وكالات – «صدى الوطن»
يقف الأميركيون على مسافة أيام قليلة من موعد الاستحقاق الرئاسي التاريخي في الثامن من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، وإذا كانت استطلاعات الرأي ووسائل الإعلام الرئيسية قد كثّفت في الآونة الأخيرة من تقاريرها التي تشير الى اتساع الفارق لصالح المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، فإن منافسها الجمهوري دونالد ترامب واصل حملته الأسبوع الماضي بزخم كبير متعهداً لأنصاره بتجفيف «مستنقع الفساد» في واشنطن واستعادة الأميركيين لبلادهم من الطبقة السياسية الفاسدة التي تمثلها كلينتون.
ولا تزال حظوظ المرشح الجمهوري بالفوز واقعية، حيث كشفت عدة استطلاعات رأي تقدمه في العديد من الولايات المفصلية وأبرزها أوهايو وفلوريدا إضافة الى آيوا ونورث كارولاينا حيث بدأ الناخبون بالادلاء بأصواتهم مبكراً.
في المقابل لا تزال وسائل الإعلام الكبرى، التي يتهمها ترامب بالانحياز التام لحملة منافسته، تشير الى أن حظوظ ترامب بالرئاسة تكاد تكون معدومة، حيث أشار متوسط استطلاعات الرأي المتفاوتة التي أجريت على المستوى الوطني خلال الأسبوع الماضي الى أن كلينتون ستحصل على 45,8 بالمئة من نوايا التصويت، مقابل 39,9 بالمئة لترامب.
وقد أظهر استطلاع للرأي نشرته شبكة «أي بي سي»، الأحد الماضي، أن كلينتون تحظى بـ50 بالمئة من نوايا الأصوات، وذلك في أعلى نسبة تأييد تحرزها منذ بدء الحملة الانتخابية، مقابل 38 بالمئة لرجل الأعمال الثري.
وحسب نتائج استطلاع آخر أجرته شبكة «سي أن أن»، نالت كلينتون تأييد 49 بالمئة مقابل 44 لمنافسها قبل حوالي أسبوعين من موعد الانتخابات.
غير أن استطلاع آخر أجرته «روتيرز-إبسوس» أظهر تمكن ترامب من تعزيز حظوظه في الفترة الماضية، عبر تقليصه الفارق مع منافسته على المستوى الوطني الى أربع نقاط وفق الاستطلاع الذي أجري ما بين 14 و20 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري (44 بالمئة لكلينتون مقابل 40 بالمئة لترامب)، مقارنة بفارق سبع نقاط سجل في استطلاع مماثل أجري بين 7 و13 من الشهر نفسه.
وحسب نتائج استطلاع «بلومبيرغ» التي نشرت الأربعاء الماضي، يحظى ترامب بتأييد 45 بالمئة من ناخبي فلوريدا، مقابل 43 بالمئة لمنافسته.
وتعتبر فلوريدا ولاية حاسمة لأي استحقاق رئاسي، إذ تملك 29 صوتا من أصوات المجمع الانتخابي. كما تشير استطلاعات أخرى الى تقدمه في أوهايو وآيوا اللتين صوتتا لصالح الرئيس باراك أوباما في انتخابات 2008 و2012.
إلا أن مشروع States of The Nation أظهر أن كلينتون تستطيع الحصول على 322 صوتاً من أصوات المجمع الانتخابي مقابل 174 لترامب، مع العلم أن الفائز بالانتخابات يجب أن يحصل على 274 صوتا على الأقل.
وأشارت إلى أن ترامب يواجه مأزقاً كبيراً في ولاية يوتا المعروفة بتصويتها للجمهوريين، وذلك بفعل المنافسة القوية من جانب المرشح المستقل إيفان ماكمولين الذي يلقى دعماً واسعاً في الطائفة المورمونية.
