قبل أقل من أسبوعين من أدائه اليمين لتولي فترة رئاسية ثانية، يتصرف الرئيس الأميركي باراك أوباما كمن يؤمن بأن لديه تفويضاً شعبياً في هذه الفترة. وكان أحدث مؤشر على ذلك تحدي حملة مكثفة ضد اختياره لوزير الدفاع تشاك هايغل (التفاصيل صفحة ٩). وقد أظهر الرئيس الديمقراطي الذي أعيد انتخابه في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي أسلوباً أكثر تحدياً خلال أزمة «الهاوية المالية» واستغل الفوضى في صفوف الجمهوريين لفرض رؤيته لتفادي «الهاوية المالية». كما أبدى أوباما استراتيجية «صارمة» عندما أصر على المضي في الحد من حيازة الأسلحة بعد مقتل تلاميذ على يد مسلح في نيوتاون بولاية كونتيكيت الشهر الماضي.حيث كشفت صحيفة «واشنطن بوست» يوم الأحد الماضي أن البيت الأبيض يبحث انتهاج طريقة أوسع نطاقا بكثير من مجرد إعادة حظر على بعض الأسلحة النارية. وذكرت الصحيفة أن مجموعة عمل بقيادة جو بايدن نائب الرئيس تدرس بجدية اتخاذ خطوات تتطلب إجراء تحريات شاملة عن مشتري الأسلحة النارية وتعقب حركة وبيع السلاح عبر قاعدة بيانات وطنية.
وتظهر ممارسات أوباما الثقة المتزايدة لرئيس يشعر الآن بحرية أكبر في مواجهة جماعات الضغط وكونغرس جديد دون أن تكون لديه أي مخاوف مرتبطة بالسعي لإعادة انتخابه. وكانت فترته الأولى قد شهدت شكاوى من قاعدته الليبرالية من تهاونه الشديد مع الجمهوريين. ويرى البعض أن أوباما ربما تتملكه الآن ثقة مفرطة في وقت من المفترض أن يسعى فيه لرأب الصدع مع الجمهوريين لحل أزمة سقف الدين القادمة.
ومع اقتراب استحقاق رفع سقف الدين حذر الرئيس باراك أوباما يوم السبت الماضي، في خطابه الأسبوعي من أن الولايات المتحدة لا يمكنها تحمل المزيد من المواجهات بشأن الميزانية هذا العام أو في المستقبل بعد خروجه للتو من معركة تشريعية طويلة لتفادي «هاوية مالية» تتمثل في زيادات ضريبية وتخفيضات في الإنفاق.
وقال أوباما في كلمته عبر الإذاعة والانترنت إن القانون الجديد مجرد خطوة واحدة نحو إصلاح الوضع المالي للبلاد وحل مشكلاتها الاقتصادية. وأضاف «مازلنا نحتاج إلى بذل مزيد من الجهد لإعادة الأميركيين إلى العمل مع وضع البلاد على مسار يقودها إلى سداد ديونها واقتصادنا لا يمكن أن يتحمل المزيد من المواجهات الطويلة أو الأزمات المصطنعة أثناء ذلك». وتابع «حتى مع توفير شركاتنا مليوني فرصة عمل جديدة العام الماضي، بما فيها 168 ألف وظيفة جديدة الشهر الماضي، تسببت سياسة التأزيم المربكة في الكونغرس في زيادة حالة عدم اليقين لدى أصحاب الشركات وتقليص ثقة المستهلكين». وقال أوباما «إذا رفض الكونغرس منح الولايات المتحدة القدرة على دفع ديونها في مواعيد استحقاقها فقد يكون لذلك عواقب كارثية على الاقتصاد العالمي كله لا يمكن لأسرنا وشركاتنا تحمل هذه اللعبة الخطرة مجدداً».
وفي مسار آخر، يرى أوباما أيضا أنه ربما يتمكن من تنفيذ وعده بإجراء إصلاح شامل لسياسة الهجرة. وهو يأمل في انتهاز توجهات بعض الجمهوريين لضرورة التواصل مع الأقلية اللاتينية التي التفت انتخابياً حول أوباما بعد تصريحات قاسية أدلى بها جمهوريون.
ويبدي أوباما كذلك مؤشرات على أنه سيتخذ موقفا صارما في قضايا الحرب والسلام. ويلتقي الرئيس بنظيره الأفغاني حامد كرزاي في البيت الأبيض (مع صدور هذا العدد) ومن المتوقع أن يجعل من قضية الحصانة من المحاكمة شرطا للسماح ببقاء وحدة صغيرة نسبيا من القوات الأميركية بعد انسحاب القوات القتالية من أفغانستان بحلول نهاية 2014.
Leave a Reply