تكريم حقوقيين ومسؤولين بارزين .. وتضامن مع فلسطين وحرية التعبير في عشاء ACRL السنوي الثالث عشر
ديربورن
تحت عنوان «النضال من أجل العدالة»، أقامت الرابطة العربية الأميركية للحقوق المدنية ACRL حفلها السنوي الثالث عشر بـ«مركز فورد للفنون» في مدينة ديربورن، بحضور حاشد تقدمه مسؤولون رسميون ونشطاء حقوقيون من عديد المجتمعات في منطقة ديترويت، ومن ضمنهم حشد كبير من الفعاليات العربية الأميركية.
الحفل الذي أقيم في 29 أيار (مايو) المنصرم وقدّمه الإعلامي في القناة المحلية السابعة التابعة لشبكة «أي بي سي»، فاراز جافاد، شهد تكريم عدد من الشخصيات الرسمية والقانونية، حيث مُنحت جائزة «الإنجاز في الحقوق المدنية» للمحامي العربي الأميركي شريف عقيل، و«جائزة الالتزام الوطني طويل الأمد بالعدالة» لمسؤول مكتب التحقيقات الفدرالي السابق بديترويت والنائب السابق للمدير الوطني للوكالة، بول آباتي، و«جائزة القيادة المتميزة في العدالة» للمدير التنفيذي لمطار ديترويت الدولي، تشاد نيوتن.
كما منحت «جائزة الصمود في سبيل العدالة» لكل من رئيس مجلس مفوضي شرطة ديترويت داريل وودز، والقائد المجتمعي القس تيفري برنت، والناشط الحقوقي ورئيس مؤسسة «ذا بيبول آكشن» نيغاس فو، لدورهم في خدمة مجتمع الأميركيين من أصل أفريقي والدفاع عن حقوقهم المدنية.
وأجمع المكرَّمون على الدور الفعّال الذي تلعبه المنظمة الحقوقية ومؤسِّسها المحامي نبيه عياد في الدفاع عن قضايا الحقوق المدنية للعرب والمسلمين الأميركيين، وكذلك سعيها الدائم إلى تعزيز العدالة الاجتماعية وخدمة المجتمعات المهمشة في ولاية ميشيغن، وعموم الولايات المتحدة، منذ انطلاقتها في 2011.
عقيل، المحامي المصري الأصل الذي نجح باستصدار حكم تاريخي بإدانة شركة متعاقدة مع وزارة الدفاع الأميركية بالإساءة إلى ثلاثة معتقلين سابقين في سجن أبو غريب وتعويضهم بـ42 مليون دولار، قال إن «الهجوم على الدستور الأميركي في هذه المرحلة أكبر خطراً على أمتنا من هجمات الحادي عشر من سبتمبر»، منتقداً ملاحقة النشطاء المؤيدين للقضية الفلسطينية في عموم الولايات الأميركية.
أما آباتي الذي استقال من منصبه كنائب للمدير الوطني لمكتب التحقيقات الفدرالي قبيل ساعات فقط من تنصيب الرئيس دونالد ترامب في 20 كانون الثاني (يناير) الماضي، فقد أكد بأن خدمته في فرع «أف بي آي» بديترويت منحته فرصة عظيمة للتعرف على مجتمعات العرب والمسلمين الأميركيين في ولاية ميشيغن، واصفاً المجتمع العربي الأميركي في منطقة ديربورن بقوله: «أنتم لستم مجرد أصدقاء أو أشخاص تربطني بهم المودة.. بل يمكنني أن أدعوكم: عائلتي».
وكان الحفل السنوي الـ13 قد استُهل بمقطع مصور تضمن عرضاً لأبرز الدعاوى التي تولتها المنظمة الحقوقية خلال العام المنصرم، بما يعكس التزامها بتحقيق العدالة والمساواة لجميع المظلومين والمضطهدين بغض النظر عن أصولهم وخلفياتهم العرقية، حيث أوضحت المديرة التنفيذية للرابطة الحقوقية، المحامية مريم شرارة بأن ACRL «لا تحتفل هذا العام بأبطال الحقوق المدنية فحسب، وإنما تؤكد واجبها المبدئي بإسماع أصوات من لا صوت لهم»، مضيفة بأن الرابطة هي «جسر بين الصمت والعدالة».
من جانبه، أكد مؤسّس ACRL، المحامي اللبناني الأصل نبيه عياد بأن الرابطة حاربت منذ إنشائها في عام 2011 على الخطوط الأمامية ضد رهاب الإسلام (الإسلاموفوبيا) ورهاب الأجانب، وكانت بمثابة «الدرع الحامي» للمجتمعين العربي والإسلامي وبقية المجتمعات الأميركية وحول العالم.
