دمشق – بدأت توجهات الموسم الدرامي السوري لهذا العام، تتجلّى مع انتهاء تصوير بعض الأعمال والشروع بتصوير أخرى، ولن يحمل الوقت القليل المتبقي (حوالي ٤ أشهر) لبداية الموسم الرمضاني الكثير من التغيير على الخارطة الدرامية الحالية.
هذا العام تتضح السيطرة المطلقة للأعمال الاجتماعية والتي تجري أحداث أغلبها في المناطق العشوائية أو الهامشية التي تشكل حوالي ٥٠ بالمئة من مدينة دمشق، في ظل تراجع للأعمال الكوميدية واختفاء الأعمال التاريخية، وبروز بعض الأعمال ذات الطابع ”الوطني” أو التي تتحدث عن تاريخ سوريا بعد الاستقلال.
غير أن الجديد في هذا العام هو دخول الدراما ميدانا جديدا لم تطئه من قبل، وهو عالم الجاسوسية الذي يبشر به نجدت أنزور عبر عمله الجديد ”رجال الحسم”، فضلا عن عمل آخر لمحمد الشيخ نجيب يطرق ذات الموضوع ولكن من زاوية مختلفة تحت عنوان ”تحت المداس”.
لا يبدو من قبيل الصدفة ازدياد الأعمال الدرامية ذات الطابع الاجتماعي، وخاصة تلك التي تتطرق لمجتمع العشوائيات الذي شكل مؤخرا أرضا خصبة للدراما السورية، حيث كانت البداية مع النجاح الكبير لمسلسل ”غزلان في غابة الذئاب” للمخرجة رشا شربتجي، وتلاه عدد من الأعمال التي حققت انتشارا كبيرا كان آخرها ”ليل ورجال” للمخرج سمير حسين.
في هذا الموسم تعود المخرجة رشا شربتجي بعمل إشكالي جديد بعنوان ”زمن العار”، عن نص للكاتب حسن سامي يوسف ونجيب نصير وإنتاج شركة عاج للإنتاج الفني ويشارك فيه كوكبة من النجوم على رأسهم بسام كوسا.
من جانبه يعود المخرج سمير حسين بعمل اجتماعي جديد يحمل عنوان ”قاع المدينة” ليقدم نظرة متفائلة لسكان العشوائيات في سوريا. ويحاول حسين في عمله الجديد الذي كتبه محمد العاص البحث عن القيم النبيلة لدى هؤلاء الناس ويعيد تأسيسها دراميا، ضمن سلسلة متداخلة من الحكايات ترصد حياتهم اليومية التي تقودهم إلى خارج هذه الأحياء بحكم العمل أو الدراسة، وتجري مقاربة بينهم وبين نظراؤهم من سكان المدن.
فيما يرصد المخرج عمار رضوان معاناة أطفال الشوارع في سوريا عبر عمله الجديد ”قلوب صغيرة” الذي كتبته ريما فليحان بمشاركة الفنانة يارا صبري وتنتجه شركة غزال للإنتاج الفني.
سوريا بعد الاستقلال
بعد النجاح الكبير لعمله ”ليس سرابا” يعود المخرج السوري المثنى صبح إلى خمسينيات القرن الماضي ليرصد المجتمع السوري بعد الاستقلال عبر عمله الجديد ”الدوامة” الذي كتبه الأديب الراحل ممدوح عدوان عن رواية ”الضغينة والهوى” للأديب فواز حداد، وتنتجه شركة سوريا الدولية للإنتاج الفني.
ويحاول العمل الذي تدور أحداثه بين عامي ١٩٤٩ و١٩٥١ دراسة البنى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية للمجتمع السوري خلال السنوات الأولى لفترة ما بعد الاستقلال، وكشف المحاولات الخارجية للسيطرة على ثروات البلاد العربية، وخاصة النفط، وتصدي الدول العربية مجتمعة لهذه المحاولات.
فلسطين والجاسوسية
بعد الملحمة الدرامية ”التغريبة الفلسطينية” لحاتم علي و”الاجتياح” لشوقي الماجري و”عائد إلى حيفا” لباسل الخطيب، لم تتطرق الدراما السورية للقضية الفلسطينية، غير أن العدوان الأخير على غزة فتح شهية المخرجين والمنتجين السوريين.
