عماد مرمل – «صدى الوطن»
بعد استقالة وزير العدل أشرف ريفي، اتت استقالة وزيري حزب «الكتائب» سجعان قزي (العمل) وآلان حكيم (الاقتصاد) لتزيد الحكومة المنهكة ترنحا واهتراء.. إنما من دون أن تقود الى سقوطها، لأن وظيفتها لم تنتف بعد، وهي التي تمثل، على هزالتها، آخر مظهر دستوري للدولة المسكونة بأشباح الشغور، من القصر الجمهوري المقفل الى مجلس النواب المعطل.
لا يزال «أمر المهمة» الممنوح لهذه الحكومة ساري المفعول، وبالتالي فهي ستستمر في الخدمة بمن تبقى من وزرائها، وإن يكن رئيسها تمام سلام يشعر بأنها أصبحت تشكل عبئاً ثقيلاً عليه.
ويقول سلام لـ«صدى الوطن» انه يترأس الحكومة الأكثر فشلاً وفساداً، معرباً عن اعتقاده بأن الحكم عليها سيكون قاسياً بعد رحيلها، عاجلاً أم آجلاً، مشدداً على أن استمراره في ترؤسها بات بمثابة عقاب له، وموضحاً أنه مضطر الى تحمل هذه العقوبة، حتى يحمي لبنان من المخاطر المحدقة به.
ويلفت الانتباه الى أن رائحة الفساد تنبعث من ملفات عدة، ومعظم الوزراء يتصارعون على مشاريع هنا وهناك انطلاقا من معايير طائفية ومزايدات شعبوية، في حين أن النقاش حول تلك المشاريع التي يطغى عليها الطابع الانمائي يجب ان يستند الى مقاييس موضوعية وعملية، عابرة للطوائف والمذاهب.
وفي السياق ذاته، يلاحظ سلام ان البعض يتعاطى مع قضية النازحين السوريين انطلاقا من اعتبارات فئوية، متوقفا عند مساوئ الخطاب الرسمي المبعثر الذي يُستخدم حيال الدول التي تساعد لبنان، وما يترتب عليه من نشر لغسيلنا الوسخ على سطوح المجتمع الدولي. ويتساءل: لماذا اللعب على أوتار وأحاسيس هذه الطائفة أو تلك، بدل اعتماد قواعد المعالجة الوطنية لقضية النازحين؟
ويلفت الانتباه الى أن مشروعاً انمائياً بامتياز هو سدّ جنة، أصبح مادة للتجاذب السياسي والتحريض الطائفي، وكأنه يخص حصراً طرفاً بعينه، مشيراً الى أن الاعتبارات الضيقة طغت على المعايير البيئية والانمائية التي يفترض أن تتحكم بتحديد الموقف من هذا السد.
ويضيف: كنت أتمنى ألا أكون جزءا من هذه المنظومة، لكنني مضطر الى التعايش القسري معها، لانني لا أستطيع التخلي عن مسؤولياتي في هذا التوقيت الحرج، حيث رئاسة الجمهورية شاغرة والسلطة التشريعية مشلولة، ما يعني ان استقالتي في هذه الظروف ستشكل قفزة في المجهول.
شعور بالقرف
ويشير الى أنه يشعر بقرف شديد مما آلت اليه أوضاع الحكومة، نتيجة التجاذبات المستمرة بين وزرائها، والتي تؤدي في أحيان كثيرة الى تعطيل الانتاجية وشل مجلس الوزراء، موضحا ان هناك أموراً يستغرق النقاش فيها وقتا طويلا، بينما يُفترض ان تُحسم بسرعة.
ويبدي أسفه لكون القوى السياسية التي تتكون منها الحكومة تعتمد المزايدة والسلبية في مقاربتها للملفات المطروحة، من دون الالتفات الى أولوية المصلحة الوطنية العليا. ويضيف: في الجلسة ما قبل الأخيرة للحكومة صارحت الوزراء وحذرتهم من أن الحكومة باتت في مهب الريح تحت وطأة المزايدات والنكايات التي تتحكم بعملها.
ويفضل سلام عدم التوسع في التعليق على استقالة وزيري حزب «الكتائب»، مكتفياً بالتلميح الى انزعاجه من طريقة تصرف الحزب، في هذه المرحلة المفصلية التي تتطلب التحلي بأعلى درجات المسؤولية.
ويلاحظ سلام أن كل طرف يتصرف وكأنه هو المرجعية الحصرية، والحريصة لوحدها على الدولة، لافتا الانتباه الى أن هذا الخلل في الوضع الحكومي هو من نتاج الشغور الرئاسي الذي يجب الاسراع في إنهائه، بعدما أصبحت الأضرار المترتبة عليه فادحة.
ويرى أن تعطيل النظام الديموقراطي ومؤسساته أدى الى ضرب آليات المساءلة والمحاسبة، الأمر الذي شجع البعض على التمادي في عبثه.
ويوضح انه سيستمر، برغم الصورة القاتمة للحكومة، في السعي الى معالجة الأمور بطريقة أفضل، خصوصاً انه «ليست لدي أي مصلحة خاصة أو شخصية، ولكن في اللحظة التي أشعر فيها أن الصبر لم يعد مفيداً، وأن سلبياته أصبحت تطغى على ايجابياته، فإنني سأتخذ الموقف المناسب».
ويعتبر سلام أن الرئيس نبيه بري هو شريكه في الصبر، مشيراً الى ان رئيس مجلس النواب يحاول عبر طاولة الحوار الوطني التي يديرها ان يساهم في كسر الحلقة المفرغة التي ندور حولها جميعا، بفعل الازمة السياسية المتمادية.
ويلفت الانتباه الى ان الناس باتوا تواقين الى التغيير، وقد عكست الانتخابات البلدية الأخيرة بوضوح، هذا المؤشر الذي يجب التقاطه، وعدم اهماله.
الأمن ممسوك رغم تفجير بنك «بلوم»
ويؤكد أن الأمن ممسوك بالاجمال، على الرغم من الاعتداء الذي تعرض له بنك لبنان والمهجر (بلوم)، مشدداً على أن الأجهزة العسكرية والأمنية يقظة، والتنسيق بينها جيد، من دون أن يلغي ذلك إمكانية حدوث خرق هنا او هناك، داعيا الى سلوك سياسي إيجابي يواكب المظلة الأمنية، ومشيراً الى أن الحوار الوطني القائم يساهم في منع الانزلاق الى الفتنة.
ويشدد سلام على أهمية التمسك بالاعتدال للمحافظة على لبنان وحمايته من رياح التطرف، وهذا أمر حيوي ينبغي التمسك، علما أن المعتدل قد يدفع ثمن مواقفه أحياناً.
وفي هذا الاطار، يشيد بالمواقف المعتدلة لرئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري، والتي تعاكس مزاج شريحة من قاعدته الشعبية، داعيا الآخرين الى ان يلاقوه في منتصف الطريق والتخلي عن الخطاب الحاد الذي قد يتفوق مرحلياً، لكنه سيسقط على المدى الطويل، لأن توازنات لبنان وتركيبته الحساسة لا تحتمل الجنوح في الطروحات.
Leave a Reply