يتوجه رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، الاثنين المقبل، إلى موسكو، يرافقه وزراء الاقتصاد والمال والزراعة والصناعة والصحة، على أن يلتقي خلال هذه الزيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء دميتري ميدفيديف.
وبرغم أن طبيعة الوفد وجدول الاعمال تمنح الزيارة طابعا اقتصادياً– اجرائياً بالدرجة الأولى، إلا أن ذلك لا يحجب عنها البعد السياسي، خصوصاً أنها تتم في مرحلة تزدحم بالتطورات الإقليمية، وتحديداً على مستوى الساحة السورية التي تتراكم فيها انتصارات الجيش السوري وحلفائه، وفي طليعتهم الحليف الروسي.
وقال السفير الروسي في لبنان الكسندر زاسبيكين لـ«صدى الوطن» ان اللقاء بين الحريري وميدفيديف سيركز على سبل تعزيز العلاقات الثنائية وتفعيل التعاون في المجالات الاقتصادية، فيما سيتناول اجتماعه مع بوتين الوضع الإقليمي وفرص تنشيط التعاون العسكري بين بيروت وموسكو، لرفد الجيش اللبناني بسلاح روسي.
التعاون العسكري
وأشار زاسبيكين إلى أن ما هو مطروح على بساط البحث يتجاوز بكثير اطار الهبة الروسية السابقة التي تعثرت فيما بعد، كاشفاً عن أن الأفكار المقترحة تتصل بتعاون واسع النطاق، على أن تتولى القيادة العسكرية اللبنانية تحديد قائمة الأسلحة المطلوبة ونوعيتها.
ولفت الانتباه إلى أن الحجم الذي ستتخذه المساهمة الروسية في تسليح الجيش اللبناني يتوقف على طبيعة الاطار المالي لهذه المساهمة، موضحاً أن هناك احتمالين في هذا المجال، فإما أن يتم التسليح من خلال قرض روسي وحينها سيصبح هامش الاستفادة من القدرات الروسية واسعا، وإما ان يجري التمويل عبر الخزينة اللبنانية وعندها ستتقلص الخيارات، مشددا على أن اللقاء المرتقب بين بوتين والحريري هو الذي سيحدد إمكان حصول اتفاق عسكري من عدمه.
زيارة رئاسية
وأوضح ان التحضيرات بدأت منذ الآن لزيارة رئيس الجمهورية ميشال عون الى روسيا، بالتنسيق بين الدوائر المختصة في القصر الجمهوري والكرملين، مشيرا الى انه شخصيا باشر في الاعداد للزيارة بناء على تعليمات قيادته.
وأكد ان مبدأ الزيارة الرئاسية بات محسوما، وان حصولها ينتظر اختمار بعض الترتيبات اللوجستية والاجرائية، خصوصا فيما يتعلق ببرمجة روزنامة بوتين واختيار التوقيت المناسب للاجتماع بينه وبين عون.
هواجس نتنياهو
على صعيد آخر، اشار السفير الروسي الى ان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتياهو حاول عندما زار موسكو مؤخرا، ان يقنع بوتين بخطورة اتساع النفوذ الإيراني في سوريا، وهو نبه الى ان طهران ستملأ فراغ الجماعات المسلحة التي تُهزم هناك، الامر الذي سينعكس سلبا على امن إسرائيل، داعيا روسيا الى ان تأخذ المخاوف الاسرائيلية بعين الاعتبار في معرض مقاربتها للعلاقة مع إيران.
لكن زاسبيكين شدد على ان موقف القيادة الروسية كان في المقابل واضحا، وقوامه الآتي: نحن لا نقبل الطرح الإسرائيلي الذي يقوم على هواجس مفترضة. اننا وايران في خندق واحد، نقاتل جنبا الى جنب عدوا واحدا، على قاعدة أولوية مشتركة هي مكافحة الإرهاب، ولا نعتقد ان هناك خطرا مباشرا على أمن إسرائيل، وانتم تستبقون الأمور وتفترضون وقوع احداث قد لا تقع. أن تحالفنا مع طهران مستمر في مواجهة الإرهاب، وهذه هي اولويتنا المركزية التي لسنا مستعدين لتبديلها.
ويعتبر زاسبيكين أنه لا مبرر للمخاوف الإسرائيلية من الحضور الإيراني في سوريا ما دام أنه موجها ضد الجماعات التكفيرية، معرباً عن اعتقاده بأن تل ابيب تتعمد ضخ الأوهام وتضخيمها للاستثمار السياسي ولتخويف الآخرين من الخطر الإيراني، لاسيما في العالم العربي حيث باتت توجد أرضية جاهزة لتلقف خطاب تحريضي من هذا النوع ضد طهران.
رسالة للسعوديين
وبينما يستعد الملك السعودي سلمان لزيارة موسكو، الشهر المقبل، لفت السفير الروسي الانتباه إلى أن بوتين سيطلب من ضيفه أن يستخدم نفوذه للتأثير على اتجاهات المعارضة السورية الخارجية ولدفعها إلى التجاوب مع مقتضيات التسوية السياسية والتخلي عن المطالب التعجيزية التي لم تعد تتناسب مع الواقع. وشدد على أن موسكو ستسعى إلى تحويل الدور السعودي في سوريا من دور سلبي الى آخر إيجابي، يدفع في اتجاه تليين موقف المعارضة التي تموّنها عليها الرياض. وتابع: صحيح ان النتيجة ليست مضمونة، لكن موسكو تعتقد ان الحوار مع السعوديين يظل ضرورياً، خصوصاً أنهم يعلمون بأن اميركا لا تمسك بكل الأوراق في المنطقة، وأن روسيا هي جزء عضوي من التوازن الإلزامي في الشرق الأوسط، إضافة إلى أن هناك مصالح اقتصادية مشتركة بيننا وبين الرياض، خصوصاً على الصعيد النفطي.
Leave a Reply