ديربورن – خاص «صدى الوطن»
رغم القوانين التي تحمي حقوق الانسان وحق العبادة وتؤكد على اهمية التنوع داخل المجتمع الأميركي لا زالت سياسة التنميط التي تمارسها السلطات الأمنية في المطارات والحدود تثير استغراب وغضب العرب الأميركيين لاسيما المسلمين منهم، لأنها تجعلهم، بنظر البعض، مواطنين من الدرجة الثانية حيث تنتهك حقوقهم المدنية نتيجة القوانين والممارسات المستحدثة بعد أحداث «١١ أيلول» الأليمة والتي لا زال العرب في بلاد العم سام يعانون منها حتى بلغ الأمر بالسلطات بأن تمنع مريضاً مشلولاً من السفر للعلاج بعد إدراجه على «لائحة الممنوعين من السفر».
فقد رفع مكتب «عياد وشركاه» للمحاماة دعوى قضائية لدى المحكمة الفدرالية في شرق ميشيغن ضد مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) ووزارة العدل ومركز مراقبة الإرهاب نيابة عن العربي الأميركي جمال رزق الذي منع مؤخراً من مغادرة الولايات المتحدة جواً بعد أن أدرج اسمه على «لائحة الممنوعين من السفر» رغم وضعه الصحي.
من اليمين: جمال رزق، نبيه عياد وداوود وليد |
ويؤكد رزق، وهو أب لخمسة اطفال من سكان مدينة ديربون هايتس، أنه ليس لديه اي تاريخ جنائي ورغم ذلك تفاجأ بوجود اسمه على قائمة الممنوعين من السفر بدون أن تقدم له أي مبررات للأسباب التي دفعت لاعتباره خطراً على أمن البلاد.
وقضية رزق شبيهة بقضايا العديد من العرب والمسلمين الذين يؤكدون أنهم لم يرتكبوا أيّة مخالفات قانونية وليس لهم علاقات بأيّة مجموعة ارهابية لكنهم وجدوا أنفسهم ضمن قوائم الممنوعين من السفر ويتم توقيفهم كلما سافروا عبر الحدود البرية لساعات دون تقديم أيّ تفسير لذلك.
حاول رزق في بعض المرات السفر الى بلده لبنان من أجل القيام بعملية جراحية لعلاج شلله لكنه منع من السفر من طرف السلطات الفدرالية مما خلق له مصاعب شخصية ونفسية نتيجة منعه من السفر لتلقي العلاج الذي كان من المفروض أن يتم في لبنان، وهو ما دفع جهات حقوقية لملاحقة قضيته أمام المحكمة الفدرالية.
وقد حضر رزق الى جانب محامييه والعديد من الناشطين في مجال الحقوق المدنية مؤتمراً صحفياً أقيم الأسبوع الماضي في مقر «الرابطة العربية الأميركية للحقوق المدنية» في ديربون حضره رئيس «الرابطة» المحامي نبيه عياد والمدير الإقليمي «لمجلس العلاقات الأميركية الإسلامية» (كير-ميشيغن) داوود وليد.
ووضّح رزق خلال المؤتمر أن طبيبه أكد له أن الاجراءات الطبية لا يمكن أن تتم في الولايات المتحدة. ويعاني رزق الذي يبلغ من العمر 54 عاماً من شلل يبدأ من اسفل الصدر وهو مجبر على استعمال الكرسي المتحرك بشكل دائم مما يجعل حتى سفره أمراً صعباً.
وتحاول الدعوى القضائية ان تتحدى قانون الدولة لمنع السفر وكذلك تحدي العراقيل التي يواجهها العرب الأميركيون والمسلمون كلما سافروا.
وقال عياد إنّ قوائم منع السفر تضم حوالي ٤٠٠ ألف شخص في أقل تقدير وعدد كبير منهم هم من العرب الأميركيين.
