رغم تراجع ويتمر عن التهديد بالفيتو تجنباً لإغلاق حكومي محتمل
لانسنغ – بعد تلويحها باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد مشروع الموازنة العامة للسنة المالية القادمة، تراجعت حاكمة ولاية ميشيغن الديمقراطية غريتشن ويتمر، الاثنين الماضي، عن تهديدها، معلنة عن انفتاحها على التفاوض مع الجمهوريين بشأن الموازنة العامة من دون تضمينها خطةً طويلة الأجل لإصلاح شبكة الطرقات والجسور المتهالكة، كما كانت قد اشترطت سابقاً.
وجاء تنازل ويتمر عن شرطها، غداة مفاوضات أجرتها خلال عطلة نهاية الأسبوع مع قادة الجمهوريين لتفادي إغلاق حكومة الولاية جزئياً في حال عدم إقرار الموازنة العامة في موعدها الدستوري، قبل مطلع شهر تشرين الأول (أكتوبر) المقبل.
إلا أن بوادر الحلحلة لم تدم طويلاً، فبعد يومين فقط من اتفاق الحاكمة الديمقراطية مع المشرعين الجمهوريين الذين يسيطرون على الأغلبية في مجلسي شيوخ ونواب الولاية، على مواصلة المفاوضات بشأن الموازنة العامة للسنة المالية 2019–2020 مع تحييد ملف إصلاح الطرقات مؤقتاً، منعاً لإغلاق حكومة الولاية لأول مرة منذ عشر سنوات. عادت المفاوضات لتتعثر سريعاً بانسحاب ويتمر منها يوم الأربعاء الماضي.
وكان الجمهوريون قد تجاهلوا تهديدات ويتمر باستخدام «الفيتو»، مؤكدين أنهم سيواصلون إعداد الموازنة السنوية التي تقدر بنحو 60 مليار دولار، بغض النظر عن شروط الحاكمة الديمقراطية التي اتهموها بمحاولة «افتعال أزمة».
وجاء انسحاب الحاكمة من المفاوضات بعد اقتراح الجمهوريين تضمين 500 مليون دولار إضافية لإصلاح الطرقات، وهو ما اعتبرته ويتمر التفافاً على مطلبها بوضع خطة شاملة وطويلة الأجل لمعالجة الملف، محملة الجمهوريين مسؤولية تأخير الموازنة لعدم تجاوبهم مع دعوتها إلى إلغاء عطلة المجلس الصيفية.
واعتبرت ويتمر أن تخصيص نصف مليار دولار إضافية للطرقات من خلال الحد من النفقات في الدوائر الحكومية الأخرى، سيبقي على الستاتيكو القائم، ويحول دون إيجاد حلول جذرية لشبكة البنى التحتية في الولاية، والتي تعد بين الأسوأ على صعيد البلاد.
وجاء تصعيد ويتمر بعد أن كانت قد تراجعت خطوة إلى الوراء، بسحبها التهديد بالفيتو عقب مناقشات عطلة نهاية الأسبوع، التي صدر على أثرها، يوم الاثنين الماضي بيان مشترك ضم الحاكمة وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ السناتور الجمهوري مايك شيركي، ورئيس مجلس نواب الولاية الجمهوري لي تشاتفيلد، وقد أكدوا فيه عزمهم على تفادي إغلاق الحكومة عبر البدء فوراً بالعمل على إنجاز الموازنة وتأجيل النقاش حول إصلاح الطرق إلى ما بعدها.
وقال البيان إن «سكان ميشيغن يستحقون قيادة في لانسنغ تحرص على مواصلة تزويدهم بالخدمات التي يعتمدون عليها كل يوم»، في إشارة إلى تمسك القادة الثلاثة باستمرارية عمل حكومة الولاية بمختلف إداراتها التي تضم زهاء 45 ألف موظف.