نشاط مكثف لترامب
وواظب ترامب خلال الأسبوع الماضي على نشاطه الانتخابي متجولاً بين العديد من الولايات الحاسمة (أوهايو وفلوريدا وبنسلفانيا ونورث كارولاينا)، حيث أقام في ولاية أوهايو ثلاثة مهرجانات انتخابية حاشدة خلال يوم واحد (الخميس) في مدن توليدو وسبرينغفيلد وجينيفا، حيث كرر أمام الالاف من أنصاره بنود برنامجه الانتخابي الذي يشمل إلغاء نظام «أوباماكير» الصحي، وبناء جدار حدودي مع المكسيك لوقف الهجرة غير الشرعية وتدفق المخدرات، إضافة الى العديد من النقاط الأخرى التي تلقى حماساً واسعاً لدى الناخبين مثل إعادة النظر بالاتفاقيات التجارية الدولية والغاء منهاج التعليم الفدرالي الموحد (كومن كور) وخفض الضرائب على الشركات لخلق الوظائف.
ويوم الأربعاء الماضي قام ترامب بافتتاح فندقه الجديد على جادة بنسلفانيا في واشنطن، بين مبنى الكابيتول والبيت الأبيض، قبل أن يتوجه الى نورث كارولاينا للمشاركة في مهرجان انتخابي حاشد.
ودعا ترامب أنصاره خلال تجمع انتخابي في نايبل بولاية فلوريدا للتوجه بكثافة إلى صناديق الاقتراع للإطاحة بـ«هيلاري الفاسدة». وقال إن «الأرقام رائعة في فلوريدا، لا تصدّقوا وسائل الإعلام»، مخالفاً بذلك الغالبية الساحقة من استطلاعات الرأي التي تشير إلى تقدم منافسته.
ولا يفوّت الملياردير النيويوركي فرصة إلا ويهاجم فيها كلينتون بوصفها «كاذبة» و«محتالة» وبأنها أكثر المرشحين الرئاسيين فساداً في التاريخ، حسب قوله.
وفي السياسة الخارجية، أكد المرشح الجمهوري أن خطة كلينتون بشأن سوريا، سوف «تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة»، بسبب احتمال نشوب صراع مع القوات الروسية.
وكانت كلينتون قد دعت إلى إقامة منطقة حظر طيران و«مناطق آمنة» على الأرض «لحماية المدنيين». ويخشى محلّلون أن تؤدي حماية تلك المناطق إلى دفع الولايات المتحدة إلى مواجهة مباشرة مع الطائرات الحربية الروسية.
كلينتون في نورث كارولاينا وفلوريدا
ومن جهتها، ركزت كلينتون جهودها مطلع الأسبوع الماضي على ولاية فلوريدا الحاسمة حيث احتفلت بعيد ميلادها التاسع والستين بحضور حفل موسيقي للمغنية البريطانية الشهيرة أديل، كما شاركت في تجمع انتخابي حاشد في ميامي اتهمت خلاله، ترامب بـ«تقويض قيمنا الديمقراطية» وبأنه «لم يقرأ الدستور على الأرجح».
وبعد ساعات عقدت كلينتون مهرجاناً آخر في مدينة تامبا، تحدثت عن رؤيتها «المليئة بالأمل والتفاؤل وتوحيد الصفوف» خلافاً لخصمها برؤيته «القاتمة المسببة للانقسام». وتابعت كلينتون «لا أعتقد أن معظم الأميركيين يريدون نوع التغيير القاتم والمسبب للانقسام الذي يقدمه ترامب». ووعدت «بمد اليد الى الجميع» إذا انتخبت.
وكانت وزيرة الخارجية السابقة قد تحدثت الأحد الماضي في كنيسة للسود في دورهام في نورث كارولاينا، مؤكدة أن الفوز في الانتخابات يمر عبر تعبئة شديدة في صفوف الأقليات.
وكان الرئيس باراك أوباما فاز بفارق ضئيل في هذه الولاية عام 2008، ثم خسر فيها بعد أربع سنوات.
وتحدثت كلينتون إلى جانب سيبرينا فولتون، والدة الفتى الأسود ترايفون مارتن الذي أثار مقتله صدمة في أميركا عام 2012، فدعت إلى التنبه لـ«العنصرية الكامنة في النظام» والتي لا تزال على حد قولها منتشرة في الولايات المتحدة.
واتهمت خصمها برسم «صورة كئيبة لأوساط المدن وللمجموعة الافريقية الأميركية» وبتجاهل «نجاح» العديد من السود في جميع الميادين.
