا، والتركيز على مسألة الضمان الصحي الشامل، بالاضافة الى ايجاد حلول لاعتماد الولايات المتحدة على النفط المستورد».ولم يأت هذا القانون من الفراغ، اذا ان الموسم الانتخابي للعام 2008 تميز بمعارك قانونية غير مسبوقة ما بين الولايات لتقريب مواقيت المرحلة التمهيدية الخاصة بها حيث تعمل كل ولاية على ان تكون الاولى في معركة التسابق على الفوز بانتباه المرشحين الحزبيين. فقبل ميشيغن قامت كل من فلوريدا وويومنغ بتقريب مواعيد انتخاباتها التمهيدية.وقد هدد كل من الحزبين الجمهوري والديمقراطي بحرمان مفوضي الحزبين في فلوريدا وميشيغن من المشاركة في انتخابات المرشح الحزبي في المؤتمر الوطني لكلا الحزبين اذا لم يتم الالتزام بالمواعيد التي حددها الحزب الديمقراطي المركزي.ولا يخفي هذا السلوك الخلل في نظام التصفيات الحزبية. فالولايات الاولى، تاريخيا، كانت قد حققت انجازات في المشاكل التي تهمها كبرنامج العمل في ولاية ايوا، بينما عانت ولايات مثل كاليفورنيا ونيويورك، رغم اهميتها، من الاهمال اذ يأتي تصويتها على المرشحين بعد ان تحسم النتائج في التصفيات وتضيع قضايا مهمة لديهم كقضايا الاكتظاظ في المواصلات وغيرها.ورغم الدعوات الى اصلاح الخلل، الا ان التغيير لم يلامس لب الموضوع. والتغيير الاخير الذي اجراه الحزب الديمقراطي في السماح لولايتي نيفادا وساوث كارولاينا الانضمام الى أيوا ونيوهامبشير في التصفيات المبكرة، قبل فتح باب المرحلة التمهيدية لكل الولايات في 5 شباط (فبراير)، لم يحل المشكلة. ونتيجة لذلك، قامت العديد من الولايات مثل نيويورك، الينوي، كاليفورنيا، نيو جيرسي، الى تقريب مواعيد المرحلة التمهيدية الى اقرب وقت ممكن وهو يوم الثلاثاء 5 شباط (فبراير)، والذي اصبح يسمى بـ«الثلاثاء العظيم».لكن بعض الولايات لم تكتف بذلك، اذا قامت فلوريدا بتقريب موعدها الى 29 كانون ثاني (يناير). واعترض المؤتمر الوطني الديمقراطي على ذلك مطالبا فلوريدا بجعل هذا الموعد فقط للمداولة لا للانتخابات التمهيدية. وكذلك فعل مؤتمر الحزب الجمهوري. اما ميشيغن فحسمت امرها بتقريب موعد الانتخابات التمهيدية الى 15 كانون ثاني (يناير) لتصبح ثاني موعد بعد ولاية أيوا.وكان السيناتور الديمقراطي من ميشيغن كارل ليفين قد قاد حملة لتغيير توقيت الانتخابات التمهيدية بسبب الاجحاف الذي يصيب ميشيغن. لكن اصرار نيو هامبشير على ان تكون الثانية في موعد المرحلة التمهيدية دفع الديمقراطيون في ميشيغن الى اتخاذ قرارهم هذا وتعيين 51 كانون ثاني موعدا للانتخابات التمهيدية. ولكون هذه الانتخابات في غاية الاهمية يحاول الديمقراطيون في ميشيغن ان يكون لهم دور فاعل في اختيار المرشح الحزبي عبر جعل اصوات المواطنين في ميشيغن مؤثرة حيث ان المواقيت المتأخرة تجعل من اصواتهم تحصيل حاصل ويكون امر المرشح الفائز قد حسم عبر الحملات السابقة على مواعيد الانتخابات التمهيدية في ميشيغن.وفي رسالة بعث بها كل من السيناتور ليفين و ديبي دينغل، عضوة اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي، مؤرخة بـ 4 أيلول (سبتمبر) الجاري الى المؤتمر الديمقراطي الوطني لشرح قرار الحزب الديمقراطي المحلي قالا: «ان لولاية ميشيغن قضايا مهمة تريد تسليط الضوء عليها وتريد ان تكون حاسمة في اختيار المرشح الرئاسي.. لذلك استدعى الامر تقريب موعد انتخاباتها التمهيدية وعدم الالتزام بقرار الحزب الديمقراطي المركزي».
