بقلم: فاطمة الزين هاشم
كثيرةٌ هي الأخطاء التي يرتكبها الإنسان فتعود بالضرر على نفسه، وليس بالضرورة أن يطال أذاها الآخرين، لكنّ الخطيئةَ التي يقترفها البعض، لا بدّ وأن تمتدّ آثارها فتجني على الغير، لم أرَ مثل الخيانة الزوجيّة – وهذا ما أعنيه – أكثر وأوسع تدميراً يطال أفرادَ الدائرة المحيطة بها، فهي الخطيئة وليس الخطأ.
إذا نظرنا إلى حياة الفرد، من منظار النتيجة، نجدها قصيرةً مهما امتدّ به العمرُ، وتلك هي الأجيال، جيلٌ ينقرض ليلحقه آخر، ولمّا كانت الفترة الزمنيّة في حياة الفرد بهذه الدرجة من القِصَر، فمن الغباء والإستهتار وفقدان الحكمة، أن لا يُغنيها الإنسان بما تستحقّ من الجدّيّة والإلتزام، خاصّة – وهذا ما أعنيه – في بناء العلاقة الزوجيّة، فإنّ محدوديّة العمر لا تستحقّ أن يضيّعها الزوج بين زوجةٍ وعشيقة، أو زوجة ثانية، أو ارتكاب الخطيئة مع أخريات، لأنّها في النهاية ستؤدّي به إلى الخسران والندم في وقتٍ يكون فيه الندم قد اسنفد أنفاسه، وليت التدمير الذي يقع في حياته قد اقتصر عليه، لكنّ الطامّة الكبرى تبرز حينما يكون قد دمّرَ حياة المحيطين حوله من أفراد أسرته، هذا التدمير الذي أعقب لهاثه وراءَ نزواته.
إنّ المرأة حينما توافق على الزواج والإنتقال إلى عشّ الزوجيّة، تضع نصب عينيها بالدرجة الأولى إسعاد زوجِها وتكوين أسرة سعيدة تصبح ثمرة الزواج، وهي قبل ذلك ترزح تحت وطأة العثور على رجل يؤمن مثلها بأنّ كل ما يراه القلب من جماليّات يكون قابلاً للحبّ والعطاء المتقابل، تخلص له وتقف إلى جانبه في السرّاء والضرّاء، وحين تضحّي بالغالي والنفيس من أجل إسعاده، يقابلها بالعكس، إذ يبيعها عند أوّل ابتسامة من امرأةٍ أخرى حتّى ولو كانت أدنى منها شأناً وجمالاً، ليلحق ذلك بافتراء الأكاذيب وافتعال المشاكل والغياب عن منزل الأسرة متذرّعاً بكثرة أعماله والضغوط التي يقابلها في العمل، كلّ هذا من أجل أن يقضّي وقتاً مع «الهابطة» الجديدة، فيروح بالإبتعاد عن بيته وزوجته وأبنائه.
من هنا يبدأ التأثير الخطير لخطيئته، حيث يطال الزوجة والأبناء، وتخفت حرارة العواطف الزوجيّة، ويأخذ الأبناء منحى سايكولوجيّاً سلبيّاً يتمثّل في فقدان الإحترام لهيبة أبيهم، وهم يرون اكتواء قلب أمّهم بجمر خيانة أبيهم، وهي تعاني من التمزّق وراء جدران معتقل التقاليد، حيث يصبح الأبناء والزوجة ضحايا نزوات الأب ويدفعون الثمن غالياً، فتروح الزوجة الأم تدور في فلك مداراة نفسيّة الأبناء نتيجة تعرّضهم لصدمة ابتعاد أبيهم عنهم، حيث تتشتّت أفكارهم ويفتقروا للإستقرار النفسي نتيجة حرمانهم من رعاية وعطف أبيهم، ويتولّد الحقد في نفوسهم كلما صادفوا العطفَ الأبويَّ الذي يتمتّع به سواهم، وبالتالي لن يجني صاحب النزوات سوى الخيبة، لأنّه مادام قد خرّب بيته في هذا الركن الصغير من العالم، فسيلاحقه الخراب أينما حلّ.
ولا أريد أن أتجاوز مثل هذا النوع من الأزواج، دون أن أذكر أنّ هناك نوع من الزوجات أيضاً يرتكبن مثل هذه الخطيئة، حيث لا يستحقّنّ الإحترام، وهنّ قد خرّبن بيوتهنّ بأيديهنّ دون النظر إلى العواقب الوخيمة التي تعقب خطيئتهن، فآثارُ الخيانة الزوجيّة هي متشابهة سواءً حصلت من الزوج أو الزوجة، كلاهما مدمّرتان.
فاتّقوا الله أيّها البشر، بالحرص على سلامة بيوتكم وأسركم، وأذكّر بأنّه يكفي على الأقلّ التحفّط من داء الأيدز، والتهاب الكبد الوبائي، والأمراض الزهرية والمُعدية والأمراض المستعصية الأخرى، لتكون رادعاً فيزيائيّاً بعد الروادع الأخلاقيّة، كفاكم الله شرّ كلّ مرضٍ إن كان أخلاقيّاً أو فيزيائيّاً.
Leave a Reply