صالح قتيلاً على يد «أنصار الله»
صنعاء – وصف قائد حركة «أنصار الله» عبد الملك الحوثي يوم مقتل صالح بـ«اليوم بالاستثنائي والعظيم» لأنه «يوم سقوط المؤامرة»، مشيداً بأبناء القبائل اليمنية التي تصدّت لما وصفها بـ«المؤامرة الخطيرة»، وبـ«الموقف المسؤول والواعي للشرفاء والأحرار في حزب المؤتمر الشعبي العام».
وحيّا الحوثي في كلمة تلفزيونية له مساء الاثنين الماضي الأجهزة الأمنية ومؤسسات الدولة، قائلاً إنها بذلت جهداً كبيراً «للتصدّي لمؤامرة الميليشيات الخائنة»، معتبراً أنه تم عبور المحنة الكبيرة وتم إسقاط مؤامرة شكّلت تهديداً جدياً لليمن في أمنه واستقراره.
وأشار الحوثي إلى أن صالح انتقل من «التصدي للعدوان» إلى «التآمر معه؟»، معتبراً أن دعوات الفتنة والشر والاقتتال وتخريب الأمن والاستقرار التي أطلقها صالح فاجأت اليمنيين.
وجاء مقتل صالح الاثنين الماضي مفاجئاً، بعد يوم واحد من إعلانه الانقلاب على تحالفه مع الحوثيين. وكانت القوات المسلحة الموالية له، قد شهدت «انهيارات ميدانية متسارعة مع استسلام المئات من العناصر مساء الأحد الماضي. ثمّ رفضت «أنصار الله» كل الوساطات لمدّ حبل النجاة لـ«حليف الضرورة» المتهم بنظرها بـ«الخيانة العظمى». وفيما ظنّ صالح أن الحوثي «سيعضّ على الجرح»، كما فعل في المرات السابقة، تفاجأ بقرار «الضرب بيد من حديد»، وذلك بعد وصول معلومات للحركة تؤكد أنه كان يسعى إلى «إنهاء وجود أنصار الله بالكامل في العاصمة» لا «إحداث توازن» فقط.
ويذكر أنه منذ أعلن «التحالف» بقيادة السعودية الحرب على اليمن في 25 آذار (مارس) 2015، «لإعادة شرعية هادي»، كان موقف صالح واضحاً ضد العدوان، وظهر في خطابات ومقابلات عديدة مندّداً في كل مناسبة بالعدوان. وفي 28 تموز (يوليو) 2016، وقّع مع «أنصار الله» اتفاق تشكيل هيئة تنفيذية عليا سُميت «المجلس السياسي الأعلى»، شُكّلت بموجبه حكومة الإنقاذ الوطني، مناصفة بين الطرفين. استمر صالح في تحالفه مع «أنصار الله» رسمياً حتى 2 كانون الأول (ديسمبر) الحالي، ليعلن يومها فضّ الشراكة معهم، لأنهم «استمروا في عبثهم وغرورهم».
ولفت الحوثي إلى دعوة صالح يوم ٢ ديسمبر لفتح صفحة جديدة مع السعودية والإمارات، قائلاً «عندما أعلنوا فتح صفحة جديدة مع العدوان، ناشدناهم بصوت الحرص أن يتراجعوا عن موقفهم»، مضيفاً «البعض فهم مناشدتنا بطريقة خاطئة واعتبرها وقابلها بموقف سلبي جداً».
صدمة صالح الثانية، كانت تخلي عدد أساسي من القبائل وحتى أعضاء في «المؤتمر» عنه، فهم لم يستجيبوا لدعواته في «الانتفاض» ووقفوا في وجه انقلابه، بحسب مصادر «أنصار الله».
وأضافت المصادر أن الرئيس اليمني، عقب تأكده من هزيمته العسكرية حاول الهروب من صنعاء «في موكب مؤلف من 9 سيارات مصفحة». وقتل صالح، على الطريق، ومعه الأمين العام لـ«حزب المؤتمر» عارف الزوكا وعدد آخر من المقربين منه، وقد انتشرت مقاطع فيديو تظهر الرئيس السابق مقتولاً.
الحوثي رأى أن الخطاب الإعلامي بين القوات الموالية للرئيس الأسبق علي عبدالله صالح ودول العدوان على اليمن كان موحّداً، مشيراً إلى أن هذا الأمر «فاجأ الشرفاء في حزب المؤتمر الشعبي العام».
