سيدي الرئيس.. علينا أن نتجنب المواجهة المباشرة، لأن الحرب مكلفة وغير مجدية في مثل هذه الحالة، والأفضل أن نفكر بـ”عملية البعوضة”.
– لماذا البعوضة؟
“لأن البعوضة لا تستطيع قتل دب، إلا أنها تستطيع أن تزعج الدب، وبذلك لن ينام بعد الآن. سوف يذهله الطنين. لا أحد رأى دبا يقتل بعوضة على الإطلاق، لذا يمكن أن تكون البعوضة عدوا خطيرا جدا. إن ما أقوله الآن أنه لو استطعنا استخدام الخيال والذكاء، فيمكننا أن نصنع.. شيئا كبيرا”.
/
يمكن أيضا باستخدام البلادة والغباء أن نخلق بعوضة تزعج الدب وتسبب له الصداع.
/
في الربيع السوري، وإذا ما اتفقنا أن المشهد يضم دبا يعاني الأمرين ويتألم من شدة الطنين، وبعوضة كلما سحقتها وأحسست بدمها اللزج، تعود وتسمع طنينها المدمر للأعصاب (وبغض النظر عمن يكون الدب أو من تكون البعوضة، إذ أن النظام السوري والمعارضة يتبادلان الأدوار)، إذن فمن تراه يكون الرأس المدبر وراء.. “عملية البعوضة السورية”؟
/
“إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا بعوضة”.
/
ولكن من الضروري اختبار أفكارنا بين الحين والآخر. ولنأخذ مثالا بعيدا وغير ذي علاقة تجنبا لإثارة الحساسيات وتوريط ضمائرنا. فأنتم تذكرون بلا شك شعار حملة باراك أوباما الانتخابية لرئاسة البيت الأبيض. “تشاينج”. أو التغيير إذا كان لا بد من تعريب لعبة تداول السلطة، وهي مسألة ماتزال تزعج الكثيرين منا بأكثر مما يزعجه طنين الذبابة. وتذكرون تلك الجملة الرائجة، أو شبه الجملة، في أميركا: “نعم، بإمكاننا!”. ولكن من يتذكر ماذا كان شعار حملة جون ماكين، خصم أوباما، وليس خصيمه، في ذلك الوقت؟
/
ليس مفاجئا أن ننسى أو يغيب عن بالنا، وربما لا يعنينا، ما كان ذلك الشعار، فالتاريخ هو ملك المنتصرين في الحروب (وليس الحملات الانتخابية على أية حال)، وليس ملك الدببة والبعوض، والمهزمون مآلهم.. إلى الصفوف الخلفية.
/
مع أن لينين، الثوري البلشفي العتيد، قال: الدخول إلى الحصن بعلم أبيض (في إشارة إلى الهدنة والمفاوضات)، أفضل من البقاء خارجه برفقة علم أحمر (في إشارة إلى العنف والدم)، إلا أن المأساة لا تكتمل بإدراك تفكك الاتحاد السوفياتي، بل بإدراك تفكك جميع الخبرات البشرية!
/
بكل الأحوال، كان شعار حملة جون ماكين الانتخابية إلى الرئاسة الأميركية، هو: البلد أولا! وقد خسر ماكين واندثر الشعار.. لصالح الـ”تشانيج”!
Leave a Reply