“رجال الحسم” عبارة.. تصلح عنواناً لرواية أو لفيلم، وهي بالفعل عنوان لمسلسل درامي سوري من إخراج نجدة اسماعيل أنزور. عبارة يمكن أن تصلح لأي شيء، ما عدا أن تطلق على رجال السياسة العرب. وهذا موضوع آخر على كل حال!
مع أننا في الحياة العادية، الحياة التي من لحم ودم وغبار وعرق ومهاترات، نعرف بعض هؤلاء الأشخاص القليلين النادرين الذين يمكن وصفهم بـ”رجال الحسم”، لا لشيء.. إلا لأنهم رجال صادقون، يوفون بـ”الوعد” ويلتزمون بـ”الكلمة” دون الحاجة إلى مسك شواربهم، أو الحلفان بحياة أبنائهم وأمهاتهم الحجّات.
وثمة في الحياة نوع آخر من الرجال، وهو نوع كثير، أكثر من الهم على القلب، وهؤلاء يمكن تسميتهم بلا هوادة بـ”رجال الحشم”. يقولون: فلان عنده معارف وأصدقاء، وحوله خدم وحشم. و”الحشم” مفردة أو مصطلح يعني برأي الكاتب البرازيلي باولو كويلهو “كلمة تستخدم عالمياً لوصف الفضوليين والطفيليين الذين يحومون حول الأشخاص المهمين. ورجال الحشم هؤلاء يستجمعون طاقاتهم كلها وحماستهم للانسجام مع الحاضرين معتقدين أنهم يتركون تأثيراً طيباً بالفعل على الناس الذين يلتقونهم”.
أما محليا، يعني في ديربورن، فرجال الحشم، هم من فصيلة الرجال الذين يتحممون ويلبسون أجمل ما عندهم، ويواظبون على حضور جميع المناسبات، الاجتماعية والسياسية والعائلية والدينية، وتراهم مبتسمين وبشوشين ويتبادلون القبلات مع أشخاص يلتقونهم في اليوم الواحد ثلاث أو أربع مرات، لكن التقبيل هذه المرة من لزوم.. الإتيكيت، ومن لزوم الإيهام بالرغبة والشوق لرؤية بعضهم البعض.
وهؤلاء لا يفوتون فرصة لالتقاط الصور التذكارية، ويتدافشون ليحجزوا أمكنتهم في الكادر، وبعدها يقومون بإلصاق صورهم على الفايسبوك. ويحرصون على الرد على جميع التعليقات التي تكتب على صفحاتهم، بطريقة مؤدبة لا تنقصها اللباقة والذوق.
لا يفوتون مناسبة، بما فيها المناسبات الأليمة، والتظاهرات، والاحتفالات، ودائماً يجدون طريقة (غامضة) إلى التسلل إلى المنصات والميكروفات، ويلقون علينا خطاباتهم الغاضبة المليئة بالحكمة وبالسياسة، ويطلبون منا الكتابة الى المسؤولين والإعلاميين مع أنهم لا يفعلون ذلك. إنهم يقولون ولا يفعلون، لأن الرجال المهمين يقولون، والشعب والرعاع والجماهير مطلوب منهم أن يعملوا.
والبعض منهم، يظن نفسه ذكياً وحربوقا، فيقومون بالتزييف والتدليس، من خلال بث أخبارهم ونشاطاتهم المجتمعية إلى الأوطان الأم، بدعوى أنهم وراء تلك النشاطات. وآخر هذه الأخبار من هذا القبيل، أن موقعاً الكترونيا قام بنشر أخبار الاعتصام الذي قامت به الجالية العربية في الأسبوع الماضي، على أساس أن “شيخا” (وهو ليس من مجلس الشيوخ الأميركيين، بل من مجلس شيوخ منطقة ديكس في ديربورن)، هو الذي قام بتنظيم ذلك الاعتصام، وكان لديه الدليل على ذلك، وهي صورته بين المتظاهرين.
وتوجد أمثلة كثيرة، على “رجال الحشم” هؤلاء، لدرجة أنه لا يتسع المجال لذكرهم جميعاً
Leave a Reply