ولعل الجانب المثير للقلق في حالة رزق وفي كثير من الحالات الأخرى المشابهة هو أن الأشخاص الذين يقع ايقافهم من طرف رجال الأمن لا تقدم لهم التفسيرات الكافية لتوقيفهم أو منعهم من السفر.
«هذه نماذج لما تتعرض له الجالية ولما يحدث للكثير من الأشخاص مثل رزق وهو أمر شائع جداً.. ورزق ليس الموكل الوحيد الذي كان مجبراً على التعامل مع هكذا وضعية»، يقول عياد.
وبدوره قال داوود وليد إن جميع الناشطين في مجال الحقوق المدنية يدعون الإدارة الأميركية وعلى رأسها الرئيس باراك أوباما الى العمل على ايقاف سياسة التمييز والتنميط العنصري التي تمارس ضد الاقليات وهي ممارسة عنصرية بدأ تطبيقها في السنوات الأخيرة.
وأشار وليد الى أن عملية التنميط العنصري تزايدت في أميركا بصفة دراماتيكية منذ تولي أوباما الرئاسة.
وكشف رزق وغيره أنهم كانوا يُسألون من طرف رجال الأمن الفدرالي إذا كانوا من المسلمين الشيعة أم السنة وماهو المسجد الذي يصلون فيه ومن هو إمامه في الصلاة، كما يُسألون ما إذا كانوا يحبون أميركا، وهل عملوا ضمن مجموعات سياسية وما هي تلك المجموعات التي ينتمون اليها. وقد رافق عياد موكله رزق الى المطار في مطلع هذا الشهر وشاهد التمييز والعدائية التي عومل بها وكان عليه أن يتحمل ذلك، وقد أوقف رجال الأمن رزق دون تقديم أي تفسيرات.
ويعيش رزق في الولايات المتحدة منذ عام 1978 وقد أصيب بطلاقات رصاص عندما كان يعمل في محطة بنزين مما تسبب بإصابته بالشلل.
«إن الجميع معنيون بما يحصل وقد تعرضت كثير من المحلات التجارية والافراد من جاليتنا لمثل هذه الأعمال العدائية مما خلق حالة من الوعي العام بخطورة ما يحصل وتنامي ظاهرة الغضب داخل ابناء الجالية نتيجة استمرار تجاهل السلطات للمشكلة». وأضاف «لن نقبل بمعاملتنا كمواطنين من الدرجة الثانية.. لن نقبل أن نُعامل كذلك» قال عياد.
وقد رفع فرع «كير» في ميشيغن بداية هذه السنة دعوى قضائية ضد شرطة الحدود والجمارك (سي بي <ـي) والـ«أف بي آي» بسبب الايقافات المتكررة لأفراد من العرب والمسلمين في منطقة ديترويت على أساس خلفياتهم الدينية عند الحدود الأميركية الكندية لكنهم لم يتلقوا ايّ إجابة من الطرف الآخر لغاية اليوم. وقد رفعت القضية «كير» نيابة عن أربعة مواطنين مسلمين أميركيين يتم استهدافهم على الحدود بشكل دائم دون سبب أو حجة أو دليل عن جرم اقترفوه أو خطر يشكلونه.
وتعرض هؤلاء للتحقيقات الدائمة حول عقائدهم الدينية وعادات عبادتهم، وقد أكدت الدعوى القضائية على انتهاك الحقوق المدنية للمدعين.
ويقول محمد رزق إن والده لم يرتكب أي جرم حتى يصبح خطراً على الأمن القومي فهو لم يخالف القانون يوماً»، وأضاف أن والده سئل اذا كان تلقى أي تدريبات عسكرية «يؤلمني أن أرى حكومتنا تفعل هذا».
ويأمل رزق وعائلته ومحاميه وكل الناشطين في مجال الحقوق المدنية ان تجد قضية رزق وكل القضايا المشابهة حلا سريع يجدوا اذانا صاغية من طرف الادارة الجديدة للرئيس أوباما لوضع حد لسياسات التمييز المنتهجة حالياً ضد العرب والمسلمين.
Leave a Reply