وبشأن إصلاح شبكة الطرقات، أوضح البيان: «لقد اتفقنا جميعاً على مواصلة المحادثات حول تمويل الطرقات بطريقة مجدية ووضع جدول لجميع القضايا المرتبطة بها» لمناقشتها لاحقاً، مؤكداً على أن «الأولوية الأولى الآن، هي لتمرير الموازنة» قبل مطلع أكتوبر.
غير أن إصرار الجمهوريين على تخصيص مبالغ إضافية للطرقات من دون أية زيادة ضريبية لتعزيز إيرادات الخزانة –كما كانت تطالب ويتمر– جعل الحاكمة تتخذ موقفاً متصلباً وذلك بالانسحاب من المفاوضات.
وهو ما قابله الجمهوريون بمواقف تراوحت بين الاستهجان والفتور، متعهدين بمواصلة إعداد الموازنة قبل موعدها.
ومن المتوقع أن تعود المفاوضات بين الطرفين خلال الأسبوعين القادمين، تجنباً لإغلاق الحكومة وتسريح آلاف الموظفين بمن فيهم عناصر شرطة الولاية وحراس السجون وموظفو فروع سكريتاريا الولاية والمنتزهات العامة بحلول نهاية الشهر الجاري.
ويشار إلى أن ويتمر كانت قد طالبت بعد نحو شهرين من توليها منصب الحاكم مطلع العام الجاري، بفرض ضريبة قياسية على البنزين والديزل –بمقدار 45 سنتاً إضافياً للغالون الواحد– لجمع إيرادات إضافية بنحو 2.5 مليار دولار سنوياً من أجل إصلاح الطرقات وتعزيز تمويل التعليم العام وحماية البيئة، وهي خطة قابلها الجمهوريون برفض مطلق محذرين من أنها ستنعكس سلباً على اقتصاد الولاية وستؤدي إلى إضعاف قدرة المستهلكين على الإنفاق إلى جانب ارتفاع أسعار كافة أنواع السلع.
وإلى جانب الخلاف حول ملف الطرقات، لا يزال التباين قائماً بين الحاكمة الديمقراطية والأغلبية الجمهورية حول العديد من القضايا الأخرى، وأبرزها الإنفاق على التعليم العام، حيث تطالب ويتمر بتخصيص 507 ملايين دولار إضافية للمدارس (من الحضانة إلى المرحلة الثانوية)، في حين يقترح الجمهوريون زيادة أقل تتراوح بين 226 مليوناً في مجلس النواب و410 ملايين دولار في مجلس الشيوخ.
وينص دستور ميشيغن على إقرار الموازنة السنوية قبل مطلع أكتوبر من كل عام. لكن إزاء التباين القائم في المواقف، لا تزال الولاية تواجه خطر الإغلاق الحكومي لأول مرة منذ عشر سنوات، حين عُلّق عمل الحكومة لبضع ساعات عام 2009، قبل أن تتوصل الحاكمة الديمقراطية السابقة جنيفر غرانهولم –آنذاك– إلى اتفاق مع الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ بشأن الموازنة صبيحة الأول من أكتوبر من ذلك العام.
ومنذ ذلك الحين، دأب الحاكم الجمهوري السابق ريك سنايدر، على توقيع الموازنة مبكراً (قبل ثلاثة أشهر من موعدها) مستفيداً من سيطرة الجمهوريين على الأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ منذ العام 2010، مما انعكس استقراراً مالياً وتعافياً ائتمانياً للولاية طوال ثماني سنوات من الحكم المطلق للجمهوريين.
غير أن الانقسام السياسي الذي فرضته انتخابات 2018 على تركيبة الحكم في ولاية ميشيغن –باستعادة الديمقراطيين لسدة الحاكمية واحتفاظ الجمهوريين بالأغلبية التشريعية– أعاد المخاوف من أن تؤدي التجاذبات الحزبية إلى تعطيل الموازنة.
Leave a Reply