صدر عن “الدار الداهشية للنشر في نيويورك” كتاب بعنوان “الدكتور داهش – رجل الأسرار” لمؤلفه الصحفي والأديب اسكندر شاهين، مدير تحرير جريدة “الديار” اللبنانية. وفي هذا الكتاب يتناول المؤلف السيرة الشخصية والإبداعية والعجائبية لرجل شكّل على مدار سنوات (النصف الثاني من القرن العشرين) ظاهرة خارقة في المجتمع اللبناني انقسم الناس حولها بين مصدّق ومنكر، وبين معجب ومبعض، وبين تابع أو معرض.. الأمر الذي أدى في نهاية المطاف إلى قيام رئيس الجمهورية اللبنانية، بشارة الخوري، بحرمان الدكتور داهش من الجنسية اللبنانية، وإطلاق حملة إعلامية واسعة لتشويه سمعته والسخرية من مزاعمه. وظل الأمر كذلك.. حتى مجيء حكومة الأمير خالد شهاب التي أعادت له الجنسية، وليواصل بعدها الدكتور داهش حياته الاجتماعية “فاستحالت دارته في بيروت الى مجلس جمع الكثير من المفكرين والأدباء كما صارت هدفاً لأهل الصحافة بحيث أن جميع الصحافيين الذين التقوا داهشاً، وإن لم يخرجوا مؤمنين بعقيدته، فقد أجمعوا تقريباً على أن الرجل هو ظاهرة بكل ما تعنيه الكلمة، لاسيما وأنه اجترح معجزات أمامهم، وفق ما كتب هؤلاء في صحف الخمسينيات والستينيات والسبعينيات – ص١٠٤”.ويذكر المؤلف اسكندر شاهين في مقدمة كتابه: “ان الرجل صاحب عقيدة إنسانية روحية قام بأعمال غير مألوفة لا يجوز الاستهانة بها أو الوقوف منها موقف اللامبالاة. وهو أيضاً أديب غزير الإنتاج ينحو في أدبه منحى مثالياً وإصلاحياً. وفضلاً عن ذلك كله، فقد كان شغوفاً بالفنون الجميلة دؤوباً على جمع آثارها، خلّف متحفاً فنياً يقوم الآن في قلب مدينة نيويورك”. والواقع أن الكتاب في معظم فصوله يحاول إثبات هذه “الحقائق” بالاعتماد على شهادات شخصية من الأتباع الداهشيين، ووقائع مثبتة يرويها أناس لم يتبعوا الرجل في عقيدته، ولكنهم لم يستطيعوا فك الألغاز التي رافقت هذه الظاهرة.كما أن الكتاب يفرد فصلاً لحياة الطفل سليم العشي (الذي عرف فيما بعد باسم الدكتور داهش) وبداياته الإعجازية في سني الطفولة، واستمراراً إلى سنوات شبابه، حتى انتهى به المطاف إلى إعلان “العقيدة الداهشية” التي كان من أشهر أتباعها الشاعر حليم دموس والأديبة ماري حداد والباحث الدكتور غازي براكس، الذي وضع العديد في الكتب في دراسة تراث المؤسس الدكتور داهش.في الفصل الثالث من الكتاب يستعرض المؤلف بعض مفاهيم العقيدة الداهشية، التي هي جملة تعاليم روحية بثها الدكتور في مؤلفاته العديدة، لاسيما في مؤلفه “قصص غريبة .. أساطير عجيبة” بأجزائه الأربعة، وكتاب “مذكرات يسوع الناصري” و”مذكرات دينار” و”الرحلات الداهشية حول الكرة الأرضية” بأجزائه الاثنين والعشرين. وفي تلك الكتب والمؤلفات، يوضح الدكتور داهش مفهوم الداهشية في العدالة الإلهية والثواب والعقاب والتقمص والسيالات الروحية وكل ما يتعلق بشؤون الحياة والموت والحب والبغض وغوامض الحياة الأخرى والعوالم المجهولة، ويستعين الكتاب ببعض شروحات الشاعر حليم دموس والدكتور غازي براكس عن العقيدة الداهشية في إيضاح بعض التعاليم العقيدية في ذلك المجال.وما من شك أن ظاهرة، كظاهرة الدكتور داهش، تفتح الباب على كثير من التساؤلات والاستفسارت، فضلاً عن أنها تقود إلى حقول مليئة بالألغام، خاصة في مجتمعات كالمجتعمات العربية، حيث الأديان فيها بمثابة منظومات “كاملة ونهائية” ولا تقبل “البدعة”.. وهذا هو السبب بالضبط وراء تجاهل العقيدة الداهشية (وربما معاداتها) لكن البعض يملكون موهبة الشجاعة النادرة لمقاربة هذه الظاهرة، والاعتراف بها، أو على الأقل محاولة دراستها وفهمها، ويأتي في مقدمة هؤلاء الشيخ عبدالله العلايلي الذي وضع كتاباً وصف فيه لقاءه بالدكتور داهش، وحمل عنوان “كيف عرفت الدكتور داهش” وروى بعض “الاجتراحات الإعجازية” التي قام بها الدكتور داهش في حضرة “الشيخ الأحمر”.يقع الكتاب في ٤٦٦ صفحة من القطع المتوسط، ويحمل غلافه صورة الدكتور داهش في منزله في بيروت، ويضم عدداً من الصور التي ظهرت على صفحات الجرائد التي أجرت لقاءات مع الدكتور داهش، كما يضم عدداً من الوثائق والمراسيم التي صدرت بشأن مؤسس الداهشية.
Leave a Reply