ليس مستغرباً أن ترتكب إسرائيل مجزرةً ارهابيةً جديدة بحق مدنيين عزل، معظمهم من الأجانب الذين هزت مشاعرهم مسألة الحصار الإرهابي الإسرائيلي منذ العام ٢٠٠٧ لمليوني مواطن فلسطيني في أكبر سجن مفتوح في العالم ممنوعٌ عنه الطعام والدواء والعمران وكل أسباب الحياة، وليس مستغرباً أن يساهم مواطنون، يملكون الإباء والشرف والكرامة والرحمة من ٤٠ دولة، جمعوا أنفسهم لتشكيل “أسطول الحرية” لإعطاء القطاع الصامد جرعة من حياة، في وقتٍ يرتع فيه “مساطيل العبودية” في زنازين ضمائرهم المسفوحة وأقبية أنظمتهم المتعفنة. المستغرب المستهجن هورد فعل الشارع العربي مجاراة لما يقوم به الأترك الاحرار، معجزة القرن الواحد والعشرين، الذين أعادوا الأمل بوجود عدالة حقيقية في العالم بالإضافة إلى معجزة المقاومة في ١٩٩٦ ثم عامي ٢٠٠٠ و٢٠٠٦. ولكن رب ضارةٍ نافعة، أو كما أعلن الإمام الخميني (قدس سره) “إن اعداءنا أغبياء”. واليوم بعد هزيمة إسرائيل الكبرى في حروبها اللبنانية وإنكشاف “الموساد” في عملية قتل القيادي الفلسطيني محمود المبحوح في دبي، وطرد دبلوماسيين إسرائيليين من بريطانيا وأستراليا بسبب إستعمال جوازات سفرهما المزورة، و”تقرير غولدستون” حول البربرية الإسرائيلية في غزة، إضافةً إلى إنتقاد منظمة “العفو الدولية” لإنتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان، فقرار الأمم المتحدة بسحب مسألة السلاح النووي الإسرائيلي من ملف المحرمات، مقابل الخنوع الرسمي العربي الذي أنقذ إسرائيل من ورطاتها وآخرها قرار إعادة التفاوض غير المباشر معها، تتعرض إسرائيل لأول مرة ربما في تاريخها الأسود إلى هزيمة سياسية ومعنوية وأخلاقية منكرة مما يجعلها في وضعٍ لايحسد عليه. ولأول مرة قد تخسر تركيا وهذه خسارة جسيمة تعادل خسارة الصين بالنسبة للروس وكل هذا بسبب الغباء الإسرائيلي الذي “بق” للأنظمة العربية مئة بحصة!
لكن لا تخافي إسرائيل، فبالإضافة للكفيل الأميركي هناك دوماً تقف بالمرصاد أنظمة التخلف مستعدة لـ”تنفيس” هذه الهزيمة الإسرائيلية الجديدة. فمن يجرؤ اليوم من العرب المتربعين على كراسيهم الذليلة الفقيدة للشرف والكرامة أن يقول كما أعلن الزعيم “العروبي” الوحيد التركي رجب طيب اردوغان “أن إسرائيل عبارة عن عصابات ارهابية خارجة على القانون”؟ ومن يجرؤ من “أشباه الرجال” هؤلاء أن يهدد ويتوعد إسرائيل على عملها الإجرامي بقتل مدنيين عزل في المياه الإقليمية الدولية ويجبرها على التراجع؟ كم كان عاقراً اجتماع وزراء الخارجية العرب وكان خارج التاريخ والوجدان! لقد إكتفى “زعماء” العرب بالإدانة الشديدة اللهجة! ماذا تعني عبارة شديدة اللهجة؟ هل هي سباب وشتائم للعدو؟ نشك في ذلك. هل الكلمات ستقفزمن الورق لتهاجم العدو؟ ربما هذا ما يتخيله “عرب الدونكيشوت”. ما شاء الله إدانة عربية “شديدة اللهجة” إرتعدت لها فرائص إسرائيل المسكينة!
