تتنوع الأعياد وتتعدد عند الأمم والشعوب باختلاف تجاربها الاجتماعية والثقافية، والإنسانية بشكل عام. وتختلف مظاهر الاحتفالات وتعبيرات الفرح باختلاف المجتمعات تبعاً للأعراف والعادات والتقاليد.فهناك أعياد ذات طابع ديني، كعيديْ الفطر والأضحى عند المسلمين، وأعياد الميلاد عند المسيحيين، وعيد الفطير عند اليهود. يضاف إليها أعياد أخرى، كأعياد القديسيين، وأعياد رأس السنة الميلادية، والهجرية، واليهودية، وغيرها..وهناك أعياد ذات طابع وطني.. تتعلق بتاريخ الأوطان، ومراحل تكوينها السياسي، كأعياد الإستقلال، وأعياد الشهداء، فضلاً عن أيام أخرى.. تشكل مفاصل هامة في تاريخ هذا الشعب أو ذاك، كالانتصار في حرب، مثلاً، أو تحقيق سلام كان له نتائج ملموسة.وهناك أعياد للثورات التي غيرت الصياغات والانتهاجات السياسية في وطن من الأوطان، أو عند شعب من الشعوب، كالثورة البلشفية، والثورة الفرنسية، فضلاً عن ثورات محلية منتشرة في أغلب البلدان.وهناك أعياد قادمة من عمق التاريخ، من تجارب الأمم القديمة، كأعياد الحصاد والربيع، التي ما تزال مستمرة حتى الزمن الحاضر.. بأسماء أخرى، كأعياد «شم النسيم» عند المصريين والسوريين، وأعياد النيروز عند الأكراد..وهناك أعياد ذات طبيعة كونية، لم تأتِ بها الأديان، ولم تفرضها الأنظمة الحاكمة، بل اقترحتها العواطف والمشاعر الإنسانية، فتواضع الناس عليها، كأعياد الأم وأعياد الحب..وهناك أعياد لا يفرح بها أحد، كأعياد ميلاد الديكتاتوريين، المفروضة بالقوة..وعيد الشكر الأميركي الذي يحل في هذه الأيام (ثانكس غيفينغ) ليس أي واحد من هؤلاء، فهو عيد لجميع الأميركيين على اختلاف أعراقهم وجذورهم وأديانهم ومعتقداتهم، مهما تنوعت واختلفت الثقافات والبلاد التي هم قادمون منها، وهو بالإضافة إلى ذلك.. عيد الأسرة الأميركية، وهذه نقطة لافتة.. على اعتبار أن الثقافة الأميركية تمجد الفردوية لدرجة أن الكثير من الثقافات الأخرى تنتقد الثقافة الأميركية بسبب هذه السمة.في هذا العيد يلتم شمل الأسرة الأميركية، ويجتمع أفرادها حول مائدة يشكل فيها طبق الديك الرومي الطبق الأساسي، ويلحظ أن الاحتفالات بعيد الشكر في أميركا لا تأخذ طابعاً اجتماعياً عاماً على خلاف الاحتفالات بالأعياد الأخرى، كعيد الميلاد وعيد رأس السنة والهالويين.وفي هذا العيد (عيد الشكر) تتوقف المؤسسات العامة والمراكز التجارية عن العمل، وتعطل المدارس والمؤسسات الحكومية ومختلف أنواع الأعمال والمصالح... على خلاف المرات السابقة، كان على فريق العمل في جريدة «صدى الوطن» أن ينجز جميع أعماله قبل يوم الخميس، لأن الناس معيدين يوم الخميس، وقد أنجز العدد في الوقت المحدد.. لأنو كمان «صدى الوطن» رايحة على العيد..كل عام وأنتم بخير!
tariqawahid@yahoo.com
Leave a Reply