بقلم: فاطمة الزين هاشم
عبر مراحل نضال المرأة من أجل الظفر بحقوقها المشروعة في المساواة مع الرجل، لم يتمّ الكشف عن إسهام المرأة في اضطهاد قرينتها المرأة الأخرى، إذ هناك نوع من النساء يقفن إلى جانب الرجل في هذا الإضطهاد، وخاصة في مجتمعاتنا العربية والشرقية عموماً، ممّا أسهم في تفاقم مشكلة المرأة فيها داخل حياة أسر وبيوت عديدة، حتّى تشكّلت ظاهرة من ظواهر معاناة المرأة ترتقي إلى مصاف المشكلات الإجتماعيّة والأسريّة، وهو أمرٌ مسكوت عنه، لا يرضي السيّدات المعنيّات فيه بالخوض أو البحث أو الكشف عنه، ومن تلك النماذج هنّ نوع من الحموات.
تعرّفتُ إلى سيّدة مثقفة وإجتماعيّة، متحدّرة من عائلة كريمة، تزوّجت من رجل ذي مستوى مادّي ومردود محدود، وكانت تعينه على تدبير شؤون الأسرة، حيث تعمل بوظيفة ذات مرتّب جيّد جدّاً، يتشاركان معاً في تلبية متطلبات العائلة، وقد سرى الحبّ بينهما وارتقى إلى الإنسجام الكامل والمتبادل، وفي حين أنّه لم يصدّق أنّها أصبحت له بكل عنفوانها وجمالها، كانت هي في وقفتها، تبدو كأنثى، تسيقظ من نعاسها الجميل لتمنحه كلَّ حبّها وعواطفها، تنتظر لمسة يديه، أو أمراً من لفتاته، أو إشارة من عينيه، لترمي رداءَها أرضاً وتصبح امرأةً أمامه، حيث كانت مخلصة له، ترى جميع ما في الرجل بشخصه، دائمة الإبتسام بوجهه، فكانا مثالاً للزوجين المنسجمين، كما كانا مثار إعجاب المحيطين بهما.
لم يرُق هذا الحال لأهل الزوج، لأنهم منذ البداية استبطنوا لها الكراهية، بسبب الإحساس بالنقص تجاهها، فهي متعلمة بينما هم يتخبطون في ظلام الجهل، والفارق الإجتماعي أجّج الغيرة والحسد في نفوسهم، فلم يكن أمامهم للإيقاع بها سوى الزوج، أي ابنهم، ولمّا كان ضعيف الشخصيّة مسلوب الإرادة أمامهم فقد خضع لهم، ومن هنا كان منفذهم للدخول إلى عشّ الزوجيّة ليعيثوا به خراباً، كثر استدعاؤهم له لتلقينه دروساً في الرجولة، كانت نظرتهم إلى الرجل الذي يكون على وفاقٍ مع زوجته، محكوماً لها ويأتمر بأوامرها، فأخذوا على عاتقهم تجريده من عائلته، فأخذت الأم، أي الحماة، تتردّد على بيته، وتكون لكل زيارة مهمّة خاصّة، كأن تلقي في مخبأ ما قطعاً من صنع السحر لكي يكره زوجته وأبناءه، حتّى وصل الأمر إلى اقتطاع قطعة من أحد ثياب الزوجة لاستخدامها في هذا المجال، ثمّ بدأت بعد ذلك تسأل الأولاد هل أبوكم ينام مع أمكم في نفس الغرفة؟ وهل يأكل من طبخها؟ حتّى غدا الأبناء يتأفّفون من حشر أنفها بهذه الأمور الخاصّة.
بدأ الزوج يغيّر من طباعه شيئاً فشيئاً، فأخذ يعامل أبناءه بقسوة، وهو مقطّب الجبين، وإذا سأله أحد ينهره بالشتائم، فأصبح مستعدّاً بالكامل للعيش خارج الحياة الزوجيّة، وقد جاءته فرصة كراهية أهله لزوجته، فدفعته بهذا الإتّجاه، لاسيّما وقد واتته فرصة الصعود المادّي، فانهدّت أركان الأسرة.
هكذا انتهت حياة صاحبتي الزوجة المثالية المخلصة، فأصبحت هي وأبناؤها ضحيّة عبث وتصرّف الحماة حيث أثّرت على الزوج، والتي هي من المفترض في الأصل أن تكون نعمة وليست نقمة.
Leave a Reply