حسني مبارك إنتقد إستعمال “القوة المفرطة”، أي أنه لو لم تكن مفرطة لأصبحت “أوكي”. ثم فتح “معبر رفح” مؤقتاً لكي يمتص النقمة الشعبية. ثم قامت “رشقات” من تظاهرات عربية خجولة تم خلالها حرق الأعلام الإسرائيلية، وذلك فقط لحفظ ماء الوجه حتى لا يقال أن الأتراك والفرس إستلموا مشعل القضية. على كلٍ، لم تكن هذه العرضات العربية الهزيلة للماشين في نومهم، في مستوى الغضب التركي الشعبي العارم! ولكن بدل هذه الإدانات الإنشائية الفارغة، ألم يكن أجدى أن تطرد بعض دول الخليج التي لها علاقات تجارية ودبلوماسية (بالخفاء) مع إسرائيل، ممثلي هذه الدولة المعتدية؟ أيعقل أن لاتجرؤ تسيبي ليفني على أن تضع قدمها في بريطانيا خوفاً من اعتقالها كمجرمة حرب، لكنها تصول وتجول في قطر ومصر وتحاضر في “العفة والديمقراطية”؟! أو “جزارقانا” شمعون بيريز الذي له صور على “يوتيوب” وهو يتلقى السلام من رجالٍ ونساء لهوفين ولهوفات عليه وكأنه الان ديلون عصره؟ بل وبينما كان اردوغان يستشير جيشه ويستنفره ضد العدوانية الصهيونية، كان محمود عباس، المسرور برئاسته على “قارورة” من أرض، يطمئن إسرائيل بمواصلة المفاوضات معها مهما حصل. المؤسف أكثر من ذلك أنه بينما اجمعت صحف تركيا قاطبةً من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار على مهاجمة إسرائيل بأقذع الألفاظ والنعوت إلى درجة تسمية الاسرائيليين بـ”أبناء هتلر”، طلع علينا إعلاميو الأنظمة المرتزقة ينتقدون تركيا ويردون السهام عن دولة الإرهاب. فقد تقيأ قلم الملقب بالكاتب، عبد الرحمن الراشد، في “سقيفة” “الشرق الأوسط” السعودية (أتذكرون حماسها يوم الإنتخابات النيابية اللبنانية المسعرة بمليار و٢٠٠ ألف دولار نقداً وعداً دفعت لصغار “ثورة البطيخ”؟) أن تلك السفن (التركية) التي توجهت إلى غزة أبحرت ومن عليها تخريبا لعملية السلام وإفشالا لمخطط أوباما لإقامة الدولة الفلسطينية”! أما موقع “إيلاف” الإلكتروني فقد طلع علينا عبره المدعو طارق حمو متهماً اردوغان بإشعال “النار في طرف الخيمة العربية”! كل هذا التغير المفاجىء نحو تركيا الآن لأنها، كإيران، اصطفت إلى جانب فلسطين وعندما كانت من الأعداء كانت محل احترام أنظمة الردة والتخلف. كذلك أنظمة الخنوع يخضعون لمن يذلهم.
بقي أن نمر على الصعيد اللبناني حيث أن البطرك لم يشعر بما جرى حوله إلا متأخراً وعبر تصريح هزيل “أن إسرائيل عودتنا على اعتداءاتها”، ربما حتى لا يستثير حفيظة أصحاب الكيانية الفينيقية الذين طحنت نظريتهم حول ذريعة المقاومة بعد أن أدان العالم بأجمعه الغطرسة الإسرائيلية، أو ربما لأن تركيا هي جارة لسوريا. أو ربما كان مشغولاً بعملية لملمة موضوع قتل الأخوين صالح من تيار “المردة” من قبل عضو في مجموعة دربتها يوماً ورعتها “الدولة” الإرهابية نفسها!
تحية من كل الشرفاء للشعب التركي والنيكاراغوي و”أسطول الحرية”، ولأنظمة القمع نقول باللسان التركي “أدب سيس
Leave a Reply