المحكمة الدولية تشهد تغييرات والهم المعيشي الى الصدارة
بيروت – علي شهاب
لم يسعد اللبنانيون كثيرا بالزيادة التي اقرتها الحكومة اللبنانية على الحد الأدنى للأجور، ذلك ان القرار صدر على حساب وحدة الهيئات النقابية والعمالية فضلا عن حرمانه شريخة واسعة من العمال والموظفين من الزودة ممن يتقاضون راتبا يفوق المليون و800 الف ليرة في بلد تفقد فيه العملة قدرتها الشرائية يوما بعد يوم بسبب الارتفاع الجنوني للأسعار، وجشع التجار الذي لا تحده القوانين.
وتكشف قرار الحكومة، بعد مخاض عسير نتيجة اختلافات جذرية في تناول الموضوع لدى أطياف الأكثرية الحاكمة، عن تحذير الهيئات الاقتصادية من رفض تطبيق القرار مع التلويح بالطعن به امام مجلس شورى الدولة، في حين رفضت روابط الاساتذة والمعلمين خطوة الاتحاد العمالي العام المنفردة بقبول قرار الحكومة.
وطغى التوتر الشديد على مختلف النقاشات في جلسة الحكومة الأخيرة، وخاصة بين وزراء “تيار التغيير والإصلاح “واولئك المحسوبين على الرئيس نجيب ميقاتي، وسط محاولات وزراء “حزب الله” تذليل العقبات والتوصل الى تسوية في اللحظة الأخيرة من دون ان تنجح هذه المساعي.
وخاض وزير العمل شربل نحاس معارك سياسية في وجه دعوات وزراء الطرف الاخر والرئيس ميقاتي الى اعتبار التفويض الممنوح للحكومة في الجلسة السابقة بمثابة اقرار لما تم اعلانه خلال المفاوضات مع الاتحاد العمالي العام، وانضم الوزير جبران باسيل الى زميله نحاس بالتأكيد على ضرورة الحفاظ على صلاحيات الوزير باعتباره المعني بتقديم الاقتراح المناسب في نطاق عمله.
واضطر رئيس الجمهورية الى التدخل مرارا لمنع الجلسة من الانفجار.
وانسحب التوتر في النقاش على مشروع قانون التغطية الصحية الشاملة للمواطنين ودعوة وزير المال محمد الصفدي الى الانفاق على اساس مشروع موزانة العام 2010 أو مشروع موازنة عام 2012، بذريعة أن مشروع قانون فتح الاعتمادات الاستثنائية المطروح على جلسة الهيئة العامة لمجلس النوّاب الثلاثاء المقبل قد لا يمر؛ ما ادى الى اعتراض وزراء حزب الله والتيار الوطني الحر كونه هذه الخطوة تكرّس الانفاق من خارج احكام الدستور.
وتشير السخونة التي تصاعدت في الجلسة الى ان الملفات الكثيرة العالقة على جدول اعمال الحكومة خلال الاشهر القليلة المقبلة قد تفجر تحالفا بات مهددا بفعل تناقضات في الرؤى الاقتصادية والمعيشية للبلد، بينما يقف موظفو القطاع العام متفرجين بانتظار بت القوانين اللازمة لتنفيذ قرار الحكومة.
وسبق جلسة الحكومة الاخيرة، خلال الايام الماضية، سجالا حادا حول ما تم الاتفاق عليه بين رئيس مجلس الوزراء والاتحاد العمالي العام الذي ظل يلوّح بالإضراب حتى الساعات الاخيرة.
وكالعادة قاد رئيس المجلس النيابي نبيه بري خلف الكواليس مساعٍ حثيثة للتوصل الى اتفاق ينقذ صورة التحالف الحكومي الذي يتأكل جلسة بعد اخرى.
هذا ويترقب اللبنانيون الايام القليلة المقبلة لرؤية ما ستقرره الهيئات النقابية الرافضة لمشروع الحكومة بصيغته المقررة، علما ان الوضع صار مفتوحا على جميع الخيارات المطلبية الشعبية.
وفي هذا السياق، اعتبرت هيئة التنسيق النقابية في اجتماع طارئ ان قرار مجلس الوزراء “مذل وتخريبي في آن، يؤدي الى فرز حاد بين الموظفين ويضرب التراتبية الوظيفية والأقدمية”، مطالبة الحكومة “بالعودة عن قرارها واعتماد النسب المئوية على الشطور في تصحيح الرواتب والأجور”.
بدوره، لم يُخفِ رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي حنا غريب عمق الخلاف مع رئيس الاتحاد العمالي غسان غصن الذي “تفرد بالقرار، بعدما كان الاتفاق على زيادة بنسب مئوية على الشطور تبدأ بستين ثم أربعين فعشرين في المئة، إلا أن غصن انتظر حتى منتصف الليل ليوافق على قرار الحكومة من دون العودة الى هيئة التنسيق”.
من ناحيتها، دعت الهيئات الاقتصادية، خلال اجتماع عقدته برئاسة الوزير السابق عدنان القصّار، كل المؤسسات في القطاع الخاص إلى عدم تطبيق قرار الحكومة.
كاسيزي يستقيل
أطلقت التطورات الاخيرة على صعيد المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أسئلة عديدة، بعد ان قدم رئيسها المثير للريبة انطونيو كاسيزي استقالته لأسباب “صحية” في توقيت حاسم بالنسبة لمسارها، خاصة وان ولايته العادية تنتهي في آذار (مارس) المقبل، وبالتالي فإن استقالته المفاجئة لا تفسرها أي حالة صحية.
واعلنت المحكمة تعيين النيوزيلندي دايفيد باراغوانث مكان كاسيزي، وهو أصلاً كان مستشاراً في غرفة الاستئناف،
ومع خضوع القاضي دانيال بيلمار لعلاج منذ شهرين في المستشفى، فإن مسيرة المحكمة باتت بحاجة الى دفع جديد وعملية استعادة مصداقية مفقودة في ادراج مسؤوليها الذين يستقيلون الواحد تلو الاخر منذ انطلاقتها.
Leave a Reply