«الندوة للفكر الحر» تحيي ذكرى تأسيسها في المتحف العربي الأميركي بديربورن
عباس الحاج أحمد – «صدى الوطن»
بمناسبة مرور ثلاث سنوات على تأسيسها، استضافت جمعية «الندوة للفكر الحر»، يوم السبت الماضي، المفكر وعالم الاجتماع والمؤرخ الدكتور أحمد بيضون، الذي ألقى محاضرة تحليلية للأزمة اللبنانية بعنوان: «في مصادر النكبة اللبنانية: الطائفية المجدَّدة تعيد تعريفَ الفساد»، بحضور عشرات الناشطين والمهتمين، في المتحف العربي الاميركي بديربورن.
افتتح الحفل، عريف الحفل، زياد نصر، عضو الجمعية، بلفتة تكريمية من مدينة ديربورن، حيث سلّم رئيس البلدية عبدالله حمود ومدير قسم الاتصالات والإعلام في البلدية بلال بيضون، شهادة تكريمية للضيف اللبناني احتفاء بدوره الثقافي وإسهاماته الفكرية.
بعد ذلك، ألقى عون جابر، رئيس الجمعية، كلمة خاصة بمناسبة الذكرى الثالثة لتأسيس «الندوة للفكر الحر»، مؤكداً على أهمية الإنتاج الفكري والثقافي الحر بتقدم المجتمعات ومعرّفاً الحضور بأعمال المحتفى به وكتبه وإنتاجاته. واستعان جابر بمقولة المفكر الراحل إدوارد سعيد: «المثقف يكفّ عن أن يكون مثقفاً عندما يقترب من السلطة» لافتاً إلى أن ذلك ينطبق على الدكتور بيضون الذي اختار الابتعاد عن السياسة لكن لم يتردد قط في الخوض بقضايا شعبه المحقة، «فلم يهادن ولم يرتهن، فكان وما زال مبدعاً بتألق، شجاعاً بأدب، وواثقاً بتواضع، ومصمماً بعزم، وناقداً بصراحة».
ولد الدكتور بيضون سنة 1943 في مدينة بنت جبيل اللبنانية، وكان مع وضاح شرارة وفواز طرابلسي من أبرز قياديي «حركة لبنان الاشتراكي». وفي 1970 اندمجت الحركة مع منظمة الاشتراكيين اللبنانيين لتشكل منظمة العمل الشيوعي في لبنان. وأصبح بيضون عضواً في مكتبها السياسي لكنه ما لبث أن غادرها سنة 1973 مع شرارة. والده هو النائب السابق عبد اللطيف بيضون. يحمل دكتوراه في التاريخ من جامعة باريس وله عشرات المؤلفات باللغتين العربية والفرنسية. من مؤلفاته: «الأخلاط والامزجة»، «بنت جبيل ميشيغن»، «تسع عشرة فرقة ناجية: اللبنانيون في معركة الزواج المدني»، «الجمهورية المتقطعة»، وغيرها من المؤلفات.
افتتح الدكتور بيضون محاضرته، بمقدمة عنوانها الغثيان، لافتاً إلى إحاطةٍ قدّمها وزير الخارجية الفرنسي جان–إيف لو دريان أمام مجلس الشيوخ الفرنسي، في كانون الأول الماضي، حيث وصف الأزمة اللبنانية بأنها أزمة «اقتصادية ومالية، اجتماعية وإنسانية، سياسية بل أخلاقية أيضاً». وأضاف بيضون: «في مسْمَع اللبنانيين، تبدو الأوصاف الخمسة الأولى تحصيلَ حاصلٍ، وكذلك الأخير المسند إلى الأخلاق! لولا أنّ هذا الوصف الأخير ليس مألوفاً صدوره من وزير خارجية يعرف الإشكال العويص المترتّب على إسناد السياسة إلى الأخلاق ويعرف من أحوال السياسيين في طول الشرق الأوسط وعرضه (وفي غيره أيضاً) ما يفترض أن يغريه بالاستغناء عن ذكر الأخلاق في هذا المعرض. هذا وزير خارجية أمسى مخضرماً وليسَ بنَيّةً من بنَيّات أَخَويّةٍ ما! مع ذلك، وصف لو دريان أزمتنا بــ«الأخلاقية»!.
وقدّم المفكر اللبناني بعدها، شرحاً تحليلياً للأزمة التي تعصف ببلاد الأرز، والتي أسماها «نكبة»، مرجعاً جذروها إلى السلطة الطائفية التي تكوّنت بعد الحرب الأهلية والتي أوصلت لبنان إلى الانهيار المالي.
واستعرض بيضون، الأزمة تحت مجموعة عناوين شملت: «تمويل الدولة وطبائع الفساد»، «الحرب وجديد السياسة»، «بين الفساد والمناهبة»، «دوامة الاستدانة»، «السياسة بما هي أصل»، «النكبة الفريدة وقراءة الأفق».
وختم بيضون بالقول: «التوصّل إلى مجتمع ودولة ترعى فيهما قيم المواطنة، لا قيم الطائفيّة، يَفترض تكوّنَ قوى اجتماعية وسياسية راجحة في البلاد تتّخذ هذه القيم دليلاً. وهو ما مثّلت بعض أجنحة الحركة الشعبية التي أطلقتها النكبة إرهاصاً معتبَراً به. لم يصمد هذا الإرهاص في الساحات بعد أن قوبل بالقمع والإنكار. ولكنْ بقيَت منه نوىً متنوّعة، متفرّقة المواقع. لا تزال هذه النوى ناميةً وعلى نموّها وتماسك تنظيمها ونضج برامجها نعوّل».
Leave a Reply