«الممنوعات» المفروضة من الجماعات الأصولية
ضيّقت الخناق على أهل المدينة
الموصل – بدأت الحياة تعود تدريجياً إلى محافظة الموصل العراقيّة، بعدما كانت ضحيّة لعدد لا يُحصى من «الممنوعات» الدينيّة التي كانت تفرضها التنظيمات الإسلاميّة المرتبطة بـ«القاعدة»، شملت الحلاقين ومصانع الثلج وبيع السجائر والمشروبات الكحولية وحتّى اختلاط… أنواع الخضار. ويقول صاحب مطعم السدير، هشام عبد الله الحمداني، «قضى اثنان من عمالي قتلاً كما أُصيب ابني بجروح عندما أرغموني (الإسلاميون الأصوليون) على إغلاق المطعم بعدما طلبوا عدم نحر إناث الخراف (النعاج) ومنع دخول طلاب الجامعات بشكل مختلَط من الجنسين ورجال الشرطة».
من جهته، يشير أكرم صبحي الموصلي، الذي أعاد فتح محلّه لبيع المكسّرات، إلى أنّه اضطرّ إلى إغلاق محلّه «بعد أن هدّدوني بالقتل أو دفع خمسين ألف دولار فدية في حال إعادة فتحه».
وكانت «القاعدة» قد منعت بيع المكسّرات الموصلية الشهيرة بذريعة أنها تُستخدم بغرض الاستراحة و«تبعد الناس عن الجهاد»، وفقاً لمصادر أمنية في المحافظة.
بدوره، يكشف الحلاق عطا سعدون عن أنّ رجال «القاعدة» هدّدوه بالقتل إذا استخدم آلة كهربائية لحلاقة شعر الرجال أو تنظيف وجههم باستخدام الخيط، «وأرغموني على وضع لافتة تعلن أن الحلاقة بالمقصّ فقط ولا نستخدم الخيط لتنظيف الوجه».
وفي ظلّ عملية «أم الربيعين» التي تشنّها قوات الجيش العراقي في الموصل منذ العاشر من أيار (مايو) الجاري، بات في إمكان السكان إقامة حفلات الزواج بعدما منعت ذلك التنظيمات المتشددة دينياً.
كذلك منع هؤلاء الإسلاميون الأصوليّون اختلاط الإناث والذكور الأطفال في المدارس، وحرّموا المزج بين الخيار والطماطم في محال الخضر بذريعة الفصل بين الجنسين.
وتكشف أم محمد، وهي مدرّسة متقاعدة، أنّ ابنتها الوحيدة حُرمت من إكمال دراستها في كلية الهندسة «لأن المجرمين منعوا الفتيات من مواصلة الدراسة، فذلك بنظرهم إفساد للمجتمع».
كذلك مُنع خلف عبد الحديدي، وهو صاحب معمل ثلج، من الاستمرار في عمله «لأنّ المجرمين حرموا السكان من الثلج بعدما منعوا إنتاجه وبيعه، الصيف الماضي، تحت شعار أنّ المجاهدين لم يستخدموا الثلج في الماضي».
ويؤكّد العميد في الجيش السابق وكاع الجبوري مقتل «العشرات من رفاقنا إثر رفضهم العمل تحت إمرتهم لتنفيذ أجندتهم الطائفية».
وفي السياق، وبحسب مصدر في مديرية التربية رفض ذكر اسمه، فإنّ «نحو خمسين مدرّساً ومدرّسة لقوا مصرعهم لأنّ الإرهابيّين عدّوهم عملاء لكونهم يتسلّمون رواتبهم من الحكومة».
ولم تسلم أيّة طائفة أو قوميّة من بطش «القاعدة» في الموصل المتنوّعة في تركيبتها السكّانيّة، بحيث يؤكّد محافظ نينوى، دريد كشموله، أنّ «القاعدة استخدمت أساليب القتل المروّع والخطف والابتزاز والنحر والحرق والتهجير بحق جميع طوائف المجتمع، ولم يسلم منهم أصحاب المطاعم والحلاقين وعناصر الأمن». ويشير في هذا الصدد إلى «تهجير أكثر من عشرة آلاف عائلة خلال السنوات الأربع الماضية، بينهم أكراد ومسيحيون وتركمان ويزيديون يسكنون نينوى منذ مئات بل آلاف السنين».
Leave a Reply