لبنان الباروك وجبل النفايات
والمعدات الاسرائيلية!
الراسبون في الانتخابات أفضل من الناجحين بالرشاوات:
إلى رئيس الجمهورية (الذي يتهرهر دوره المسمى توافقي منذ الإنتخابات المهزلة منذ أن إنحاز إلى جوقة الأغلبية وبالتحديد»القوات اللبنانية« ولم يهتم بالخرق الدستوري السعدي في عملية تشكيل الحكومة) ثم أعلن أنه حردان واعتذرعن التأليف بسبب عدم قبول المعارضة لاستفراده، ورفض ملاحظاتها ثم نسف أسس التفاهم السابق ٥-١٠-١٥. واثراعتذاره المؤسف، الذي ثكل الأمة، أعيد تكليفه بعد مسرحية الاستشارات باصوات ٧٣ نائباً فقط، بعد أن أصدر تصريحاً نارياً بان من لا يسميه سيعامل بالمثل! هكذا تكون الرجال والا بلا. قد يقول قائل إن هذا تسطيح وتسخيف للوضع السياسي اللبناني، وكاتب هذه السطور يقول»بالضبط تماماً«! أصلاً هل هناك »وضع« سياسي لبناني أم أوضاع خارجية واقليمية ودولية في لبنان؟ هل تلاحظون معي أن الحريري درج منذ ما بعد عملية ٧ ايار، التي جاءت لتمنع ١٧ ايار جديد، على إستعمال جملة »في مكانٍ ما« التي يبدو أنه إستعارها من وليد جنبلاط، دولاب اليانصيب الوطني اللبناني، الذي يحاول أن يلعب دوراً توافقياً اليوم لكنه يسمح للخزمتشي النائب ترو أن يهاجم المعارضة هجوماً لاذعاً محملاً اياها مسوؤلية فرط الحكومة. فعلى ما يبدو أن البلد سيبقى يفتش عن حكومته »في مكانٍ ما«.
فقد سمعنا على ماقال الراوي يا طويل العمرأن معادلة السين-سين التي علق عليها الآمال الطوال تحولت شيناً لا زيناً. حين إشتغل الخط الساخن بين سورية والسعودية ارتفعت أسهم الحكومة والوفاق الوطني إلى أن سقطت هذه الأسهم بعد أن انكفأت الرياض لعوامل داخلية تعود لتهديد »القاعدة« لامنها، وعوامل أميركية ومصرية عبرت عنها حملة نوري المالكي التصعيدية المفاجئة ضد سورية (رغم إستنكار وشجب أكثرية الشعب العراقي) ومضي النظام المصري في تقاربه الحميم مع إسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني، ليس اقله إستضافة فرعون مصر على مائدة الافطار الرمضاني المبارك لانجس وأحط مجرم اسرائيلي عرفه التاريخ. إنه زمن الردة والخيبة وايم الله! لعل حسني يتذكرأو يخشى إذا شاهد حتى على التلفاز المصري ذكرى مجزرة مدرسة »بحر البقر« التي أبادت فيها إسرائيل التلاميذ الأطفال عن بكرة أبيهم وامهم، كما فعلت في قانا الجليل! أم أن هموم التوريث أكثر أهميةً من الدين والضمير و…دماء الشعب المصري؟ وكيف يرضى مفتي مصر وشيخ الأزهر (والاول سلم على المجرم شمعون بيريز بحرارة) بان يحل النتن ياهو ضيفاً على مائدة الرحمن ويديه تقطران دماً من أطفال فلسطين؟! مرةً جديدة رحمك الله يا عبدالناصر.
لكل هذه الأسباب مجتمعةً، وللاسف بالرغم من ايتام جون بولتون وأبو حذاء بوش (وللمناسبة مبروك اطلاق سراح منتظرالزيدي الذي، يا للمفاجأة، عذب بشدة في السجن كرمى لعيون الضيف الأميركي الثقيل)، لا يمكن للبنانيين أن يشكلوا حكومة سيادية من دون الخارج. فلبنان الكيان منذ ولادته ونعومة أظافره فاقد للسيادة وما المهزلة التي جرت هذا الاسبوع إلا جزء من المشهد السياسي السوريالي اللبناني.
ولاضفاء مزيد من السوريالية، جاء غيث الدعم لموقف الحريري حول عدم توزيرالراسبين في الانتخابات اللبنانية المعجزة، من بطرك العروبة الأغر (العروبة ليوم واحد فقط) لسبب وحيد هو منع جبران باسيل من العودة إلى وزارة الاتصالات. ويريدون أن يوهمونا أن »البطاركة الموارنة« يتمايزون في مواقفهم عن البطرك »العربي« بسبب بيان ذكروا فيه إسرائيل بالاسم (يا للروعة). هذا البطرك يقف بوجه العماد ميشال عون بسبب تفاهمه مع القسم الأكبر من اللبنانيين مما منع الفتنة بشكل أفضل من »الميثاق الوطني« المقبور (شكراً للتيار الوطني الحر في ميشغن على حفل الافطار الذي أقامه للجالية في قاعة بيبلوس). هذا البطرك صاحب النظرية الفذة أن الأكثرية تحكم والاقلية تعارض وأن على المسيحيين أن ينتخبوا ممثليهم وكذلك المسلمين، أبى إلا أن يدلي بدلوه ويستاء من توزير الراسبين! لنكن واضحين فنعرف السبب حتى يبطل العجب.
