لقد إعتمدت «صدى الوطن» منذ إنطلاقتها الإلتزام بالموضوعية والحياد وعدم الإنحياز لطرف ضد آخر إلّا بما يمليه عليها ضمير المهنة والعدالة ومصلحة عموم الناس،
وهي ملتزمة فـي أنْ لا تدخل طرفاً فـي معمعات ومتاهات التحزُّب لفريق ضد آخر خصوصاً فـي خلافات ونزاعات فردية تحرفنا عن طريق الصواب ولا تفـيد جاليتنا وقضايانا العامة فـي شيء. لكن هذا لا يمنع من قول الحق بموضوعية وتجرُّد من كل الأغراض والأهواء، خاصة عندما يصبح الأمر متداولاً والقضية تمس بمستقبل المجتمع بأكمله فلا بد هنا من
الإدلاء بدلونا، لأننا نعتقد أنَّ الساكت عن الحق شيطانٌ أخرس.
فـي آواخر الشهر الماضي، تم توزيع رسائل مجهولة المصدر عن طريق البريد إلى معظم الأسر العربية الأميركية فـي ديربورن هاجمت بشدة قيادة المركز الإسلامي فـي أميركا، وتضمَّنَت توجيه اتهامات خطيرة، من دون
دليل، حول الفساد والزنا وقلَّة التدين المزعوم ضد مرشد المركز السيِّد حسن القزويني ورئيس مجلس الأمناء رون أمين.
ولكن إذا قمنا بتمحيص سريع لهذه الرسائل المشينة، سنجد من السهل الإكتشاف على الفور بأنها تحمل
إفتراءات و مضامين غير صادقة فـي محتواها. فعلى سبيل المثال، تتهم الرسائل أمين بترك الصلاة والصيام خلال شهر رمضان، وتستنتج بناءً على ذلك بانه غير كفوء لتسلم موقع الأمانة العامة فـي مركز اسلامي، وكما أشار أمين نفسه إلى صحيفتنا فـي الأسبوع الماضي، فإنَّ كاتبي الرسائل المجهولين لا يعيشون معه فـي بيته لكي يتيقَّنوا من التزاماته العبادية والإسلامية.
فـي مثال اخر، تدَّعي إحدى الرسائل بـ«أن السيِّد القزويني قد تورَّط فـي زواج مؤقَّت (المتعة) مع امرأة متزوجة ورفض دفع مهر لها، مما يجعل الزواج باطلاً ولاغياً». لقد فات «جهابذة الدين والدنيا» كتاب الرسائل هذه، حقيقة دامغة لا جدال فـيها، أنه لو كانت المرأة متزوجة كما جاء فـي رسالتهم، فإنَّ زواجها المؤقت ليس فقط سيكون حتماً لاغياً وباطلا، بل هو الزنا بحد ذاته. وبذلك يمكن الإستنتاج بأنَّ ملفقي هذه الرسالة لا يعرفون بالإسلام شيئاً ولا يدركون ما يقولون!
إنَّ محتوى هذه الرسائل مثير للسخرية فعلاً، وينبغي ألا تؤخذ على محمل الجد، أما بالنسبة الى توقيع الرسالة من قبل «تجمع الشباب المسلم فـي ديربورن» فإنَّ هذه المجموعة ليست مجهولة النسب والحسب فقط بل إنها وهمية ومن إختراع المؤلف ذاته.
إنه من المؤسف حقاً بأن تصل هذه الإفتراءات التي حملتها تلك الرسائل البريدية الى بيوت الناس أثناء إحياء مراسم عاشوراء وما تحمله تلك المناسبة الأليمة من قيم فـي الأخلاق والتضحية والشجاعة، إنَّ «الشباب المسلم» الحقيقي يرجيء على الأقل إرسال هكذا رسائل إحتراماً لمناسبة جليلة ومقدسة بالنسبة للمسلمين بشكل عام وللشيعة منهم بشكل خاص، بل أكثر من ذلك مما يدل على جهل المرسلين وحقدهم بإن توزع تلك الرسائل عشية الحفل النصف سنوي لجمع التبرعات لصالح المركز الإسلامي، كما وانها تزامنت مع موعد الإنتخابات النصفـية ولكنها تجاهلت ذكرها ودعوة الناس الى الإنتخاب، وهو دليل آخر عن عقم التفكير لدى مؤلفـيها وتدل على عدم إكتراثهم بمصالح الجالية ومستقبلها.