وعادت هيلاري كلينتون الى هذه الولاية التي تشهد صراعاً محموماً بين المرشحين للفوز بأصوات ناخبيها، وهذه المرة برفقة السيدة الأولى ميشيل أوباما التي تلعب دوراً أساسياً في الحملة الديموقراطية بسبب شعبيتها القوية ومهارتها الخطابية. وكان هذا أول مهرجان انتخابي مشترك لهما منذ انطلاق الحملة. وقالت السيدة الأولى في خطابها إن كلينتون «صديقتي» مضيفة أنها ترغب أن يدخل البيت الأبيض «من يوحد الأميركيين.. ويقدر ويحترم المرأة».
وقالت كلينتون «أطلب منكم أن تصوتوا من أجل القيم التي نريد نقلها إلى أولادنا»، مشددة على واجب «احترام النساء»، في إشارة إلى خصمها وفضائح التحرش الجنسي بالنساء التي أثيرت حوله.
ومن الملاحظ أن ترامب لا يزال يفتقد الى تأييد مؤسسة الحزب الجمهوري، حيث امتنع كبار ساسة الحزب الحاليين والسابقين عن دعمه، وبينهم رئيس مجلس النواب الحالي بول راين والرئيسان بوش (الأب والابن) والمرشحان الرئاسيان السابقان ميت رومني وجون ماكين، وآخرهم وزير الخارجية الأميركي الأسبق كولن باول الذي أعلن الأسبوع الماضي عن دعم المرشحة الديمقراطية. في حين أن كلينتون تتمتع بالتفاف كامل من الحزب الديمقراطي بما في ذلك منافسها في الانتخابات التمهيدية بيرني ساندرز. كما يساهم الرئيس الأميركي الحالي باراك أوباما بفعالية في حشد التأييد لحملتها، الى جانب زوجته ميشيل، ونائبه جو بايدن، وبالتأكيد الرئيس الأسبق بيل كلينتون ونائبه آل غور.
ترامب في أول مئة يوم رئاسة
ترامب الذي يصرّ على وصف حملته الانتخابية بالحركة الشعبية التي «لم يروا لها مثيلاً من قبل» مؤكداً أن الفوز سيكون حليف الأميركيين الراغبين بالتخلص من الفساد الذي عمّ واشنطن، كشف السبت الماضي في خطاب حاشد ألقاه بمدينة غيتيسبرغ (بنسلفانيا) عن برنامجه لأول مئة يوم له في البيت الأبيض في حال انتخابه رئيساً.
وتعهد المرشح الجمهوري بـ«تجفيف مستنقع الفساد في واشنطن» واستبداله بـ«حكومة جديدة تعمل لصالح الناس»، في اقتباس من خطاب الرئيس السابق ابراهام لنكولن الشهير خلال الحرب الاهلية الاميركية في 1863 في بلدة غيتيسبرغ التاريخية، وصرح أمام الآلاف من انصاره «يجب ان ياتي التغيير من خارج النظام المتهالك».
واضاف «حملتنا تمثل فرصة التغيير التي تأتي مرة واحدة في العمر».
وفي كلمته التي استغرقت 45 دقيقة وكانت معدة مسبقا بخلاف كلماته المعتادة التي كانت ارتجالية، عرض ترامب اقتراحات لاول مئة يوم في الرئاسة.
وتعهد بتوفير 25 مليون وظيفة على الاقل خلال عقد واحد، وخفض الهجرة غير الشرعية وفرض قيود على مدة البقاء في الكونغرس ومنع التمويل الأجنبي للحملات الانتخابية واعادة التفاوض على اتفاق التجارة الحرة في اميركا الشمالية (نافتا) وإلغاء «أوباماكير».
كما قال انه «سيلغي دفع مليارات الدولارات لبرنامج الامم المتحدة للتغير المناخي».
وقال «أنا لست رجل سياسة، ولم اكن ارغب في ان اكون رجل سياسة في حياتي، ولكن عندما شاهدت المشاكل التي تعاني منها البلاد، شعرت أن عليّ أن أتحرك».
Leave a Reply