والبداية كانت مع المخرج يوسف رزق الذي تخلى مؤقتا عن الأعمال الاجتماعية التي أثارت جدلا كبيرا من قبيل ”حاجز الصمت” و”الخط الأحمر”، ليتناول في عمله الجديد ”سفر الحجارة” مأساة الشعب الفلسطيني ومقاومته اليومية للاحتلال الإسرائيلي.
يعود المخرج نجدت أنزور الذي يعود له الفضل في اقتحام مناطق محرمة -فكريا وفنيا- لم تعرفها الدراما السورية، بدءا بالفانتازيا وليس انتهاء بالإرهاب، يعود بعمله الجديد الذي كتبه فايز بشير ليطرق باب الجاسوسية، في تطور جديد قد يقود لحرب درامية تشنها دمشق على تل أبيب، كما يعبر البعض.
في ذات الموضوع ولكن ضمن سياق مختلف يرصد المخرج محمد شيخ نجيب عالم الجاسوسية، عبر شبكات التهريب والتجسس التي تمتد إلى الخادمات الأجنبيات في بيوت الأثرياء، كاشفا الهوة بين مجتمع أرستقراطي فاحش الثراء وآخر بسيط يزداد فقرا.
الوحدة السورية المصرية
رغم أهميتها كتجربة فريدة في تاريخ العرب المعاصر، لم تنل الوحدة السورية المصرية اهتماما كافيا من صناع الدراما العربية عامة والسورية بشكل خاص. غير أن المخرج وائل رمضان يقدم عملا جديدا يؤرخ لتلك الفترة، ولكن من الناحية الإنسانية، تحت عنوان ”آخر أيام الحب”. ويشارك في العمل الذي كتبه هاني السعدي عدد كبير من الفنانين السوريين والمصريين، أبرزهم من سوريا الفنانة سلاف فواخرجي ومن مصر الفنان ياسر جلال.
تراجع الأعمال الكوميدية
لا يختلف الموسم الحالي عن المواسم السابقة من حيث ندرة الأعمال الدرامية الكوميدية، ولعل الأمر هنا يقتصر على عملين فقط هما ”أحدب نوترشام” و”مقالب أبو غالب”. فعبر تلاعبه بعنوان لأهم روايات فيكتور هيغو يقدم الكاتب فؤاد حميرة مسلسلا جديدا بعنوان ”أحدب نوترشام” الذي من المتوقع أن يخرجه سيف الدين سبيعي.
من جانب آخر يقوم الفنان نزار أبو حجر ببطولة عمل درامي جديد بعنوان ”مقالب أبو غالب”. و”أبو غالب” هي الشخصية التي جسدها أبو حجر في مسلسل ”باب الحارة” قبل أن يغادره مؤخرا بسبب خلاف مع القائمين على العمل.
الدراما الشامية
يشهد الموسم الحالي تحولا كبيرا في مسلسل باب الحارة بعد انسحاب كاتبه الأساسي مروان قاووق وتنازله عن العمل أمام القضاء بعد خلاف مع مخرجه بسام الملا وإسناد المهمة للكاتب كمال مرة.
ويتوقع المراقبون أن يكون الجزء الرابع من العمل أكثر هشاشة من سابقه، بسبب انسحاب إحدى الشخصيات الأساسية ”أبو غالب”، وتصريح كاتب العمل لإحدى وسائل الإعلام بأن شخصية ”العقيد أبو شهاب” التي يؤديها الفنان سامر المصري ستصبح ثانوية في العمل، فضلا عن وجود معلومات بخروج شخصية ثالثة من العمل هي شخصية ”أبو حاتم” التي يؤديها الفنان وفيق الزعيم، وهو ما سيضعف العمل كثيرا. وذكرت بعض وسائل الإعلام السورية أن المخرج بسام الملا، في محاولة منه لإنقاذ العمل، عرض على الفنان تيم حسن المشاركة في الجزء الرابع من العمل عبر دور رئيسي يكتب من أجله، إلا أن حسن فضل الاعتذار، وكذلك فعل الفنان نضال سيجري، ولم تتضح بعد هوية الفنانين الجدد الذين وافقوا على المشاركة.
من جانب آخر بدأ الكاتب أحمد حامد بتأليف جزء ثان من مسلسل ”أهل الراية”.
وثمة حديث عن وجود جزء ثاني لمسلسل ”بيت جدي”، في ظل عدم وضوح هوية المخرج، بعد اعتذار مخرج الجزء الأول رشاد كوكش لعدم اقتناعه بـ”موضة الأجزاء” التي بتنا نلمسها بشكل كبير في الأعمال السورية.
Leave a Reply