موقف المرشحين الحزبيينويعمل المرشحون للرئاسة الى دعم تقريب موعد الانتخابات التمهيدية في الولايات التي يعتقدون انها الى جانبهم كي تكون بدايتهم قوية. وهذا ما قامت به هيلاري كلينتون ورودلف جولياني اذ دعما تقريب المواعيد في ولاية فلوريدا لتوقعهما ان يبلوا بلاء حسنا فيها. وهذا الامر يجعل المرشحين يقامرون فيما يخص الولايات الاصلح لهم كي يبدأوا فيها.وليس هناك تأكيد من ان يقوم هاوارد دين، زعيم الحزب الديمقراطي المركزي، ونظيره الجمهوري، بتنفيذ تهديداتهم بمنع المفوضين الحزبيين في الولايات المتمردة من المشاركة في المؤتمر الوطني لكلا لحزبين، خوفا من التأثير على المرشحين في الولايات المؤثرة.ويعتقد الديمقراطيون في ميشيغن انه لا يمكن للمرشحين الرئاسيين من الحزب الديمقراطي العمل بتهديداتهم بعدم اجراء حملات انتخابية في ميشيغن لأنهم لن يتركوا الساحة للجمهوريين الذين سيجرون حملاتهم في الولاية. كما يعتمد الديمقراطيون في ميشيغن على التغطية الاعلامية التي ستوصل اخبار التصفيات الى المرشحين من حزبهم والتي دون شك ستؤثر على مجرى حملاتهم.وكان القرار قد اتخذ في ميشيغن بتوافق الحزبين المحليين الجمهوري والديمقراطي
كيفية اختيار الناخبين الرئاسيين الذين بدورهم سينتخبون الرئيس؟يتم تسمية الناخبين الرئاسيين من قبل احزابهم السياسية، في الصيف الذي يسبق الانتخابات الرئاسية. حدد الدستور الاميركي (المادة 12) دورهم وترك لكل ولاية طريقة اختيارهم. يحتسب لكل ولاية مجموعة من الناخبين الرئاسيين بعدد نوابها الفدراليين في الكونغرس زائد عدد الشيوخ (شيخين لكل ولاية). لميشيغن 17 ناخبا رئاسيا، ،لأكبر الولايات 55 ناخبا رئاسيا، كاليفورنيا، وأقل عدد لهم 3 كما في ويومنغ ومقاطعة كولومبيا وولايات اخرى.وليس لهذا الناخب الرئاسي اي الزام قانوني ليصوت للمرشح الذي يُختار من اجله. ويستطيع هذا الناخب ان يحيد عن وعده رغم ندرة هذا السلوك تاريخيا. وهناك 158 حالة تاريخية لناخبين رئاسيين لم يدلوا باصواتهم لصالح المرشح الرئاسي الذي اختيروا اساسا لانتخابه. ويوجد قوانين في 24ولاية لمعاقبة الناخبين الرئاسيين الناكثين، ولكن عمليا لم يتم معاقبة احد.
آلية انتخاب الرئيس الاميركي يتميز النظام الرئاسي في أميركا عن باقي الأنظمة الرئاسية التي ينتخب رئيس البلاد مباشرة من قبل الشعب مثل فرنسا، اذ ينتخب الرئيس الأميركي بطريقة غير مباشرة من الشعب وذلك عبر الناخبين الرئاسيين (اليكتور). في يوم الانتخاب يتوجه المقترعون في مناطقهم الانتخابية الى صناديق الاقتراع لاختيار المرشح الرئاسي المفضل لديهم لكنهم في الواقع يختارون ناخبين رئاسيين يمثلون ولايتهم اختارهم الحزب الذي ينتمي اليه المرشح.وبعد فرز أقلام الاقتراع ومعرفة الحصيلة النهائية يتوجه الناخبون الرئاسيون للحزب الفائز الى واشنطن لاختيار رئيس البلاد.ويربح المرشح الرئاسي عند حصوله على اصوات 270 ناخبا رئاسيا من اصل اصوات 538 في الانتخابات النهائية.واذا لم يحصل المرشح على اغلبية 270 ناخباً رئاسيا، فإن الكونغرس يصوت لاختيار الرئيس ونائبه: مجلس النواب ينتخب الرئيس، ومجلس الشيوخ ينتخب نائبه.
كيفية احتساب المرشح الفائز بالرئاسة (الربح بالجملة)وتحتسب النتائج للمرشح الرئاسي الفائز باسلوب «الغالب يحصد الكل» (الربح بالجملة) حيث يربح المرشح الرئاسي (الحاصل على اكبر عدد من اصوات المواطنين) كل الناخبين الرئاسيين في الولاية الذين سيصوتون له لاحقا (في انتخابات 2004، ربح جون كيري في ميشيغن 17 «ناخبا رئاسيا»، اي جميع الناخبين الرئاسيين في الولاية، على جورج بوش بعد ان حصل على 51 بالمئة من اصوات المواطنين).ويطبق اسلوب الربح بالجملة في كل الولايات عدا ولايتي ماين ونبراسكا. في هاتين الولايتين، يحصل كل مرشح على عدد من الناخبين بنسبة اصوات المواطنين الذين يصوتون له (فلو كان اسلوب النسبة هذا مطبقا في ميشيغن لكان ربح كيري 9 ناخبين رئاسيين مقابل بوش 8).
