بغداد – «لقد ذلني أن أرى بلادي تستباح، وبغداد تحرق وأهلي يقتلون». هكذا اختصر الصحافي العراقي منتظر الزيدي رواية ضربه الرئيس الاميركي جورج بوش بحذائه في زيارته الاخيرة الى بغداد في كانون الاول (ديسمبر) 2008، قائلا في يومه الاول خارج قضبان السجن، »لو علم اللائمون كم وطأ الحذاء الذي أطلقته منازل مهدمة بفعل الاحتلال، كم مرة اختلط بدماء الأبرياء النازفة، وكم مرة دخل بيوتا انتهكت حرائرها، ولعلها كانت الرد المناسب«.
الزيدي الذي بدا في لحظة استعادة حريته صلبا وواثقا كثقته عندما رشق بوش بحذائه، حذر من أن الاستخبارات الأميركية »لن تدخر جهدا في ملاحقتي.. في محاولة لقتلي«، مطالبا رئيس الحكومة نوري المالكي بتقديم »اعتذار« له، متهما السلطات العراقية «بتعذيبه«.
وكانت السلطات العراقية افرجت عن الزيدي الأسبوع الماضي، بعد انتهاء المدة القانونية للحكم الصادر بحقه. وذاع صيت الزيدي عندما وقف فجأة وألقى بحذاءيه في وجه بوش، وصرخ »هذه قبلة الوداع من العراقيين يا كلب«، و»هذه من الأرامل والأيتام والذين قتلتهم في العراق«. وأصدرت المحكمة الجنائية المركزية، التي تنظر في قضايا الأمن والإرهاب، في 11 آذار (مارس) الماضي، حكمها بسجن الزيدي 3 سنوات، لكن محكمة الاستئناف خفضت العقوبة إلى سنة، الى ان افرج عنه بعد تسعة اشهر لحسن السلوك.
وتوجه الزيدي، فور خروجه من السجن إلى مكتب قناة »البغدادية« وسط بغداد. وكان يضع وشاحا بألوان العلم العراقي كتب عليه باللون الأخضر »الله أكبر«، وكان كلامه غير واضح بسبب سن مفقود. وتجمع حوالى 40 شخصا، غالبيتهم من وسائل الإعلام، أمام المكتب للترحيب به، وقام احدهم بنحر 3 خراف لدى وصوله. وعند منزله، كانت أسرته ومجموعة من مؤيديه تنتظره بشغف، وعند رؤيته انطلقت الصيحات والزغاريد.
وأشار الزيدي، في مؤتمر صحافي في مكتب »البغدادية«، إلى انه تعرض إلى التعذيب فور اعتقاله. وقال »اطلب من المالكي الاعتذار عن حجب الحقيقة عن الناس، ففي الوقت الذي قال فيه انه لم ينم إلا بعد أن اطمأن علي كنت أتعرض لأبشع أصناف التعذيب من ضرب بكابلات الكهرباء والقضبان الحديدية«. وأضاف »تركوني في الصباح مكبلا في مكان لا يقيني برد الشتاء القارس، بعد أن أغرقوني في الماء منذ الفجر، لذلك سأتحدث عن أسماء الذين تورطوا بتعذيبي وبينهم مسؤولين في الدولة والجيش«.
وتابع الزيدي »ها أنا حر وما يزال الوطن أسيرا، اشكر كل من وقف إلى جانبي من شرفاء في وطني والوطن العربي والإسلامي«. وأوضح أن »ما حرضني على ما فعلته هو الظلم وكيف أن الاحتلال أراد إذلال وطني بوضعه تحت جزمته وسحق رؤوس أبنائه من شيوخ ونساء ورجال«.
وقال الزيدي »اجتاحنا الاحتلال بداعي التحرير لدى البعض، ففرق بين الأخ وأخيه والجار وجاره والولد وخاله وجعل بيوتنا سرادق عزاء لا تنتهي، ومقابرنا صارت في الشوارع والمنتزهات«. وأضاف »لقد ذلني أن أرى بلادي تستباح، وبغداد تحرق وأهلي يقتلون«. وأوضح »كنت أجوب طوال السنوات الماضية في ارض محترقة، وأشاهد آلام الضحايا والثكالى والأيتام والعار يلاحقني، وحين أكمل واجبي المهني، عاهدت ضحايانا بالثأر لهم وقد حانت الفرصة ولم أفوتها«. وتابع »لو علم اللائمون كم وطأ الحذاء الذي أطلقته منازل مهدمة بفعل الاحتلال، كم مرة اختلط بدماء الأبرياء النازفة، وكم مرة دخل بيوتا انتهكت حرائرها، ولعله كان الرد المناسب حينما تنتهك جميع المعايير«. وأوضح الزيدي »أردت بقذف الحذاء بوجه مجرم الحرب بوش، أن اعبر عن رفضي لكذبه، واحتلاله لبلادي«.
ولد الزيدي (30 عاما)، المتحدر من الناصرية، في مدينة الصدر في بغداد، وتخرج من كلية الإعلام في جامعة بغداد، وهو عازب يعيش في احد مباني شارع الرشيد وسط بغداد، وله ثلاثة أشقاء وثلاث شقيقات. وكان عضوا في اتحاد طلاب العراق وحزب العمال الشيوعي قبل أن يحل هذا الحزب نفسه ويندمج مع الحزب الشيوعي.
Leave a Reply