صخر نصر
سألت الشاب محمد وهو ابن أحد رجال الأعمال فـي ميشيغن ويتبؤا منصبا كبيرا فـي أعمال والده، سألته عن تحصيله العلمي فأجاب أنه أنهى دراسته الجامعية بتفوق باختصاص «سيكولوجي» ومن المحتمل أن يتابع دراساته العليا.
بالحقيقة توقفت كثيرا عند إجابة هذا الشاب الطموح الناجح فـي دراسته، وفـي حياته العملية ،فرغم اتساع أعمال والده،
(اللهم لا حسد) فقد تابع تحصيله العلمي بجد واجتهاد حتى انهى دراسته، وقد كان يعمل فـي
أحد المطاعم التي يملكونها طيلة فترة الدراسة ، ولم يثنه العمل يوما عن إحراز النجاح إن لم يكن التفوق.
التقيت بالكثيرين من أبناء الجالية هنا فـي ميشيغن، معظمهم جاء إلى الولايات المتحدة كطالب علم، ثم ما لبث أن ترك الجامعة وانغرس فـي مضمار العمل وطلب المال معتقدا أن المال هو السبيل الوحيد للحياة، فـي حين تابع آخرون تحصيلهم العلمي ووصلوا إلى مراتب
علمية متقدمة، ومعظمهم يدرس فـي الجامعات أو يعمل فـي وظائف تدر عليهم دخلا محترماً
يؤمن مستقبله ومستقبل أولاده وربما
مايحتاج إذا ما فكر يوما بالعودة يوما إلى الوطن الأم.
للأسف بعض الشباب من أبنائنا ينظرون إلى العلم نظرة مختلفة، فإن نجح أحدهم فـي عمل ما، وصار من أصحاب الأعمال أو فـي الطريق إلى ذلك، فغالبا ما يترك دراسته الجامعية حتى لو كان فـي السنة الأخيرة، معتقداً بأن ما يصبو إليه قد تحقق، وهو جني المال الوفـير، ولا داعي لاتمام الدراسة «المملة» والتي لن تزيد فـي حياته شيئا بل على العكس فإنها تضيع وقته الثمين الذي يدر عليه آلاف الدولارات.
لا أعتقد أن أحداً يختلف معي فـي أن الشهادة العلمية كنز ثمين لدى الإنسان وسلاح لمحاربة الزمن الغدار، فكم من عمل خسر، وكم من شركة أفلست، وكم من تجارة بارت، إلا العلم فهو تجارة رابحة بامتياز، حتى لو لم يعمل الإنسان بشهادته فهي تبقى الأمن والأمان من عاديات الدهر.
قابلت رجلاً ناجحاً فـي ديربورن يوماً فسألته عن أمر لم يفعله وكان بإمكانه فعله ؟ فأجاب بحسرة : أندم على شيء وحيد بأني تركت الجامعة فـي سنتي الأخيرة وانشغلت عنها بالتجارة وجني المال، ولو أني حصلت على الشهادة، ولو لتعليقها على جدار المنزل، ليراها أبنائي وأحفادي ، ويفاخرون بنجاحي العلمي والعملي على حد سواء، فالعلم أولا ودائما هو السلاح الأمضى.
Leave a Reply