وأضاء عياد على موقف الرابطة الثابت في دعم الحقوق المشروعة لسكان قطاع غزة الذين يتعرضون منذ 19 شهراً لجرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، مشيداً بشجاعة الحركات الطلابية المؤيدة للقضية الفلسطينية في عموم الولايات المتحدة، وقال: «إن هؤلاء الذين يسعون إلى العدالة يقفون على الجانب الصحيح من التاريخ»، مستنكراً تصريحات بعض المسؤولين الأميركيين التي تحاول وصم المحتجين بـ«العار» و«الغباء».
وأضاف عياد: «إنهم يواصلون وصف ما يجري في غزة بالصراع مرة وبالحرب تارة أخرى، ولكن الحقيقة هي أن القطاع المنكوب قد تحول إلى مسلخ بشري».
المتحدثة الرئيسية في الحفل، عضوة مجلس النواب السابقة في الكونغرس الأميركي عن ولاية ميزوري، كوري بوش، أدانت جرائم التطهير العرقي في قطاع غزة، مؤكدة بأن استبعادها من الكابيتول بعد خسارتها الانتخابات الأخيرة لا يعني تراجعها عن مسؤولياتها في الدفاع عن الاستحقاقات المدنية والدستورية، بل يزيد من إصرارها على مواصلة النضال من أجل تحقيق العدالة وإنهاء الظلم، سواء كانت داخل الكونغرس أو خارجه، وفق تعبيرها.
ولفتت بوش إلى أن «لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية» (آيباك) قد أنفقت زهاء 18 مليون دولار لهزيمتها في الانتخابات بسبب مواقفها المنتقدة لإسرائيل ودعواتها المتكررة لوقف إطلاق النار في غزة، موضحة بأنها ستواصل نضالها من أجل حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، «في غزة والكونغو وديترويت وسانت لويس بولاية ميزوري».
بوش التي خسرت تصفيات الحزب الديمقراطي في سباق مجلس النواب الأميركي في شهر آب (أغسطس) عام 2024، تطرقت إلى الإعصار الذي ضرب مدينة سانت لويس في أواسط الشهر الماضي، ما أسفر عن مقتل عدة أشخاص وتدمير آلاف المباني والمنازل، منتقدة تلكؤ الحكومة الأميركية في مساعدة المتضررين، ومشيرة إلى أن بعض المسؤولين الأميركيين يفضلون إرسال الأموال إلى الخارج، بدلاً من مساعدة المنكوبين والمعوزين في داخل الولايات المتحدة، في إشارة إلى الدعم المالي والعسكري الذي تقدمه أميركا لدولة الاحتلال.
وكان من المقرر أن يكون عضو مجلس النواب الأميركي السابق عن ولاية نيويورك، جمال بومان، متحدثاً رئيسياً في الحفل أيضاً إلى جانب بوش، إلا أن ظروفاً عائلية حالت دون حضوره إلى ديربورن، بحسب مسؤولي الرابطة.
وعلى غرار بوش، خسر النائب الديمقراطي بومان مقعده في مجلس النواب في تمهيديات أغسطس الماضي نتيجة حملة ضغوط واسعة مارسها اللوبي الإسرائيلي (أيباك) الذي أنفق حوالي 25 مليون دولار لدعم منافسه، وذلك بسبب انتقاداته الشديدة لإسرائيل ومواقفه المعارضة لسياسات الاحتلال، خاصة فيما يتعلق بمجريات الحرب الوحشية في قطاع غزة وتداعياتها الإنسانية الكارثية.
وفي ختام الحفل، أكد شون كينغ، الناشط الحقوقي المعروف والمدافع القوي عن العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان، والذي أعلن اعتناقه الإسلام عام 2024 متأثراً بمعاناة الفلسطينيين في غزة، على ضرورة التكاتف والوقوف بحزم من أجل تحقيق العدالة ومحاربة الظلم، مشيراً إلى أن الصمت أمام الظلم يعني المشاركة في استمراره، وداعياً الجميع لتحمّل المسؤولية والعمل الجماعي «لإسماع صوت المظلومين وبناء مستقبل أفضل».
وأشار كينغ إلى التغير الدرامي في موقف الشعب الأميركي من القضية الفلسطينية بسبب الحرب على غزة وما أسفر عنها من جرائم تقشعر لها الأبدان، لافتاً إلى أن الاستطلاعات الأخيرة تظهر بأن 60 بالمئة من الأميركيين يعارضون بشكل كامل جرائم التطهير العرقي في الأراضي المحتلة، مقارنة بـ«10 بالمئة فقط» في ثمانينيات القرن المنصرم.
وأشاد كينغ بمواقف النائبين السابقين بوش وبومان، وقال: «إن مقعديهما في الكونغرس لم يسرقا منهما فحسب، وإنما سرقا من الشعب الأميركي بأكمله»، مؤكداً بأن عدد أعضاء الكونغرس الذين يمكن الوثوق بهم هذه الأيام «لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة».
Leave a Reply