يحرص الرئيس نبيه بري في هذه المرحلة على تفعيل نشاط المجلس النيابي، برغم أنه يكاد ينهي «خدمته» الممدد لها، مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية المقررة في شهر أيار المقبل، والتي يبدو أن ايا من القوى السياسية لا يملك الجرأة على المطالبة بتأجيلها مرة اخرى، مع أن اطرافا عدة اكتشفت بعد مساهمتها في اقرار قانون الانتخاب الجديد أن هذا القانون يضر بها ولا يناسب مصالحها.
وتحت وطأة الحسابات الانتخابية وما تنتجه من نزعة نحو الشعبوية لدى الطامحين إلى استعادة مقاعدهم في المجلس النيابي، استفاض معظم النواب من طالبي الكلام أثناء جلسات مناقشة الموازنة العامة خلال الأيام الماضية، في دغدغة عواطف ناخبيهم والضرب على أوتار احتياجاتهم، من دون التوسع في بحث مضمون الموازنة وأرقامها، كما هو مفترض.
ويأتي تنشيط الخلايا التشريعية للمجلس في إطار استنهاض الوضع الداخلي والسعي إلى تأمين انتظامه العام، وسط الرياح الحارة التي تهب على المنطقة وتضع السلطة الحالية أمام تحدي حماية الاستقرار اللبناني وتحصينه، خصوصاً مع تصاعد حدة المواجهة بين المحور الأميركي-الإسرائيلي المتقاطع مع المملكة العربية السعودية من جهة ومحور المقاومة والممانعة من جهة أخرى.
ويقول بري لـ«صدى الوطن» إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يتصرف كمن لا يزال يخوض الانتخابات الرئاسية، وكأنه لم يصدق بعد بأنه أصبح رئيساً للولايات المتحدة.
ويعتبر بري أن ترامب أهدى إيران نصراً مجانياً، بسلوكه المتخبط حيال الاتفاق النووي، مشيراً إلى أن الرئيس الأميركي بات هو المحاصر وهناك اعتراضات على مواقفه من داخل الولايات المتحدة وخارجها، واللافت للانتباه أن الاوروبيين وقفوا إلى جانب طهران ضد محاولة واشنطن التفلت من التزاماتها المتعلقة بالاتفاق النووي.
لقاء كليمنصو
ويشدد بري على أن لقاء كليمنصو الأخير الذي جمعه مع الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط لم يكن موجهاً ضد الرئيس ميشال عون كما روّج البعض، كاشفاً عن أن أعلى منسوب من الكلام الايجابي بحق عون قيل خلال هذا الاجتماع الذي ركز على كيفية تحصين الاستقرار الداخلي ولم يستهدف أي فريق لبناني.
ويبدي بري ارتياحه إلى المسار الذي يسلكه ملف التنقيب عن النفط واستخراجه، موضحاً أن أهم الشركات العالمية شاركت في دورة التراخيص التي أُقفلت قبل أيام.
الحريري ضرورة
ورداً على سؤال حول سبب «الدلال» الذي يلقاه الحريري من قوى «8 آذار» مؤخراً، يجيب بري بسؤال آخر: وهل هناك أفضل من الحريري في هذه المرحلة على مستوى رئاسة الحكومة؟ أعتقد انه لا يوجد بديل عنه حالياً.
ويشيد بري بالمواقف التي اطلقها الحريري مؤخراً بالنسبة إلى ضرورة تحصين الاستقرار وحماية لبنان من التجاذبات الإقليمية والدولية، لاسيما ما صدر عنه من روما قبل أيام, تعليقاً على التصريحات النارية التي أدلى بها الرئيس ترامب ضد إيران.
الهدر والفساد
ويشدد بري على أهمية اقرار الموازنة العامة في مجلس النواب بعد غيابها الطويل، مشيراً إلى أن ذلك سيؤدي تلقائياً إلى تخفيف الهدر والفساد بنسبة تتراوح بين 50 و60 بالمئة، لأن الصرف من خارج الموازنة، من دون حسيب ولا رقيب كما كان يحصل خلال السنوات الماضية ساهم في زيادة معدلات الفساد والهدر بدرجة كبيرة.
ويؤكد بري أن لديه النية والعزم لاطلاق حملة شاملة لمكافحة الفساد المستشري في الدولة بعد إقرار الموازنة. ويضيف: لقد حان الأوان لاجتثاث الفساد من جذوره، وينبغي أن يتم وضع حد لهذا الفلتان، ومجلس النواب يجب أن يواجه الفاسدين والمفسدين.
الانتخابات حتمية
ويجزم رئيس المجلس بأن الانتخابات النيابية ستحصل حتماً في شهر أيار (مايو) المقبل ولم يعد هناك مفر من إجرائها، موضحاً أنه لن يكشف عن أسماء مرشحي «حركة أمل» إلا قبل وقت قصير من إجراء الانتخابات، انسجاماً مع التكتيك الذي يستخدمه في مثل هذه الاستحقاقات، سواء كانت حكومية أم نيابية.
وعن الخطابات «الانتخابية» التي ألقيت من قبل النواب في جلسات مناقشة الموازنة في المجلس، يقول بري: المنبر كان مفتوحاً حتى يدلي كل منهم بدلوه، والمواطنون باستطاعتهم أن يفرزوا الخطباء، وبالتالي أن يميزوا بين المزايدين انتخابياً وبين الآخرين.
Leave a Reply