وأشار قائد حركة «أنصار الله» إلى أن «قوى العدوان على اليمن وفرت تغطية جوية للميليشيات الإجرامية سعياً لإسقاط العاصمة اليمنية صنعاء»، وقال «كانوا يعوّلون على أن انشغالنا في جبهات القتال ضد العدوان سيؤثر على قدراتنا في التصدي للمؤامرة والفتنة».
واعتبر الحوثي أن العامل الأول في إسقاط المؤامرة هو مواجهة الشعب اليمني للفتنة، وأضاف «السعودية والإمارات والولايات المتحدة وبريطانيا تلقت هزيمة تاريخية مدوّية».
وعلّق الحوثي على إطلاق القوة الصاروخية اليمنية صاروخاً على محطة نووية قيد الإنشاء في دولة الإمارات، قائلاً إن ذلك يمثّل رسالة مهمة لقوى العدوان.
وتابع «قوة العدوان كانت تظن أن اليمن على شفير الهاوية، لكن ما حصل هو أننا ضربنا عمق هذه القوى في الإمارات». وشهدت صنعاء مسيرة شعبية حاشدة عصر الثلاثاء الماضي «لتأكيد الالتفاف حول الدولة ورفض كل مساعي التخريب والفتنة».
دفن جثمان الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، ليلة الثلاثاء المنصرم، في صنعاء «بصمت»، بعد تسليم جثته إلى قبائل سنحان
الرئيس السابق علي عبدالله صالح
ولد علي عبدالله صالح في 21 آذار (مارس) عام 1942، وهو يتيم الأب، وراعٍ للغنم في طفولته. فضّل الالتحاق بالسلك العسكري وهو في سن الثانية عشرة، ومن ثم انضم إلى مدرسة الضباط عام 1960 وهو في الثامنة عشر من عمره، ليذيع صيته خلال حرب السبعين يوماً التي شهدتها العاصمة صنعاء إبّان الحصار الملكي آنذاك.
عندما كان جندياً، كان يكتب على جدران معسكره عبارة «الرئيس علي عبدالله صالح». تدرّج الشاب الطموح في رتبه ومناصبه إلى أن أصبح بالفعل سادس رئيس للجمهورية العربية اليمنية (1978–1990)، وأول رئيس للجمهورية بعد إعادة تحقيق الوحدة، من عام 1990 إلى 2011، لتصل فترة حكمه إلى ٣٣ عاماً. وهي أطول فترة لرئيس يمني منذ ثورة 26 سبتمبر عام 1962.
فتح صالح منذ توليه السلطة علاقات واسعة مع المحيط الإقليمي والدولي، وعمل على أن لا يخسر أيّ طرف من ثنائية الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، كذلك عمّق من علاقاته مع دول مجلس التعاون الخليجي، خاصة السعودية، وصولاً إلى «تنازله» وتوقيع اتفاقية جدة لترسيم الحدود بين البلدين في عام 2000، كما كان قد وقّع مع سلطنة عمان اتفاقية لترسيم الحدود أيضاً عام 1992.
في الداخل خاض صالح حروباً عديدة منذ توليه الحكم، أبرزها ضد «الجبهة الوطنية» في السبعينات وحرب ١٩٩٤ ضد الجنوب، وحروب صعدة الست ضد الحوثيين.
وصلت رياح «الربيع العربي» إلى اليمن سريعاً، ليواجه صالح في 2011 انتفاضة شملت جميع معارضيه السياسيين، الممثلين بـ«اللقاء المشترك»، كذلك «أنصار الله»، و«الشباب»، أفضت في نهاية المطاف إلى توقيع المبادرة الخليجية، التي وقّع صالح بموجبها على تنازله عن السلطة لمصلحة نائبه عبد ربه منصور هادي، ومنحه هو وعائلته ورموز نظامه الحصانة من الملاحقة.
تحالف صالح مع الحوثيين للعودة إلى السلطة، حيث وقع في 28 تموز (يوليو) 2016، اتفاقاً مع «أنصار الله» لتشكيل هيئة تنفيذية عليا سُميت «المجلس السياسي الأعلى»، شُكّلت بموجبه حكومة الإنقاذ الوطني، مناصفة بين الطرفين. استمر صالح في تحالفه مع «أنصار الله» رسمياً حتى 2 كانون الأول (ديسمبر) الحالي، ليعلن يومها الانقلاب عليهم وتغيير موقفه من العدوان.
وبعد تطويق قواته عسكرياً انتهى به الأمر مقتولاً في منطقة «ضبر خيره»، وهو في طريقه إلى مسقط رأسه في سنحان، لتُفتح صفحة جديدة لليمن من دون صالح… الذي ظلّ الرجل الأول في اليمن لأكثر من أربعة عقود.
Leave a Reply