عماد مرمل – «صدى الوطن»
صحيح أن عودة الرئيس سعد الحريري الى لبنان، خففت من وهج الرئيس فؤاد السينورة الذي كان غياب رئيس تيار المستقبل يمنحه مساحة واسعة للتحرك والتحكم، إلا ان الصحيح أيضاً هو أن الرجل لا يزال من موقعه كرئيس لكتلة المستقبل النيابية يشرف على ادارة العديد من الملفات الحساسة، إضافة الى انه يستمر في تمثل تياره على طاولة الحوار في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة.
وقد شارك السنيورة بقوة في نقاشات الخلوة التي عقدتها هيئة الحوار في 2 و3 و4 آب، وانتهت الى تأجيل أعمالها حتى 5 أيلول المقبل لاستكمال البحث في امكانية انشاء مجلس للشيوخ بالتزامن مع انتخاب مجلس نيابي خارج القيد الطائفي، وفق النسبية وعلى اساس لبنان دائرة واحدة، لعل هذه الطريق الدائرية تقود الى انتخاب رئيس الجمهورية الذي تعذر انتخابه عبر سلوك «الاوتستراد الانتخابي».
ويقول الرئيس فؤاد السنيورة لـ«صدى الوطن» إن الوضع في لبنان وصل الى درجة من الاستعصاء الشديد، بسبب تمسك كل طرف بمقاربته للاستحقاق الرئاسي وإصراره على مرشحه، لافتا الانتباه الى أن استمرار هذا المأزق لن يؤدي سوى الى إطالة أمد الشغور الرئاسي وبالتالي تعميق الأزمة السياسية، بكل ما يرافقها من عوارض مرضية تظهر على جسم المؤسسات الدستورية المعطلة أو المشلولة.
ويشير السنيورة الى أنه كان لا بد من السعي الى إحداث خرق في مكان ما، من خلال ابتكار مساحة للنقاش، خارج إطار الرمال الرئاسية المتحركة التي ابتلعت حتى الآن جميع المبادرات الرامية الى انهاء الشغور في قصر بعبدا، فكان الاقتراح الاصلاحي الذي تفاعل على طاولة خلوة الحوار الوطني والقاضي بانشاء مجلس للشيوخ يمثل الطوائف بعدالة ويحمي حقوقها وانتخاب مجلس للنواب يكون وطنيا ومتحررا من القيد الطائفي، وفق ما ينص اتفاق الطائف.
ويوضح السنيورة ان أهمية هذا الاقتراح الذي يُفترض انضاجه خلال الفترة الفاصلة عن موعد الجلسة الحوارية المقبلة في الخامس من أيلول المقبل، إنما تكمن في انه يطلق دينامية داخلية، ربما تساهم في كسر حالة المراوحة والجمود في الداخل اللبناني، وصولاً الى إيجاد بيئة مناسبة لانتخاب رئيس الجمهورية، بدلاً من أن نظل في انتظار تطورات الخارج.
ويشدد السنيورة على أن الطرح المتداول يندرج تحت سقف اتفاق الطائف الذي تحول الى دستور ناظم لايقاع العملية السياسية منذ عام 1990، لكن الظروف خلال السنوات الماضية حالت دون تطبيقه بشكل كامل، فلماذا لا نحاول الآن أن نستدرك ما فاتنا، لعلنا نفتح كوة في الجدار السميك، نعبر منها الى التسوية المنشودة.
ويؤكد السنيورة على ان الدستور يجب ان يُحترم، مشيراً الى أنه أداة القياس التي ينبغي الركون اليها في تحديد المواقف والخيارات.. مضيفا بشيء من الحنين: «ما أحلى الرجوع اليه».
ويلفت السنيورة الانتباه الى أن الرئيس سعد الحريري كان قد اقترح طرحا مشابها قبل سنوات قليلة، لكن لم يتم الاخذ به، معرباً عن اعتقاده بان الاتفاق على تأسيس مجلس للشيوخ، يمنح الضمانات والتطمينات الضرورية للمكونات اللبنانية، قد يسهل الطريق أمام التفاهم على قانون انتخاب عصري، ينتج مجلسا نيابيا خارج القيد الطائفي انما من دون كسر قاعدة المناصفة، أما حجم النسبية فهو خاضع للنقاش ولا شيء نهائياً أو محسوماً في هذا الصدد، نافياً أن يكون قد وافق على اعتماد النسبية الكاملة إذا جرى تشكيل مجلس الشيوخ.
لكن السنيورة يعتبر أن الافضل من حيث المبدأ هو التدرج في أخذ جرعات النسبية، حتى يتكيف معها المعنيون، مبدياً اعتقاده بأنه لو سئل الناخبون والمرشحون المحتملون الى النيابة عن معنى النسبية وآليات تطبيقها لتبين ان الكثيرين منهم غير مطلعين على هذا النظام الانتخابي، ولذلك نحبذ عدم حرق المراحل.
ويشير السنيورة الى انه عندما كان رئيسا للحكومة تشكلت لجنة برئاسة الوزير السابق (الراحل) فؤاد بطرس، لوضع مشروع قانون انتخابي، وهي تمكنت بالفعل من التوصل في أواخر عام 2006 الى مشروع مختلط يجمع بين النسبية والنظام الاكثري، وبالتالي لو جرى اقراره في مجلس النواب آنذاك لكان أمامنا قرابة سنتين ونصف من أجل تحضير الارضية له، أما حاليا فلم يعد الوقت يسعفنا كثيرا لان أشهرا معدودة فقط تفصلنا عن الانتخابات النيابية، وبالتالي يجب ان نقارب خيار النسبية بطريقة مدروسة، من دون أي مزايدات متبادلة.
على صعيد آخر، وفي الملف الأمني المتصل بمخيم عين الحلوة الذي يقع قرب مدينة صيدا، في الجنوب، يرى السنيورة ان هناك مبالغات متعمدة في الكلام حول مخاطر أمنية داهمة تهدد المخيم، لافتا الانتباه الى أن وضعه أفضل مما يصوره المتخصصون في التهويل والتخويف.
ويعتبر السنيورة أن هناك تضخيماً مقصوداً للثغرات الموجودة في واقع المخيم الفلسطيني، واضعاً ذلك في سياق محاولة شيطنة المخيم من قبل أصحاب مصالح خاصة او مأجورين لحساب اسرائيل.
ويستبعد السنيورة ان تكون لدى «داعش» أو «النصرة» القدرة على احتلال المخيم، مؤكداً أن لدى كل قواه التصميم على عدم السماح باستخدامه للإساءة الى الوضع الفلسطيني او الصيداوي، وبالتالي أنا لا أتوقع حصول انفجار كبير.
Leave a Reply