سبب الحملة على باسيل أنه أوقف الشبكة الجهنمية الاسرائيلية في الباروك التي قد تدحرج رؤوساً كبيرة، وحرر الهاتف الخليوي من مافيا مروان حماده وشركاه، وربما السبب يعود أيضاً إلى دورٍ »في مكانٍ ما« وإتصالات قد يكشف عنها خلال حرب إسرائيل عام ٢٠٠٦! ثم أن الراسبين في الانتخابات هم أشرف من الناجحين بالرشاوات. ولماذا نسيب لحود الساقط في إمتحان رئاسة الجمهورية والانتخابات الماضية، يحق له التوزير؟ وكيف يكون عقاب صقر أفضل من غيره لا لسبب بل لأنه نجح بالمال السياسي الفاسد؟ إنه لبنان المليار و٢٠٠ مليون دولار مربع!
وعلى سيرة لبنان المالية ومساحة ١٠٤٢٥ متر مربع، الشعارالعبقري لبشير الجميل،أحيت الأشرفية الذكرى السنوية ٢٧ لموته تحت شعار »الأشرفية تركع لله لا لحزبه« مع صورةٍ ضخمةٍ له يبدو فيها كأنه أحد القديسين أو كأنه محرر من طراز سيمون بوليفار (وهو لا يتشارك معه إلا بحرفي الألف والراء). لكن لم يدر في خلد المحتفين أن هذا »القديس« قد ركع لا لله سبحانه وتعالى بل لشارون وإسرائيل وأنه لم يوفر فئاتاً واسعة من الشعب اللبناني من »رحمته« فقتل وذبح ما تيسر من المسيحيين قبل المسلمين وارتكب مجازر فظيعة ضد المسلمين الأبرياء في الكرنتينا والسبت الأسود والنبعة وبرج حمود وألغى »نمور الأحرار« في مجازر الصفرا (مبروك دوري شمعون). حتى عندما كان ولداً يافعاً كان متعطشاً للدماء حيث وجدت جماجم في سيارته. ولو بقي بشير الجميل حياً لكان ألغى فكرة الله والعياذ بالله ووضع نفسه مكانه! بئس بلد يحتفل بقداسة بذكرى مجرم قاتل.
لقد تساءلت وأنا أقرأ الخطبة العصماء لزوجته عما إذا قرأت كتاب الصحفية الأميركية بربارة نيومان التي جاءت إلى لبنان لتأليف كتاب عن الحرب ثم اقامت علاقة غرامية مع بشير كما كشفت في كتابها؟ هذه الزوجة كانت الطاهية المفضلة لأرئيل شارون عندما كان يزور زوجها للتخطيط وتدبيرالمجازر ضد الفلسطينيين، حتى عندما لفظ أنفاسه الأخيرة ظل »بشير حيةٌ فينا« فقام اتباعه بـ»الواجب« بإرتكاب أبشع مجزرة عرفها التاريخ في صبرا وشاتيلا، التي حلت ذكراها السنوية ٢٧ أيضاً في نفس ألاسبوع.
واخيراً لا يمكن أن نختم المشهد اللبناني التجريدي من دون فؤاد السنيورة الذي فقع في الاسبوع الماضي خطاباً مذهبياً بامتياز تمهيداً لاعتذارالحريري الأول. الحقيقة يجب ألا يستهان بالمعدات الاسرائيلية الصنع التي وجدت قرب مكب النفايات في صيدا ومنع الجيش من التحقيق فيها! أتذكرون مكب النفايات التي دفعت السعودية ١٥ مليون دولار للسنيورة أثناء حملته الانتخابية من أجل إزالته؟ لقد فرخ هذا الجبل وتحول إلى ٤ مكبات! بالمناسبة، لم نعد نرى السنيورة الشعبي إبن صيدا وآكل الفول والحمص في مقاهيها بدون كلابه البوليسية، يجول في شوارع المدينة بعد أن انتهت الانتخابات وسرق النيابة من بيت سعد من خلال سلطة الموقع والمال السياسي الذي كانت الهبة السعودية جزء منه !!! أين وعوده البيئية غير تنظيف جيوب الناس؟ وكيف يتمخض جبل النفايات فيلد أربعة أبناء ومعدات إسرائيلية الصنع؟
لبنان الجديد طلع لحم بعجين، فعلاً كما قال زياد الرحباني أيام إلياس سركيس.!
Leave a Reply