نيويورك – قالت صحيفة أميركية إن تدهور الدولار الأميركي يتفاقم مع استمرار انخفاض أسعار الفائدة والخشية من ارتفاع معدل التضخم وتعاظم عجز الموازنة. وأوضحت “وول ستريت جورنال” أن الاتجاه النزولي للدولار سيستمر مع عدم وجود إشارات على التحسن في تلك الاتجاهات.
وانخفض سعر صرف الدولار بنحو 1 بالمئة مقابل سلة من العملات خلال الأسبوع الماضي، بعد هبوط مماثل في الأسبوع الذي سبقه. وهبط مؤشر الدولار، الذي يقيس سعر صرف العملة الأميركية مقابل ست عملات عالمية، إلى أدنى مستوى منذ آب (أغسطس) 2008. وقال أليسيرو دو لونغيس مدير صندوق “أوبنهايمر” للعملات إنه لا توجد مؤشرات إيجابية حاليا بالنسبة للدولار.
ويعتبر انخفاض سعر الفائدة من الأسباب الرئيسية لهبوط سعر صرف الدولار بالمقارنة مع ارتفاعها في دول أخرى في العالم. ويتوقع أن يزداد الضغط على الدولار في الأيام المقبلة بعد إعلان مجلس الاحتياطي الفدرالي أن سعر الفائدة قد يظل دون تغيير لعدة أشهر. ومن الأسباب الأخرى التي تزيد الضغوط على الدولار ارتفاع عجز الموازنة.
وقد حذرت مؤسسة “ستاندرد آند بورز” الولايات المتحدة في الأسبوع الماضي من أنها قد تضطر إلى خفض تصنيف الحكومة الأميركية الائتماني في المستقبل من “3 أي”، في وقت تزيد فيه المخاوف من فشل إدارة الرئيس أوباما في إقناع الكونغرس بخفض كبير في الإنفاق لتصحيح وضع الموازنة.
يضاف إلى ذلك ترديد المسؤولين بالصين أن حكومتهم قد تلجأ إلى تنويع احتياطياتها من النقد الأجنبي التي تصل إلى 3 تريليونات دولار بعيدا عن الدولار.
وأشارت صحيفة “وول ستريت جورنال” إلى أن تكديس تلك الاحتياطيات كان واحدا من أسباب زيادة الطلب على الدولار في السنوات السابقة. وقد سمحت الصين في الأسابيع الماضية لعملتها اليوان بالارتفاع مقابل الدولار.
لكن هذه الخطوة قد تمثل تحديين للدولار، الأول هو أنه كلما زاد سعر صرف اليوان قل شراؤها للدولار لتعويض قوة العملة الصينية. والثاني هو أن الدول الأخرى التي تتنافس في التصدير مع الصين قد تسمح أيضا لعملاتها بالارتفاع مقابل الدولار. وقد حثت واشنطن بكين على رفع سعر اليوان مقابل الدولار والعملات العالمية الأخرى من أجل خفض العجز في الميزان التجاري للولايات المتحدة.
لكن الصحيفة تقول إن استمرار انخفاض قيمة الدولار هو سلاح ذو حدين على الاقتصاد الأميركي.
فقد يعود هبوط سعر الدولار بالفائدة على المصدرين الأميركيين بحيث يزيد من تنافسية الصادرات الأميركية. وقد ظهر ذلك جليا في صادرات التكنولوجيا التي انتعشت رغم ركود الاقتصاد. ومنذ بدء الانتعاش الاقتصادي في الربع الثالث من 2009 ساهمت صادرات التكنولوجيا بنسبة 1,4 بالمئة في معدل النمو الاقتصادي السنوي الذي بلغ 3 بالمئة. وتعتبر هذه النسبة العليا في تاريخ القطاع على مدى 18 شهرا. لكن هبوط سعر صرف الدولار يقوض القوة الشرائية للمستهلكين إذا إنه يرفع سعر الوقود المستورد.
وأشارت “وول ستريت جورنال” إلى أن بعض المسؤولين الأميركيين يرون هبوط سعر صرف الدولار نتيجة حتمية لاختلاف سرعة النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة والاقتصادات الناشئة.
وبالرغم من هذا الواقع لم يعط رئيس الاحتياطي الفدرالي بن برنانكي أو وزير الخزانة تيموثي غيثنر أي إشارة إلى أن السياسة النقدية للولايات المتحدة ستتغير.
وبرغم الفائدة التي تجنيها الولايات المتحدة من انخفاض سعر صرف الدولار في دعم الانتعاش الاقتصادي عن طريق تعزيز الصادرات فإن هبوطه يزيد من مخاوف المستهلكين من ارتفاع معدل التضخم وتقويض وضع الولايات المتحدة على الصعيد العالمي. فهبوط سعر صرف العملة الأميركية يزيد من سعر الوقود وبالتالي من المشكلات التي تعانيها الإدارة الأميركية داخليا.
وفي استطلاع أجرته مؤسسة “غالوب” هذا الشهر قال 42 بالمئة من الأميركيين إنه لا توجد لديهم ثقة بأن مجلس الاحتياطي الفدرالي سيتخذ الإجراءات الصحيحة فيما يتعلق بالاقتصاد الأميركي وقال 43 بالمئة إنه لا توجد لديهم ثقة بوزير الخزانة تيموثي غيثنر.
وفي الأسبوع الماضي هبط مؤشر الدولار إلى أدنى مستوى منذ الأزمة المالية في 2008. وقبل بدء الأزمة خسر الدولار أكثر من 40 بالمئة من قيمته مقابل سلة عملات، في هبوط مستمر لمدة ست سنوات متوالية للأسباب نفسها القائمة اليوم. واليوم يبعد الدولار بمسافة لا تزيد عن 5 بالمئة فقط من أدنى نقطة وصلها في آذار 2008 على المؤشر الذي بدأ العمل به عام 1971.
Leave a Reply