وإذا حدث ووُجدت هذه المجموعة بالفعل وكانت قضاياها مشروعة، فإن طرح ومعالجة هذه القضايا تتم علناً وبكل جرأة وشجاعة، لا بجبنٍ ظاهر عبر التلطي وراء ستارة عدم الكشف عن الهوية وتوزيع التهم والإفتراءات جزافاً بدون وجود الطرف الآخر.
الرسائل التي تم توزيعها باللغتين الإنكليزية والعربية، تطفح بالتهجُّم والإهانات الشخصية وتتناول رجل دين بطريقة تدل على قلة احترام وسخرية فـي آن واحد، واصفةً إياه بإسم «حسون»، كما لو كان طفلاً صغيراً. لذا من الواضح أن تشويه صورة السيد حسن القزويني والناشط القديم رون أمين وضرب أحد أهم المعالم للمسلمين فـي أميركا هو الهدف من وراء هذا الافتئات، وليس النقد الإيجابي الذي يهدف للإصلاح والتصويب.
إنَّ دفاعنا عن المركز الإسلامي كمَعْلَم وصرح
ديني واجتماعي كبير، ضد هذه الرسائل لا يعني ابداً أن المؤسسات الدينية من وجهة نظرنا لا تحتاج إلى
الإصلاح المنشود، بل اننا نعتبر أن المراكز الإسلامية فـي مجتمعنا بحاجة الى مزيد من العمل والعطاء خاصة لمساعدة المحتاجين محلياً، وعليها تقع مسؤولية رئيسية فـي
محاربة الطائفـية والتمذهب اللذين بدأت وتيرتهما بالإرتفاع مؤخراً، وعليها ايضاً تقع مسؤولية بناء الفرد الصالح ليس فقط دينياً بل وطنياً أيضاً، وذلك بتشجيع المسلمين من روادها على المشاركة فـي المجتمع المدني، والإنخراط بالعمل العام وخاصة فـي ممارسة واجب الإنتخاب فـي المواسم الإنتخابية.فـي هذا الشأن، لا توجد مؤسسة فوق النقد الذي يقصد الاصلاح وينشد التطوير ويبتعد عن تهديم البنيان والهيكل فوق رؤوس الجميع.
كما أنَّ هناك فرقاً جوهرياً بين لفت الانتباه والأنظار إلى العيوب فـي المؤسسات او فـي القيمين عليها، دينيةً كانت أو مدنية، وبين النيل من سمعة ومهاجمة قادتها بشكل شخصي وحاقد. فالشتائم لم تكن فـي اي يوم من الأيام دعوة للإصلاح والتحديث كما آنها ليست طريقة لقرع الحجة بالحجة.
لذلك فإنَّ كاتب ومؤلف وملحِّن هذه الرسائل إما عدو يُناصب الإسلام وجاليتنا العداء، أو فرد ينقصه الذكاء والحكمة ويحمل ضغينة ويهدف الى ثأر شخصي، لأنَّ أبسط قواعد الدين الإسلامي العظيم تقول «هاتوا برهانكم إنْ كُنْتُمْ صادقين» ولا تسمح بتشويه وهتك أعراض الناس.
وفـي كلتا الحالتين، هذه الرسائل ليست ذات مصداقية، بل تحريضية وانتقامية وتسبِّب الإنقسام
والفرقة فـي الجالية «ولا تفرقوا فتذهب ريحكم» وهي غير ناضجة ولا مسؤولة وبالتالي لا تستحق قيمة الأوراق التي طُبعت عليها.
Leave a Reply