مساوئ الاسلوب المتبعولهذا الاسلوب مساوئ جليه. فلقد نتج عنه انتخاب ثلاثة رؤساء عبر اصوات الناخبين الرئاسيين رغم خسارتهم مجموع اصوات الاميركيين. وهولاء الرؤساء هم: راذرفورد هايس عام 1877 ، بنجامين هاريسون عام 1888 ، وجورج بوش الابن عام 2000.ففي انتخابات 2000، جمع الرئيس بوش 271 ناخبا رئاسيا في كافة الولايات في مقابل 266 صوتوا لصالح آل غور، مع ان آل غور كان حصل على 50,994,086 صوتا (48.4 بالمئة) في مقابل بوش الذي جمع 50,461,092 صوتا (47,9 بالمئة) ، اي ان آل غور فاز على بوش بفارق 532,994 صوتا لكنه وبسبب «الربح بالجملة» لم يربح ما يكفي من الناخبين الرئاسيين.
مصطلحات انتخابية في سبيل توضيح المفردات، نستخدم مفردة «صوت» او «اصوات المواطنين» للدلالة على مفردة «فوتر» وللتفريق ما بينها وبين مفردة «اليكتور» وهي «ناخب رئاسي» وهو الوسيط الذي يتم اختياره من قبل المواطنين ليقوم بدوره وينتخب الرئيس الاميركي. اما «اليكتوريت كولج» فهي مجموع هيئة الناخبين الرئاسيين (وهي هيئة افتراضية، لم تجتمع ابدا). وهناك ايضا «ديليغايت» وهم المفوضين الذين يتم اختيارهم على صعيد الحزب لينتخبوا مرشحا واحدا من بين المرشحين المتعددين لنفس الحزب، وذلك في الانتخابات التمهيدية قبل الذهاب الى الانتخابات الرئاسية ما بين الحزبين.
كيفية اختيار الحزب مرشحه للرئاسة
(1) الانتخابات التمهيدية الاعتيادية
قبل اختيار الناخبين الرئاسيين، الذين سينتخبون الرئيس في الانتخابات النهائية، يجب على كل حزب اختيار مرشح رئاسي واحد من بين المرشحين المتعددين (في كل حزب) من الذين يبدون رغبتهم في الترشح.يقوم كل حزب بالوقوف على مرشح واحد عبر اسلوبين: اما انتخابات تمهيدية (برايماري) او انتخابات تمهيدية علنية (كوكس). وينتج عن التصفيات بنوعيها ارسال مفوضين حزبيين الى المؤتمر الوطني لكل حزب للعمل على التصويت للمرشح الاوحد في عملية مشابهة لاختيار من سينتخب الرئيس الاميركي.في الانتخابات التمهيدية (برايماري) يتم التصويت للمرشحين الحزبيين (في داخل كل حزب على حدة) بطريقة مشابهة لأي انتخابات، وذلك بادلاء اصوات الاميركيين من الحزب الجمهوري للمرشحين للرئاسة من الحزب الجمهوري (نفس الامر مع الحزب الديمقراطي).وهناك نوعان من الانتخابات التمهيدية التي تقام في الولايات:- الانتخابات التمهيدية المفتوحة: تتاح فيها مشاركة كل الناخبين في اختيار المرشح النهائي للحزب.- الانتخابات التمهيدية المغلقة: لا يسمح بالتصويت إلا للناخبين المسجلين لدى الحزب. والمرشح الذي يفوز في الانتخابات التمهيدية للحزب هو الذي يجمع النسبة الأعلى من الأصوات في جميع الولايات فيقابل المرشح الفائز عن الحزب الآخر (بالاضافة الى المرشحين المستقلين او من الأحزاب الأخرى) في نهائيات الانتخابات الرئاسية. ويصوت عندها كل الاميركيين في الانتخابات النهائية.
كيفية اختيار الحزب مرشحه للرئاسة
(2) الانتخابات التمهيدية العلنيةالى جانب الانتخابات التمهيدية الاعتيادية، يتبع الحزبين في ولايات معينة اسلوب انتخاب خاص يقام بشكل علني عبر اجتماعات لأعضاء الحزب يتم التداول فيها والتصويت علانية على المرشح المختار، وهي ما يسمى بالـ«كوكس». وكانت الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في ميشيغن تقام بهذه الطريقة، الا ان الحزب عدل عن هذا الاسلوب، اذ ستجري إنتخاباته التمهيدية للعام 2008 في ميشيغن بطريقة اعتيادية، اي بالتصويت السري عبر الادلاء في صناديق الاقتراع.
Leave a Reply